الوضع المظلم
الخميس ١٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • زيارة بايدن إلى السعودية.. سحق إيران مقابل التطبيع مع إسرائيل

زيارة بايدن إلى السعودية.. سحق إيران مقابل التطبيع مع إسرائيل
عبد الناصر الحسين

 

من النادر أن تهتم وسائل الإعلام والمراقبون السياسيون بزيارة زعيم دولة ما إلى دولة أخرى، حتى لو كانت الأولى بحجم «الولايات المتحدة الأمريكية»، الدولة الأعظم عالمياً، والثانية هي «المملكة العربية السعودية»، الدولة الأهم عربياً وإسلامياً.

فالإعلان عن زيارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» إلى السعودية، منتصف يوليو/ تموز المقبل، أثار اهتمامات الصحف العالمية وتعليقات المحللين، نظراً لأهمية الظروف السياسية الدولية وحجم التطورات الأخيرة فيما يتعلق بملفات من العيار الثقيل.

تتزامن زيارة «بايدن» مع انعقاد «القمة الأمريكية الخليجية العربية» المرتقبة، وتُعَدُّ الأولى منذ تولي «بايدن» الرئاسة مطلع عام 2021.

جدول الزيارة يتضمن في يومه الثاني حضور «بايدن» قمة مشتركة، دعا إليها الملك «سلمان بن عبد العزيز»، مع قادة دول «مجلس التعاون الخليجي»، والعاهل الأردني الملك «عبد الله الثاني»، والرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، ورئيس الوزراء العراقي «مصطفى الكاظمي».

وهذا بحد ذاته يضفي مزيداً من الأهمية للزيارة المرتقبة، آخذاً بعين الاعتبار «إسرائيل» الحاضر الغائب عن القمة، فمن المنتظر أن يناقش المؤتمِرون ملفات ساخنة تتعلق بالمنطقة والعالم.

تحمل الزيارة عناوين أمنية هامة لجهة التوقيع على اتفاقات عسكرية وأمنية بين واشنطن وبعض الدول لضمان «أمن المنطقة العربية»، وبحث قضايا حيوية أخرى، مثل اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا والسودان.

زيارة الرئيس الأمريكي تعني أن هناك أهمية كبيرة توليها الإدارة الأمريكية للمنطقة، لا سيما في ظل أزمة الطاقة العالمية، علاوة على محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، فيما يخص الخلل في العلاقات الأمريكية السعودية والعربية.

علق الدبلوماسي الأمريكي السابق «ألبيرتو ميغيل فيرنانديز» على الزيارة المرتقبة للسعودية بالقول: "هذا تنازل واضح من قبل بايدن بعد الأشياء الغبية التي قالها عن السعودية خلال الانتخابات وبداية إدارته.. وكلماته الناعمة هي بسبب التركيز الأمريكي على روسيا بشكل أكبر في الوقت الحالي".

من المؤكد أن زيارة بايدن للرياض تعكس تغيّراً في نهج الإدارة الأمريكية تجاه المنطقة من خلال ترميم علاقاتها مع الدول المحورية، وعلى رأسها السعودية. ومن المؤكد كذلك أن تعمل أمريكا على إحداث استدارة في سياساتها الخارجية تجاه دول المحور العربي الذي تقوده السعودية، بعد أن أصاب العلاقات الأمريكية - العربية تخلخل واضح خلال الفترة الماضية المرتبطة بوصول بايدن إلى البيت الأبيض.

 

واشنطن توجست من ازدهار العلاقات العربية مع دول محورية مثل الصين وروسيا، الأمر الذي سيفقد أمريكا كثيراً من المزايا في منطقة حيوية ومهمة جداً على الخارطة السياسية الدولية.

هل يمكننا القول إن السعودية انتصرت بالضربة القاضية على بايدن الذي جاء مستجدياً المساعدة والعون لإنقاذ إدارته قبل الانتخابات النصفية، بعدما تسببت سياسته بأعظم أزمة غذائية ونفطية لم يعرفها العالم منذ عقود، وبعد كل الحملات الإعلامية الشرسة التي أطلقها إعلام «اليسار الأمريكي» ضد السعودية طوال أربع سنوات؟

على أية حال سوف أُعرِض عن كثير مما ينشر في الصحافة العربية والعالمية، وأضيء على قضية لا يمكن إغفالها، وتتعلق بارتباط مسمَّيين سياسيين يحكمان المنطقة العربية وهما: «الصراع العربي الإسرائيلي، المتعلق بالقضية الفلسطينية، والخطر الإيراني المتعلق باحتلال أربع دول عربية»، وهما أمران متلازمان.

فالتغول الإيراني في المنطقة العربية أخذ من المجموعة العربية جلَّ اهتمامها، إلى درجة يمكن اعتبار الشأن الإسرائيلي ثانوياً أمام التحدي المتمثل بمشروع «ولاية الفقيه» أو سعي طهران لتحقيق أمجاد «الإمبراطورية الفارسية».

واليوم -وبعد الحرب الروسية على أوكرانيا- حضر متغير جديد على الساحة الدولية، لا يمكن معه أن تمضي واشنطن قدماً في تجاهل العرب، بل مناكفتهم لصالح إيران.

أمريكا تحتاج إلى المجموعة العربية، وعلى رأسها السعودية، لكن عودة العلاقات الأمريكية السعودية هذه المرة لها ثمن كبير ليس أقل من تعهد أمريكا برفع الغطاء عن «نظام الملالي» في طهران، وربما إضعافه.

لا يوجد ما يدعو أمريكا للتباخل في دفع ثمن كهذا فلم تعد إيران تلك «الدولة الوظيفية» صاحبة الخدمات الجمة بقدر ما أصبحت «دولة مارقة» تصنع الإرهاب وتدعمه وتصدره وتبيعه كذلك، لا سيما مع استمرار تعثر المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.

لكن مع ذلك، ليس من عادة الساسة الأمريكان أن يعقدوا صفقات متكافئة مع أية قوة أخرى في العالم، أقصد صفقة «إيران مقابل النفط، أو مقابل تخفيف حرارة العلاقات مع موسكو وبكين». فالصفقة التي تريدها أمريكا هي «سحق إيران مقابل تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل».

وهنا مربط الفرس، فحين تتعهد أمريكا للسعودية بإنهاء الخطر الإيراني بتوجيه ضربة ماحقة للبرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي، فلا بد من ضمان عدم التفات المجموعة العربية إلى إسرائيل، لتعود قضية الصراع العربي الإسرائيلي إلى الواجهة مرة أخرى، وبناء عليه يتوجب على العرب القبول بفكرة السلام مع إسرائيل.

بعبارة أخرى، هذا الملفان يحضران معاً ويطويان معاً، ملف الخطر الإيراني، وملف الصراع مع إسرائيل، فإن فعلها «عجوز أمريكا» الذي ينسى كثيراً ويسقط على مدرجة الطائرة والدراجة الهوائية كثيراً، فسوف يثبِّت اسمه في التاريخ، كأعظم رئيس يسكن البيت الأبيض.

 

ليفانت - عبد الناصر الحسين     

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!