الوضع المظلم
الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • سبتة ومليلة وجهة المهاجرين.. نقطة خلاف مؤجلة بين إسبانيا والمغرب بعد توطد العلاقات

  • مقابر جماعية للمهاجرين في مليلة
سبتة ومليلة وجهة المهاجرين.. نقطة خلاف مؤجلة بين إسبانيا والمغرب بعد توطد العلاقات
إسبانيا والمغرب بعد توطد العلاقات

ما تزال قضية الجيبين سبتة ومليلية محط خلاف بين إسبانيا والمغرب، بالرغم من التوصل إلى اتفاق مصالحة مع المغرب، حيث طُبّعت العلاقات بين البلدين، في مارس الماضي، بعد نزاع دبلوماسي دام نحو عام، على خلفية سماح مدريد لزعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، بدخول أراضيها للعلاج وهو ما أغضب الرباط.

يصف المغرب سبتة ومليلية بالمحتلتين، في حين يعرفهما باقي العالم كجيبين إسبانيين في شمال إفريقيا.

وهما يمثلان الجزء الوحيد من الأراضي الأوروبية في البر الإفريقي، وهو واقع سياسي وقانوني لم يعترف به المغرب قط، واستمر في المطالبة باستعادتها بجانب أربعة جيوب أخرى صغيرة في البحر المتوسط، وكلها تقع في شريط مضيق جبل طارق الضيق.

تشهد المدينتان منذ أعوام  محاولات دخول يقوم بها آلاف من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الساعين إلى بلوغ أوروبا، إلا أن محاولة هذا العام كانت دامية، حيث قتل 23 شخصاً على الأقل.

ويوم الجمعة الفائت، 24 يونيو، لقي 23 مهاجراً على الأقل حتفهم وأصيب 140 شرطياً، وفقاً للسلطات المغربية، خلال محاولة دخول نحو ألفي مهاجر جيب مليلية.

هذه الحصيلة هي الأعلى على الإطلاق خلال المحاولات الكثيرة التي قام بها مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء لدخول مليلية وجيب سبتة الإسباني المجاور، وهما الجيبان الإسبانيان الواقعان شمال المغرب، واللذان يُشكّلان الحدود البرّية الوحيدة للاتّحاد الأوروبي مع القارة الأفريقية.

تنديد وتبرير

ودعت الأمم المتحدة، الثلاثاء 28 يونيو، إلى إجراء تحقيق مستقل في الحادثة. وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رافينا شمدساني، للصحفيين في جنيف، "ندعو البلدين إلى ضمان إجراء تحقيق فعال ومستقل كخطوة أولى نحو تحديد ملابسات الوفيات والإصابات وأي مسؤوليات محتملة".

من جانبه، ندّد الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بلجوء المغرب وإسبانيا نهاية الأسبوع الماضي في مليلية إلى "استخدام مفرط للقوة" ضد المهاجرين، مضيفاً "هذا غير مقبول" و"يجب التحقيق" في هذه المأساة.

وكان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، التشادي موسى فقي محمد، قد استنكر، مساء الأحد 26 يونيو، "المعاملة العنيفة والمهينة للمهاجرين الأفارقة"، داعياً إلى "تحقيق فوري في هذه القضية".

وانضمت إلى رئيس المفوضية الأفريقية، حوالي خمسين منظمة تدافع عن المهاجرين بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة الإسبانية غير الحكومية كاميناندو فرونتيراس.

وقالت المنظمات في بيان مشترك "موت هؤلاء الشباب الأفارقة... ينبهنا إلى الطابع المميت للتعاون الأمني بشأن الهجرة بين المغرب وإسبانيا".

وتعدّ محاولة الدخول الجماعية إلى مليلية هي الأولى منذ تطبيع العلاقات في مارس بين مدريد والرباط بعد نزاع دبلوماسي دام نحو عام. والهدف الرئيسي من هذا التطبيع بالنسبة لمدريد هو ضمان "تعاون" الرباط في التصدي للهجرة غير النظامية.

اقرأ أيضاً: القضاء المغربي يستجوب 65 مهاجراً على خلفية أحداث مليلية

ودافع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عن طريقة تصدي الشرطة المغربية والإسبانية لمهاجرين بوصفها  "الهجوم على حدود إسبانيا". فيما ألقت السلطات المغربية باللائمة في سقوط قتلى على "حادث تدافع" صبيحة الجمعة، حيث حاول مئات الأشخاص تسلق أو اختراق السياج الحديدي المزدوج، الذي يبلغ ارتفاعه 12 متراً.

مقابر جماعية

الأحد الماضي، نشرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، صورتين على "تويتر" لما قدرت أنه بين 16 و21 قبراً في مقبرة سيدي سالم، على مشارف مدينة الناظور المغربية المقابلة للحدود مع مليلية.

وبعدها حصلت صحيفة "إل باييس" الإسبانية على صورة لنفس موقع المقبرة نشرتها الأحد الماضي أيضاً، بحسب تقرير المنظمة.

وفي تقرير صدر لها الأربعاء، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية إنها تمكنت من تحديد 10 قبور فردية على الأقل حفرت حديثاً على مشارف مدينة مغربية مقابلة للحدود مع جيب مليلية الإسباني وذلك بعدما راجعت الصور التي أوردتها تقارير تفيد بأن السلطات المغربية ربما تنظم مقابر جماعية على عجل.

وأضافت هيومن رايتس ووتش : "بمطابقة شكل محيط المقبرة، والمباني، والأشجار، والمعالم الظاهرة في الخلفية مع صور الأقمار الصناعية، تحققت هيومن رايتس ووتش بشكل مستقل من أن الموقع الدقيق للقبور هو في مقبرة سيدي سالم".

تُظهر صور الأقمار الصناعية التي جُمعت الاثنين الماضي تقليباً حديثاً للتربة في موقع المقابر المحفورة حديثاً التي حُددت في الصور التي تحققت منها هيومن رايتس ووتش. وأضافت المنظمة "لم تكن هذه العلامات مرئية في صور الأقمار الصناعية المسجلة في 23 يونيو، اليوم السابق للحادث".

وأشارت المنظمة إلى فيديو التقطته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وحللته صحيفة "نيويورك تايمز"، لعنصر أمن مغربي يضرب رجالاً مصابين منبطحين على الأرض وآخر يرمي جثة على كومة من الناس.

وقالت نائبة مدير أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش، جوديث سندرلاند: "تُظهر الفيديوهات والصور جثثاً متناثرة على الأرض في برك من الدماء، وقوات الأمن المغربية ترفس وتضرب الناس، والحرس المدني الإسباني يطلق الغاز المسيل للدموع على رجال متشبثين بالسياج".

اقرأ أيضاً: المغرب.. ارتفاع حصيلة قتلى محاولة اقتحام جيب مليلية الإسباني

وأضافت "ينبغي للمسؤولين في إسبانيا، والمغرب، والاتحاد الأوروبي إدانة هذا العنف وضمان إجراء تحقيقات فعالة ونزيهة لتحقيق العدالة لمن فقدوا أرواحهم".

سبتة ومليلة

يمتد النزاع بين المغرب وإسبانيا حول سبتة ومليلية لقرون، حيث تأرجحت فيه موازين القوى بين البلدين، قبل أن تميل الكفة لصالح إسبانيا.

بدأ الصراع في القرن الخامس الميلادي، حين سيطر القرطاجيون والإغريق والرومان على التوالي على مدينتي سبتة ومليلية.

انتقل الحكم في المدينتين ما بين القرنين الثامن والـ15 إلى عدة مماليك عربية وأمازيغية، وفي عام 1415 استعمر البرتغال مدينة سبتة.

فيما بعد، وخلال عام 1497، غزت المملكة الإسبانية مليلية، لكنها لم تحكم السيطرة عليها إلا في 1556. وبعد اتحاد المملكتين الإسبانية والبرتغالية، أصبحت سبتة تحت السيطرة الإسبانية.

طالب المغرب عقب استقلاله عام 1956، بأحقيته المغربية في سبتة ومليلية لكن إسبانيا احتفظت بهما.

وقد صادقت الحكومة الإسبانية، عام 1995، على منح الحكم الذاتي لسبتة ومليلية، الأمر الذي رفضته المملكة، مؤكدة أنهما جزء لا يتجزأ من أراضيها.

وفي أحدث ما جرى حول القضية، قالت صحيفة لاراثون الإسبانية إن المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي، الذي تمت الموافقة عليه يوم الأربعاء، في قمة الحلف قد يكون نجاحاً لرئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في محاولته لوضع سبتة ومليلية تحت مظلة حماية "الناتو".

لا يذكر المفهوم الاستراتيجي الجديد صراحة سبتة ومليلية ولكنه يتحدث عن "الحفاظ على السلامة الإقليمية لجميع الحلفاء قبل أي معتد"، وهو ما يمثل "تحذيراً" للمغرب.

وتشير لاراثون إلى أنه رغم عدم ذكرهما، فإن المدينتين تحت المظلة العسكرية للحلف، لأن كل بلد هو الذي يحدد ما هي أراضيه في نظامه القانوني.

في وقت سابق من العام الجاري، تحسنت العلاقات بين البلدين، بعد أن دعمت إسبانيا خطة المغرب لمنح مزيد من الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الكبرى، وبعد ذلك لم تفتح الرباط ملف المدينتين مع مدريد، فيما يظهر أنه تأجيل لطرح النزاع مرة أخرى.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الإفريقي يطالب بالتحقيق في مقتل العشرات على حدود المغرب وإسبانيا

وسبق أن أكّد رئيس الحكومة المغربي السابق سعد الدين العثماني أن المغرب سيطرح الملف مع جارته الشمالية، بعد إنهاء نزاع الصحراء الغربية، ما أثار غضب الحكومة الإسبانية التي استدعت السفيرة المغربية في مدريد للاحتجاج على هذه التصريحات.

ويبلغ عدد سكان سبتة نحو 200 ألف نسمة يتحدثون الإسبانية ويتعاملون باليورو. وأصبح الجيبان الإسبانيان في شمال أفريقيا نقاط جذب للمهاجرين المغاربة والأفارقة الذين يحاولون العبور إلى أوروبا.

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!