الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
سقوط المؤسسات الإعلامية أمام الكورونا
محمد محمود بشار

من الذي يتحدّى الكوروونا؟


في زمن الكورونا لا وجود للرحمة. إنه الخوف فقط من موت مفاجئ ومن دون دفن لائق ومراسم عزاء. طبعاً هذا الكلام ينطبق على معظم الدول والمؤسسات والأفراد، باستثناء عدد قليل جداً، كانوا قد مارسوا الرحمة قبل ظهور هذا الفايروس المستجد. سقوط المؤسسات


سيسقط الكثير، ولكن ستستمر البشرية بشكل محتلف عما كانت عليه قبل هذه الحرب.


كما يتضح من خلال الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي فإن المؤسسات الإعلامية هي من بين أكثر المؤسسات نشاطاً في زمن الكورونا، ولكن حقيقة الأمر مختلفة تماماً. فأغلب هذه المؤسسات سقطت كما سقط الآلاف من البشر أمام سطوة وخطورة هذا الفايروس الصغير جداً بحجمه.


تعامل الاعلام مع هذه الحرب كتعامله مع غيرها من الحروب السابقة والمعاصرة، فكان الخبر المتعلق بهذه الجائحة، كما الخبر الذي يتناول التفجير الانتحاري أو الزلازل العنيفة وحوادث وسائط النقل القاتلة، حيث يتمّ التركيز على عدد الضحايا والقتلى فقط.


هذا الاعلام الذي كان يسيل لعابه أمام رقم الموتى وكلما ازداد هذا الرقم ازدادت أهمية الخبر واحتلّ الصدارة في نشرات الاخبار، هو نفسه الذي يتعامل بنفس المنطق مع هذه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها البشرية كاملة.


أرقام الكورونا على شاشات أكثر القنوات تطوراً ومهنية أصبحت كأرقام البورصة ونتائج الانتخابات في البلدان الديمقراطية، فبات الإنسان مجرد رقم في منطق القنوات الاعلامية والتي أدخلت الرعب إلى رئة المواطنين وقلوبهم قبل وصول الفايروس إليهم.


سيتشكل إعلام جديد بعد حرب الكورونا، لأن أغلب المؤسسات الإعلامية سقطت في فخ النمطية وعدم وجود استراتيجية خاصة للدخول في أكبر معركة عرفتها الألفية.


القنوات والمؤسسات الإعلامية الكبيرة والتي تُدار من قبل كبرى الشركات وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة في العالم، كانت متخمة بأرقام القتلى والموتى وأسيرة النمطية المتوارثة، لذلك كان سقوطها مدوياً أكثر من دوي سقوط المؤسسات الطبية وشركات الأدوية العملاقة.


العالم الذي يلي كورونا، سيكون مختلفاً كثيراً عن العالم قبل الكورونا، وسيتغير الاعلام كما غيره من القطاعات، حيث سيكون متواضعاً أكثر وبنفس الوقت سيكون أكثر قرباً إلى الحياة والبسطاء من الناس، من قربه إلى الموت وتجار الأزمات. سقوط المؤسسات


والسبب واضح جداً، فقد أعلن كورونا موت القنوات التلفزيونية، لأنّ من سيخرج حياً من هذه المعركة، سيبقى ليتذكر الى الأبد بأن هذه القنوات هي التي ساهمت بفتح الطريق أمام هذا الفايروس الحقير، ليدخل الى عقل كل البشر قبل دخوله إلى منازلهم وأجسادهم المنهكة.


وللإجابة على السؤال الذي جاء في المقدمة، فإن اللذين كانوا خارج معادلة الكبار قبل ظهور كوفيد-19، سيبدون مقاومة أكبر وبذلك ستتغير خارطة القوى في كافة أنحاء العالم.


ليفانت - محمد محمود بشار ليفانت

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!