الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
سيناريوهات نهاية العالم
أسامة مرشد

أسهبت الكتب السماوية وكتب الديانات الأخرى جميعها تقريباً، في تأكيد حتمية نهاية العالم. ونهاية الجنس البشري. بعد فترة ربما من العدل الإلهي. وما يتبع ذلك من حساب وثواب وعقاب.

وتشير الأساطير والديانات أيضاً إلى أن العالم قد انتهى عدة مرات من قبل. ونحن الآن نعيش طوراً ثانياً وربما ثالثاً او رابعاً. ربما لم تكن نهاية نهائية. لكنها كانت محطة مفصلية في تاريخ الحياة على الأرض.

ويؤكد العلماء أن الأرض واجهت خمس نهايات للأجناس التي تعيش عليها. أي خمس انقراضات كبرى. أي أن العالم انتهى خمس مرات من قبل. ونحن الآن نواجه النهاية السادسة. كيف ستكون هذه النهاية؟ ومتى؟ لا أحد يعلم.

أسوأ سيناريو ربما كان ذلك الذي حدث قبل 250 مليون سنة، حيث انقرض ما يقارب 96 بالمية من الكائنات من على وجه الأرض. كان قبله وجاء بعده أحداث مشابهة.

ويشير علم المستحاثات إلى أن أسلافاً للبشر عاشوا في بعض الأماكن المتفرقة ثم انقرضوا، ربما البشر تطوروا عنهم. وربما هم نوع جديد على الأرض.

كم من هذه النهايات عاصرها البشر. أو أسلافهم؟ حقيقة لا نستطيع تقديم إجابة علمية عن هذا السؤال. لكن من جانبه اعتبر العالم وليام كينج أن إنسان نياندرتال هو نوع بشري منقرض. لكن من ناحية أخرى تؤكد الديانات السماوية، انقراض للجنس البشري في قصة الطوفان، وإنقاذ النبي نوح للإنسان وللأجناس الحيوانية جميعها.  

ورغم أن أوروبا واجهت أوبئة كادت أن تقضى على حياة البشر فيها. فان احتمالية انتهاء الجنس البشري. كانت فكرة مرفوضة قبل أربعة أو خمسة قرون. أو ربما لم تكن لتطرح بجدية. لكن بحلول القرن السابع عشر والثامن عشر أصبحت فكرة أن الأجناس يمكن أن تنقرض فكرة مقبولة نسبياً. وفي عام 1800 حدد العالم جورج كوفييه. 23 نوعاً كان قد انقرض.

 الانقراضات السابقة. أو لنسمها النهايات السابقة للحياة على الأرض. استطاع العلماء تحديد أسبابها بدقة أحياناً. وبترجيح أحيانا أخرى. منها ما كان سببه البرد الشديد. أو العصور الجليدية الطويلة. وهذا كان إما بسبب انحراف في محور دوران الأرض. أو في تناقص البقع الشمسية الدوري. ومنها ما كان بسبب نيازك عملاقة ضربت الأرض في عدة أماكن. أو ربما في مكان واحد. وهذا يرجح أنه كان سبب انقراض الديناصورات. ومنها ما كان بسبب تسرب أشعة غاما إلى الأرض نتيجة لانفجارات عملاقة في الكون.

إذاً يمكن لنا الآن تحديد أسباب الانقراضات بشكل عام، فهي أما النيازك الكبرى.  انقطاع سلاسل الغذاء. نقص الأوكسجين. أو التغير المناخي.

تحدد الكتب السماوية أن النهايات السابقة للبشر كانت بسبب انتشار الشرور بكل أنواعها. والابتعاد عن عبادة الله. وتؤكد أن ذلك سيحدث مرة أخرة ولنفس السبب.

يمكن لنا أن نفهم كلمة الشرور، على أنها التفكير السلبي والأطماع عند البشر الذي سيقود حتما إلى الحروب والمجاعات. والدمار، وفعلاً شكلت الحرب العالمية الأولى والثانية تحذيراً حقيقياً للبشر باحتمالية انتهاء الحياة على الأرض بسبب الإنسان. كانت الحرب الأولى حرباً كيماوية مات فيها الملايين من البشر اختناقاً بمواد غريبة جداً. وجاءت الحرب الثانية لتعزز قوة الشر التقنية ولتؤكد للناس أن الجنس البشري سينهيه البشر، وأن العدو الأول للإنسان هو الإنسان نفسه. وبعد عدة عقود من ذلك التاريخ سندرك أيضاً أن الإنسان هو عدو الطبيعة، ومخربها ومدمرها الأول.

بعد التفجير الأول للقنبلة النووية. وما تلاه من تسابق عالمي في امتلاك هذه السلاح الفتاك. ازدادت وترسخت مخاوف البشر من قرب انتهاء الجنس البشري. وبعيد انتهاء الحرب الثانية. آمن غالبية البشر أن حرباً عالمية ثالثة يمكن لها فعلاً أن تقضي عليه.

كتب الصحفيين والكتاب والعلماء في جميع أنحاء العالم محذرين من ذلك، وترسخ هذا الاحتمال أكثر وأكثر بعد اكتشاف ظاهرة الشتاء النووي وهو نتيجة حتمية للحرب النووية المفترضة، تؤكد دراسات غير رسمية استقصائية، لعلماء من شتى أنحاء العالم، نوقشت أبحاثهم في المؤتمر الدولي للمخاطر الكارثية المنعقد في جامعة أوكسفورد عام 2008، إن احتمالية انقراض الجنس البشري في القرن الحادي والعشرين تقترب من الـ 20 بالمئة.

إذا الأمر لم يعد مزحة بعد الآن.

لم يحدد العلماء سبباً واحداً للانقراض المحتمل. بل أسباباً عدة. الحرب النووية هي سبب من بين عشرات الأسباب الأخرى.

ومن بين أكثر الأسباب غرابة. والذي أصبح يطرح نفسه بقوة في خضم هذه الأسباب. هو الذكاء الصناعي. لكن كيف ومتى ولماذا سيكون هذا خطراً على الجنس البشري. سؤال يؤرق الجميع ويفرض نفسه بقوة هذه الأيام.

السؤال الجدي الآن. كيف ستكون الحياة قبل هذا الانقراض أو ما قبل النهاية. وكيف ستكون النهاية، وهل من ناجين؟  وكيف ستكون حياتهم بعد ذلك؟

إذاً الأرض ستعاني من تدمير هائل وربما انقراض لكثير من الأنواع. ومنهم البشر في المئة سنة القادمة. أنه قرن من الزمن. ستحدث خلاله أحداثاً كثيرة، وستتغير الحياة برمتها، لكن السؤال بأي اتجاه سيتم هذا التغيير؟

 طالما احتوت الأساطير على خيالات ورسم لعوالم وظواهر سحرية. وكثير من هذه الظواهر أصبح حقيقة تعاش. منها الطيران. والتحدث والتواصل عن بعد. والرؤية عن بعد. وكثير غيرها.

 جهدت السينما العالمية ومن قبلها الأدب العالمي. في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين محاولة رسم ملامح الحياة على الأرض في المستقبل، وتصوير نهايتها، تعددت الأفكار والتصورات وصار من الصعب ملاحقتها والإحاطة بها.

أفلام كثيرة صورت الحياة في القرن الحادي والعشرين. وها نحن الآن نعيش هذه الحياة. نعيش جزءاً من تصوراتهم وخيالاتهم تلك، لكن كيف ستكون الحياة في نهاية هذا القرن؟ وكيف ستكون النهاية؟ 

سنحاول في هذه السلسلة من المقالات رسم تصورات للعالم في السنوات القادمة. من جميع الجوانب. سنتحدث عن جميع الافتراضات.

سنحاول رسم تصورات لنهاية العالم. وكيف ستكون الحياة بعدها. ومناقشة جميع الاحتمالات.

أسامة مرشد

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!