الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
سيناريوهات نهاية العالم 5
أسامة مرشد

قالت لي سيدة تبشر بطائفتها الدينية، في معرض اقناعي للانتماء إلى طائفتها، قالت: إن الله ابتلى البشر بالموت، لكنه يعد بالخلود حتى على الأرض، لعباده الذين ينتمون لطائفتها.

فكرة الخلود كانت ولا زالت الهاجس الأساسي لكل الأديان والأساطير القديمة، مع أن الموت هو الحقيقة الوحيدة ربما على هذه الأرض، لكن الأديان تعد بالخلود في مكان آخر، وللناس الصالحين فقط، لكن يبدو أن الأمر سيختلف في المستقبل القريب، ربما سيصبح الخلود أمراً حقيقياً على الأرض، لكن أيضاً لن يكون متاحاً لكل البشر، للنخبة فقط، ليست النخبة الصالحة، لكن النخبة الثرية ربما، أو لنقل السوبر ثرية.

تنبئ الأبحاث الحديثة، عن إمكانية تحقيق ذلك خلال العقود القادمة.

ازداد متوسط عمر البشر خلال المئة سنة السابقة أكثر من عشرين سنة.

رغم اختلاف المدارس الطبية كثيراً هذه الأيام، ورغم تنافض المعلومات الطبية المنشورة على الشبكة العنكبوتية، لكن حقيقة تطور الطب وتسارع الاكتشافات الجديدة لا ريب فيها.

يتطور الطب في القرن الحادي والعشرين في عدة اتجاهات، من خلال إنجازات الكيمياء الحيوية المبهرة، ومن خلال إنجازات علم الأعصاب والكهرباء الدماغية، ومن خلال الخلايا الجذعية التي فتحت أبواباً جديدة لترميم الأعضاء المتهالكة في جسم الانسان.

الأدوية الجديدة ستتغلب على الكثير من الأمراض، لكن رغم الإنجازات المحققة، والتي ستتحقق، لكن الطب سيتجه اتجاهاً مختلفاً وربما قد بدأ بذلك في الكثير من المختبرات الطبية عبر العالم، فالآن المنطق الجديد في الطب ليس معالجة المرض، بل خلق التوازن البيولوجي في جسم الانسان ليستطيع الدفاع عن نفسه ضد كل الأمراض.

مثلاً لن ترسب الشرايين الكوليسترول بعد الآن، ولن نحتاج لأدوية الكوليسترول، قريباً، سيعالج الجسم ذلك طبيعياً، وكل أمراض الكوليسترول ستصبح من الماضي.

هذا منحى من التطور سيكون طبيعياً ومنطقياً، لكن هناك منحى آخر تتسارع فيه الخطى بشكل غير مفهوم، والمقصود هنا هو الاستنساخ.

في فيلم الحديقة الجوراسية، ومن خلال الحصول على عينة من DNA  لخلية ديناصور منقرض، تم استنساخ ديناصور كامل.

الاستنساخ البشري ربما أصبح قريب المنال، في فيلم "أنا لست أنا" يتم استنساخ مايلز، ويعيش الاثنان التنافس فيما بينهما على الزوجة، فالنسخة الجديدة من مايلز لديها نفس المشاعر ونفس الذكريات مع الزوجة، لذلك هو يعتقد أنها له، يقرر الاثنان قتل أحدهما الآخر، لكن بعد صراعات طويلة يقرر الاثنان العيش معاً بسلام.

سيصبح استنساخ نسخة أخرى من أي انسان أمر سهل المنال، لكن السؤال كيف ستكون الأنظمة الحاكمة لهذا الاستنساخ.

الكثير من أثرياء العالم جمدوا أجسادهم بغية اعادتها من جديد بعد تطور العلم ليصبح قادراً على معالجتهم، ربما نستطيع فهم هذا الأمر، لكن لنتخيل مثلاً انه يمكننا إعادة أهلنا وأصدقاءنا الى الحياة مرة أخرى، عبر استنساخهم، واعادتهم إلى الحياة مرة أخرى، وستعج الأرض بكل من كان حياً فوقها، وكأنه يوم الحشر، لكن التكلفة العالية لعملية الاستنساخ ستجعل من الصعب حدوث ذلك، لكن الأمر سيكون سهل المنال بيد الأثرياء.

في فيلم عفريت مراتي، لشريف سلامة ورانيا منصور يقوم خبير برمجيات باستنساخ نسخة الكترونية لأفكار وذكريات زوجته، وعندما تموت، يقوم بإحيائها عبر هولوغرام لتعيش بينهم من جديد، مجازياً مثل روح تهيم في المكان وتعيش بينهم، فكرة غريبة جداً، لكنها ستصبح متاحة ربما قريباً، سنستطيع حفظ أفكارنا وذكرياتنا  كنسخة الكترونية، ويمكننا استرجاع من يموت من اقربائنا ليعيش بيننا، تبدو هذه الفكرة شاعرية وليس خطيرة، لأن من سيعيش هذا لن يكون صاحب جسد ولن يتطور ولن يكون ذا تأثير حقيقي على حياتنا، سيكون الأمر كما لو أننا نحتفظ بصور فيديو لهذا الشخص، حتى وان تحدث معنا، لكن لن يكون الأمر أكثر من ذلك.

تطرح مسألة استنساخ البشر أسئلة أخلاقية ووجودية كثيرة، سيكون لزاماً علينا الإجابة عليها، أو ربما التعايش معها على الأقل.

لكن الاستنساخ لن يدوم طويلاً لأن البشر ربما لن يحتاجون لذلك، فالأثرياء ونتيجة لتطور العلم سيعيشون طويلاً، والفقراء لن يستطيعون تحمل تكاليف الأمر.

وبما أن البشر سيعيشون طويلاً، أذا فكرة مؤامرة المليار الذهبي التي شاعت في الثلاث السنوات الأخيرة، والتي قيل إنه يخطط لها أثرياء العالم وكبار علمائه، ربما تصبح ضرورة ملحة في يوم قريب.

سيصبح من الضرورة الحد من تكاثر البشر، وهذا ما نراه قد بدأ فعلاً في الكثير من بقاع الأرض، وأنصار نظرية المؤامرة يرون في ذلك بداية لإنجاز المخطط الشيطاني لتحقيق المليار الذهبي كما يسمونه.

العالم يسير بخطى مجنونة نحو آفاق غير معلومة.

 ان لم ينتهي العالم قبل ذلك، كيف ستكون الحياة بعد مئة سنة من الآن؟

ليفانت: أسامة مرشد

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!