-
سيهانوك ديبو: الحوار بين حزب الاتحاد الديمقراطي والآنكسي يصلح كبداية انطلاق؛ لكن يجب عدم الاكتفاء به
سيهانوك ديبو هو عضو مؤسّس ومدير مركز روج آفا للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حتّى آب 2013، وكذلك عضو في لجنة صياغة العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية، ومستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي، من أيلول 2013، وحتى نهاية العام 2018، إضافة إلى أنّه عضو في الهيئة التنفيذية للحزب وعضو اللجنة التحضيرية ولجنة المتابعة لمؤتمر القاهرة 2015. عضو اللجنة التحضيرية لتأسيس مجلس سوريا الديمقراطية، عضو مجلس رئاسة مسد منذ العام 2019، وعضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر القاهرة (3)، المؤجل بسبب جائحة كورونا، وممثّله في مصر إلى اللحظة. فكان لنا معه هذا للقاء.
س- هل ترون بأنّكم في موقع القوّة (دولياً) في هذه المباحثات مع المجلس الوطني الكردي، وهل لديكم خطّة بديلة في حال فشلت هذه المفاوضات؟
طالما أنّ الطرفين مجتمعان، فإنّ كليهما في موقع القوة. وسيجنيان فيما تجاوزا نقاط الخلاف؛ القوة التي تلزم كل طرف على حدا ووفقاً لخصوصيته، ووفق المسار الذي اتّخذه كل طرف منذ بداية الحراك الثوري السوري المتحوِّل إلى الأزمة كما في الوقت الحاضر. ولأنّه كذلك فإنّ الأسلم لكل الأطراف عدم البحث عن الخطة البديلة. جلوس الكرد إلى طاولة مستديرة واحدة تُعَدّ لحظة سوريّة مهمة بإدراك كردي مهم، وبتداعيات إيجابية محلية وإقليمية وعالمية.
س- سابقاً، جرى أربع اتفاقيات ما بين المجلس الوطني وحركة المجتمع الديمقراطي، وتم فشلها قبل أن تحقّق أهدافها على الأرض الواقع، وربما السبب الرئيس هو الاقتصاد والحدود وعودة البيشمركة، كيف يمكن تجاوز هذه المشكلة ثانية؟
كما حال الأزمة السورية، فإنّ أجزاءها أيضاً تتداخل فيها الإقليمي الدولي مع المحلي الداخلي. ويقيناً فإنّ أحد أهم أجزاء الحل السوري يكمن في توحيد الموقف الكردي، سيكون هذا التوحيد فيما لو تحقق بتداعيات إيجابية ومنعكسات قيّمة على البعد الكردستاني أيضاً. بالرغم من أنّ الملفات التي ذكرتموها في سؤالكم هي مهمة، لكن أعتقد بأن عدم نجاح مساري هولير ودهوك وقامشلو يعود إلى عدم تحقيق تطابق الذات والموضوع أو إنفاذ عاملي الموضوعي والذاتي؛ خلافه نجد اللحظة وإلى حدّ معين بأنّها متوفرة. وهنا وعلى اعتبارنا في شمال وشرقي سوريا جزء مهم من سوريا ومن المنطقة يجب الاستفادة القصوى من الذي حدث في عمر الأزمة السورية بسنينها العشر، وفي الوقت نفسه من تجربة العراق ولبنان وغيرهما؛ وبشكل كبير من تجربة إقليم كردستان العراق بإيجابياتها وسلبياتها، وإذا ما أمعنا النظر فإنّ هذه التجارب كلها تؤكد بأن وجود فصائل أو فصيلين أو قوتين عسكريتين في منطقة واحدة لن تكون السبب في جلب الأمن والاستقرار. لكن حين توفر الإرادة بالذات، فإنّ أيّ قضية وتفصيل مهما كان معقداً، فمن الممكن تدوير زواياها.
س- بما أنّ الكثير من النقاط ضمن لقاءات المجلس مع حزب الاتّحاد الديمقراطي تدور حول منطقة شرق الفرات، ولكن ما هو دور شيوخ القبائل العربية ضمن اتفاقياتكم، وهل هناك بوادر لانضمامهم إلى حوار حزب الاتحاد الديمقراطي،المجلس الوطني الكردي؟
ليست العشائر العربية وحسب، وإنّما الأحزاب السريانية الآشورية والمكوّن اليزيدي وممثلي جميع قوميات الشمال السوري ومكوناتهم لهم العلاقة المباشرة في إنفاذ مثل هذا الإنجاز. ما يجمعنا معهم وبخاصة العشائر وعموم المكون العربي في (شرقي الفرات) له جذور قصيّة في التاريخ، متعايشون مع بعض ونحترم في هذا التعايش خصوصية الآخرين، وبخاصة في الأعوام الخمسة الأخيرة التي امتزج فيها دم الكردي بالعربي، وكلاهما مع السرياني الآشوري في معارك التحرير ضدّ مرتزقة داعش والاحتلال التركي. بالطبع يجب أن لا ننسى مؤسسات وشخصيات المجتمع المدني وإرادة المرأة والشباب في مثل هذا الحوار وإنْ كان في مرحلة لاحقة.
س- لماذا لا نفكر بطريقة أخرى، مثلاً، المجلس الوطني الكردي في سوريا يمثل “هولير، تركيا، الائتلاف”، وحزب الاتحاد الديمقراطي يمثّل حزب العمال الكردستاني، بينما الأحزاب الأخرى أين هو دورهم وما السبل ، كيف لمطالبتهم بالانضمام إلى مشروعكم في الوقت الذي من المفروض الحوار يكون شامل يحتوي مجمل الأحزاب الكردية؟
على الأقلّ أؤكد من على صفحتكم أيضاً، بأنّ حزب الاتحاد الديمقراطي يمثّل نفسه وتاريخه وشهداءه والشراكات التي نسجها طيلة فترة نضاله إلى اللحظة التي وصلها مع شركاء الوطن الواحد كي يبدو بما هو عليه اللحظة. أي بدور ريادي في الإدارة الذاتية أو في مجلس سوريا الديمقراطية كإطار ائتلافي من مجموعة من الأحزاب السياسية العربية والسريانية الآشورية والكردية والتركمانية، ومن مختلف المناطق السورية. كما أنّ له علاقات متوازنة مع الأحزاب الكردستانية قد يتشارك مع أحدها فكرياً أكثر من الآخر. وفيما لو حدث الاتفاق الكامل ونال دعم أي طرف سوري أو كردستاني أو إقليمي أو دولي فإنّه سينظر إلى ذلك بمحط تقدير واحترام. كما أنّ حزب الاتحاد الديمقراطي لا يستطيع القول بأنّه وحده من يمثّل الشارع الكردي في سوريا، حتى لو كان إلى جانبه المجلس الوطني الكردي. فإلى جانبهما توجد أحزاب وشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني. لكن من المؤكد بأنّ لقاء حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي يصلح كبداية، ويجب أن لا تنتهي بينهما فقط، إنما توسيع اللقاء والانفتاح على الجميع حتى نقطة التوافق الذي يعدّ ضرورة موضوعية مهمة.
س- هل لديكم الرغبة بطلب من حزب الوحدة والتقدمي بالانضمام إلى مفاوضات المجلس الوطني وحزب الاتحاد الديمقراطي في ظلّ عدم رضاهم لأنّ المجلس لا يزال ضمن الائتلاف؟
اسمحوا لنا أن نكرر ما قلنا أعلاه. يعدّ الحوار الحالي بين الاتّحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي حواراً سيادياً يصلح، ونظراً لخصوصية وتعقيد الأوضاع أن يبدأ بهما، لكن من المهم أن يتوسع الحوار لأن الجميع معنيٌّ به وبإنجاحه. أمّا حزبا الوحدة والتقدمي فإنّهما يحظيان بمكانة ودور مهم في الشارع الكردي والوطني السوري، ومن الضرورة انضمامهما إلى الحوار ولو في فترة لاحقة في حال تم التوافق على ذلك، وأقصد تقدير ذلك عائد أكثر لمن يجلس اللحظة على الطاولة المستديرة.
س- هل حزب الاتّحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي إذا استطاعوا الاتّفاق سيصدرون موقفاً واضحاً يدينون من خلاله الاحتلال التركي والعمل على إخراج المحتل من المدن الكردية المحتلة؟
بالتأكيد فإنّ أحد أهم أهداف احتلال تركيا لمناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض هو إنهاء كل وجود كردي فيها؛ وجرائم التغيير الديموغرافي من بعد جرائم الإبادة فيها دليل لاحق ملموس عليها؛ لكن يجب أن لا يترك هذا السؤال على عاتق الطرفين وحدهما. هذه مسألة صرف سيادية سوريّة. أيّ جهة سورية كانت كردية أم غيرها ستقبل بواقع الاحتلال التركي وجرائم الجماعات المشغلة فيها؟ لقد قلناها سابقاً، من عند عفرين يبدأ استعادة سوريا أو التقسيم.
س- هل الإدارة الذاتية ستقبل بشروط المجلس الوطني الكردي، وخاصة قبول قوّة عسكرية أخرى، مثل بيشمركة روج آفا كردستان، أن تشاركهم؟
بطبيعة الحال، وفي عمليات الحوار والمفاوضات لا توجد شروط مسبّقة وإنما دائماً توجد ثوابت وطنية. أحد أهم هذه الثوابت عدم السماح أو التهيئة لأجواء فوضى السلاح في مفصلية تعدّد القوات العسكرية. فوجود أكثر من قوة عسكرية وفق التجارب التاريخية الماضية أو المعاصرة الحالية، فإنّه يتحوّل بحدّ ذاته إلى أكبر عائق في طريق التنمية المستدامة، وعرقلة لأي عملية تقدّم. وجود قوتين عسكريتين يعني بمثابة قنبلة موقوتة، حتى لو حدث الاتفاق فإنّه سيكون هشّاً أو بمثابة البناء على رمال متحركة. الأسلم هنا الاحتكام إلى الإصلاح المأمول والتطوير والتعديل والتصويب لكل مؤسسات الإدارة الذاتية. إذْ لم تتدّعي الإدارة الذاتية لحظة بأنّها كاملة؛ على العكس تؤكّد على طول الخط بأنّ نواقص وأخطاء تعتري التجربة يجب التوقّف عندها ومعالجتها.
س– ما هو أبرز نقاط لا تتفقون عليها وسيكون نقطة سلبية في مفاوضاتكم مع المجلس الوطني الكردي؟
مجرّد قبول الأطراف بعضها البعض يعدّ بالخطوة الصحيحة. وكمجلس سوريا الديمقراطية، فإنّنا ندعم الحوار الكردي الكردي في سوريا، ولا أظن بأنّ المجلس سيتوانى لحظة في تقديم كل ما يلزم لتذليل الخلاف، في حال طُلِبَ منه وفي حال وُجِد.
س- المجلس يريد شراكة حقيقية مع الإدارة الذاتية وتجديدها ويريدون توسيعها، هل لديكم فكرة كيف تكون هذا التوسيع؟
ترى الإدارة الذاتية بأنّها نموذج الحلّ السوري القويم، وإنهاء حالة الانقسام الوطني الشديدة التي نشهدها اللحظة. وهي في ذلك تمارس حالة انفتاح كبيرة على الجميع، من المؤكد بأنّها والموقف نفسه مع المجلس الوطني الكردي. ستتقوى الإدارة الذاتية بأحزاب المجلس الوطني الكردي وتتقوّى أحزاب المجلس الوطني الكردي أكثر بالإدارة الذاتية. أما قضايا التوسيع وكيفية التمثيل مرهون إلى درجة كبيرة بضبط الساعات على ميقات اللحظات الاستثنائية التي نعيشها كسوريين وككرد في سوريا.
س- أليس من الأفضل بناء كتلة كوردية خارج الائتلاف والعمل على المطالبة بحقوق الكرد لأنّ المعارضة لا تعترف بكم كشعب كوردي يقيم على أرضه التاريخية؟
الائتلاف لا يمثّل كل المعارضة، واللحظة فإنّ منصّات مهمة من المعارضة تفوقه تأثيراً، وتعترف ليس ادعاءً أو تخفيّاً أو غمغمة بوجوب حلّ القضية الكردية في سوريا على أساس أنّها قضية وطنية بامتياز. هذا موقف منصّة القاهرة، وقد تم تضمين هذه الجزئية في الإعلان المتكامل المهم الذي سيصدر حين عقد القاهرة (3) المؤجّل بسبب الجائحة كورونا، كما أنّ هذا موقف الأصدقاء في منصّة موسكو، وإلى درجة ما في هيئة التنسيق، والمبادرة الوطنية السورية، ناهيكم عن تجمعات وتيارات سوريّة وطنية أخرى. أيّ أنّ المبدأ الأسلم يكمن في اعتبار حلّ الأزمة السورية والقضية الديمقراطية، هي الأكثر إلحاحاً في سوريا، ولا يمكن حلّها أو حتى الحديث عنها في حال لو لم يتم النظر إلى القضية الكردية في سوريا بمثابة الباب الوسيع أو أحد أهم مداخل حلّ الأزمة السورية وفق مساره السياسي.
ليفانت – حسين أحمد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!