الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
شاليش مختفي! فتش عن بشار
كمال اللبواني

تعودنا من بشار أن يلعب لعبة مزدوجة مع الجميع، فهذه طبيعته وهذا طبعه ... منذ خطاب القسم كان واضحاً أن بشار الشاب الذي يبدي الضعف والسذاجة يخفي بداخله ديكتاتوراً متوحشاً أنانياً يكره الجميع، فكان سلوكه القمعي ضد نشطاء ربيع دمشق أول دليل على ذلك، صدم به أولاً الشعب السوري الذي توقع منه أن يفي بوعوده الإصلاحية عند وراثته لحكم والده بشكل مخالف لدستور الجمهورية السورية، وبالتزامن مع قمعه للحريات داخلياً بعكس خطاب القسم، ودخل الحلف المضاد للإرهاب خارجياً، مع استمرار دعمه لمنظمات وشخوص الإرهاب سراً.


كما كان يبدي الود والطيبة كولد مطيع لشيراك الذي لعب دور الأبوة التعويضية له، والمهتم جداً بالشأن اللبناني، وبذات الوقت كان بشار يقوّض كل أسس دولة لبنان الكبير كدولة عربية مسيحية، وعندما قام باغتيال حليف شيراك وصديقه الشيخ رفيق الحريري، أنكر ذلك بكل صفاقة، فصُدم شيراك كما صُدم غيره من حجم الخديعة التي تعرضوا لها. وجنّ جنونهم وأطلقوا التحقيق الذي اتجه نحو إدانة بشار، ثم تراجعوا عنه عندما خدع الأسد أولمرت وساركوزي وأردوغان وحمد بأنه مستعد لتوقيع اتفاقية سلام دائم مع اسرائيل، ولكنه كسب الوقت ولم يوقّع وهذا أيضاً ما صدم الإسرائيليين الذين دافعوا عنه طويلاً.


كذلك الإيرانيون وحزب الله أصيبوا بالصدمة رغم امتهانهم التقية، عندما سهّل اغتيال رجلهم عماد مغنية، وأزال معالم الجريمة فوراً ليخفي تورطه، كما فعل بمكان جريمة الحريري، وصدموا أكثر عندما تعمّد تسريب معلومات عن مفاعل الكبر للمخابرات الأمريكية والاسرائيلية، لكي يخفف الضغوط عليه، وذلك بنصيحة من القذافي الذي فعلها قبله، مع أهمية وسرية ذلك المشروع الذي بدأه والده حافظ مع ايران، حيث يبنى القسم السلمي في إيران تحت عين الوكالة، ويستكمل القسم العسكري الصغير المتبقي في سوريا سراً لإنتاج قنبلة نووية صغيرة كافية لضمان بقاءه في السلطة هو ونظام الملالي، وردع أي تدخل أجنبي ضد نظامهما. فما كان من إيران إلا أن قتلت يده اليمنى محمد سليمان، الوسيط الذي كلفه بنقل المعلومات ... عندما كان بشار يسافر لطهران وقبيل وصوله للمطار واستقباله بالقبلات هناك وعلى طريقته ذاتها.


أما الأمريكان الذين أيدوا تسلّمه للسلطة مقابل الاستمرار في حصار العراق فقد فوجئوا بأنه أعاد ترميم خطوط التابلاين، وبنى خطوطاً جديدة ليبيع نفط العراق حيث تذهب الأموال لجيبه الخاص، وتغاضوا عن ذلك وعن قمعه للحريات عندما دخل معهم الحلف ضد الإرهاب بعد حادث 11 سبتمبر، وعند غزو العراق خذل بشار صدام الذي وعده بالمساندة، بل سرق كل الأموال والأسلحة التي أرسلها، واعتقل أقرباءه وسلّمهم للأمريكان.


لكن الأمريكيين الذين تعهّد لهم بشار بحراسة حدوده مع العراق، ذهلوا أيضاً من سعيه الحثيث لجمع المجاهدين وارسالهم للعراق محملين بالمتفجرات والسيارات المفححة التي كانت وللمصادفة تفخخ في كسارات ذو الهمة شاليش في الضمير عند مفرق أبو الشامات وبخبرات من كوادر الجبهة الشعبية (أحمد جبريل) بعد قصف موقعهم في طريق التل (عين الصاحب) الذي استعمل لذات الغرض، مئات السيارات التي فخخت هناك وأرسلت مع شبان سوريين لتفجّر في العراق وتدمي الشعب العراقي قبل أن تدمي الإحتلال الأمريكي.


وللمصادفة أيضا فخخت بذات الوقت وذات المكان السيارة التي استعملت في تفجير موكب رفيق الحريري وأرسلت للبنان عن طريق الزبداني ومعسكر حزب الله في نبع بردى الباقي حتى الآن، عشرات المساجد والمشايخ كانت تجمع المتطوعين للجهاد في العراق حتى من أبناء الشعب السوري، ومنهم أبو القعقاع، وبرعاية المفتي حسون شخصياً، وعندما انكشف أمره اضطر النظام لتصفيته، كما صفى شاكر العبسي شريك الزرقاوي في الإرهاب بعد أن استخدمه في لبنان في حادث نهر البارد، ثم أتبع ذلك بتصفية معظم المتورطين في جريمة الحريري تباعاً وصولاً لرستم غزالة ذاته المعني المباشر بذلك الفعل، فهذا أسلوبه وهذا منهجهة، فهو حليف في التحالف ضد الإرهاب وبذات الوقت يؤسس وينظم ويدعم المنظمات الإرهابية، وليست قصة داعش ببعيدة عن ذلك ... ولا ينس أبداً أن يفبرك عمليات إرهابية تطاله لجعل نفسه ضحية الإرهاب الذي يُتهم به ( نذكر هنا حادث السفارة الأمريكية ، ومبنى الأمم المتحدة المهجور، وفرع الأمن العسكري، وتفجير المربع الأمني المفبرك) وكلها من فعل النظام وتدبيره.


بشار يحمي إسرائيل ويرسل لها رسائل الطمأنة ويتمسك بخيار السلام، ثم يتحالف مع المقاومة لكن في دول أخرى، يرسل الصواريخ لحزب الله ثم يطلب منه عدم استعمالها بالحرب خوفاً من انتقام إسرائيل التي هددته في حال استعملها حزب الله عام 2006 في قصف حيفا، كما تهدده اليوم شخصياً في حال شنّت الميليشيات الإيرانية أي هجوم عليها لذلك هو يتعرّض للضربات ويحتفظ بحق الرد لكن من مكان آخر وبأيدي أخرى كالمعتاد.


بشار الأسد الذي مارس كل أنواع الإرهاب ضد شعبه، يظهر على الشاشات ويدعي أنه يحارب الإرهاب، بعد أن زرع مخبريه في قيادة تنظيمات إرهابية ساهم هو في انشائها وتسليحها ومدها بالعناصر، وطلب منها أن تقاتله شكلاً بينما هي تقاتل الشعب السوري وثورته فعلاً، ويرسل لها المخرجين السينمائيين لتصوير أفلام إعدام الصحفيين الغربيين لخداع العالم ... بشار الأسد الذي استخدم الكيماوي ضد شعبه مرات ومرات ولكي ينفي التهمة عنه وبحضور لجنة التقصي في سورية، يستخدمه مرة أخرى في الغوطة ليقول أن المعارضة هي من استخدمته (لاحراجه مع اللجنة)، ويردد أبواقه هذا الكلام وراءه فوراً ... هذه هي شخصية بشار.


الكثيرون يظنون أن ذو الهمة شاليش خرج عن بشار وصار يعمل لصالح الإيراني، لأنهم لا يعرفون بشار، فهو مع الإيراني وضده عندما يكون مع الروسي، ومع الروسي، وضده عندما يكون مع الإيراني ... ذو الهمة هو اليد الخفية لبشار الآخر، كالكثيرين غيره من المقربين، ذو الهمة شاليش يمثل وجه بشار الحقيقي المختفي وراء الأقنعة، ينفذ ما يطلبه منه بشار، وبسرية تامة كي لا يتحمل بشار مسؤولية فعله، بشار الأسد هو من استهدف قاعدة حميميم، وليست إيران وليس ذو الهمة، فقد فعل ذلك لاستنفار الروس وتحريضهم على القصف الهمجي أكثر وأكثر للمدن السورية ... كلما بردت همة الروس أو طلبوا دفعات نقدية، كان يرسل لهم الدرونات لتضرب هنا وهناك ومن منطقة قريبة غير متوقعة هي أيضاً كسارات ذو الهمة شاليش قريبه وحارسه الشخصي، لكن في القرداحة هذه المرة،

بشار حليف بوتين وصبيه المدلل، كما كان صبي شيراك، لكنه الصبي الذي لا يتورع عن نتف لحية من يجلس في حضنه، هكذا يفهم بشار الحياة، وهكذا يفهم السياسة، وهكذا يظن أنه أذكى من الجميع ويستطيع خداع الجميع، لقد قضى عمره منذ صغره على ذلك السلوك حتى مع أقرباءه و أصدقاء شبابه قبل تسلمه للسلطة، الذين صدموا من تعدد شخصياته المتناقضة، ومن انقلابه المفاجئ، الناجم عن شخصية ضعيفة متناقضة تحل مشاكلها بالخداع والكذب والغدر.


ولن يكون آخر من يصدم به حلفاءه وأقرباءه وشبيحته الذين ينقلب عليهم تباعاً ويحاول التهامهم بعد أن وصل به الحال إلى ما وصل ... ومن يدري؟ فقد يبيع إحداثيات تواجد نصر الله ذاته، إذا احتاج الأمر وهدد فعلاً بالخلع عن الكرسي.


فقط لو دققت المخابرات الروسية وتتبعت الضابط الذي أخفاه شاليش، ثم تتبعت شاليش نفسه الذي أخفاه بشار، لتوصلت لبشار ذاته الذي لن يستطيع إخفاء نفسه عندها، لكن من سيخفيه هذه المرة هو بوتين، لأنه يشبهه أو ربما ... لكي لا يظهر أنه أحمق ومغفل كما ظهر شيراك وغيره من قبله؟


شاليش مختفي! فتش عن بشار شاليش مختفي! فتش عن بشار

الشخص الوحيد الذي يفهم حقيقة بشار هي زوجته المدرّبة على يد المخابرات الأجنبية، والتي تعرف خفايا علاقته الغرامية في القصر، وكيفية تخليه عن كل التزاماته بكل سهولة، لذلك هي وعائلتها يهتمون فقط بجمع الثروات وتهريبها للخارج، بانتظار يوم السقوط ... بعد أن سقطت سوريا كلها بفعل ذلك الديكتاتور المجرم، المسؤول الأول والأخير عن كل فعل شائن يحدث فيها ... ( إنه بشار الأسد ) .


كاتب وسياسي سوري

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!