-
زيارة الحريري لـ أربيل.. نار تكوي وجدان الكُرد السوريين
توجه رئيس ما يسمى بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، في الثالث من مارس الجاري، بزيارة رسمية إلى إقليم كردستان، وعاصمته أربيل/ هولير، وهي زيارة وإن كانت قد تبدو ذات شأن خاص بالإقليم سياسياً، لكنها ليست كذلك، أقله من وجهة نظر الكُرد السوريين، الذين باتوا مُجمعين إلى حد كبير، حالهم حال غالبية السوريين المُعارضين، من كون الائتلاف أداة تركية لتبرير غزو الأراضي السورية والاستيلاء عليها وتتريكها، لغوياً ومعلمياً وديموغرافياً.
عفرين ورأس العين
إذ أكد غالبية الكُرد السوريين، على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، بأنّ الائتلاف الذي بارك الغزو التركي لمنطقة عفرين ذات الغالبية الكردية الساحقة، في يناير العام 2018، وانتهت بالاستيلاء عليها في مارس العام نفسه، مسؤول عن الجرائم التي وقعت وما تزال في عفرين، أياً كانت المبررات والمسوّغات التي يبرزها ذلك الجسم السياسي لتبرير تهجير أهالي عفرين والاستيلاء على بيوتهم وأملاكهم، خاصة أنه الواجهة السياسية لما يسمى بـ"الجيش الوطني السوري".
اقرأ أيضاً: هجوم أربيل.. اللعب المُستتر لمليشيات طهران قد يرتدّ عليها
فالأخير، لم يتوانَ عن قتل المدنيين الكُرد وتشريدهم والعمل لدى أنقرة كـ"مرتزقة"، وهي معلومات باتت ممجوجة، أدركها العالم قاطباً، ولم يقتصر ارتزاق هؤلاء على سوريا والمناطق الكردية فيها، بل تجاوزها إلى ليبيا ومن ثم أرمينيا، مع استمرار الجاهزية لديهم للقتال في أي منطقة بالعالم، تأمرهم به أنقرة.
أثارت زيارة الحريري حفيظة الكرد السوريين من عفرين إلى ديريك، مروراً طبعاً برأس العين وتل أبيض، في الوقت الذي تتواصل فيه الاعتداءات التركية المرافقة بمسلحي الائتلاف السوري، على مناطق الإدارة الذاتية ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، حتى الساعة، رغم كل الفضائح والتقارير التي رصدت أفعالهم ونتائج سيطراتهم على عفرين ورأس العين وتل أبيض.
تمريراً وتبريراً لجرائمهم
وكما يبدو واضحاً من ردة الفعل القوية لدى الكُرد السوريين، فإنّ زيارة الحريري شكلت ندبة حقيقة في وجدانهم، دفعت الكثير منهم إلى توجيه النداءات إلى إقليم كردستان، ومنها نداء وجهته ثمانية عشر منظمة ومنصّة إعلامية، قالت فيه: "تزامناً مع تسطيرنا لندائنا هذا، هناك أجسام قذرة ومنبوذة تدنّس تراب كردستان العراق الطاهر، متمثلةً في المدعو نصر الحريري والوفد المرافق له عما يسمى بالائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، والثابت والمعلوم أنّ فحوى الاسم منهم بالمطلق براء، فلا الوطنية ولا السورية ولا الثورة ولا المعارضة لهم منها نصيب، وما هم إلا حفنة مرتزقةٍ مأجورين، تلطخت أيديهم بدماء آلاف الكُرد وغير الكُرد، وفي إجرامهم الحديث جداً يطول ولا ينتهي".
اقرأ أيضاً: تركيا وبايدن.. مُحاولات عاثرة لإصلاح ما أفسده أردوغان
واستطرد البيان بالقول: "نحذّر وبشدة أنّ إظهار أي شكل أو مظهر من مظاهر الاحترام أو القيمة والاعتبار لنصر الحريري ووفده من قبل أي مسؤول أو جهة أو مؤسسة في كردستان العراق هو موضع استنكارنا الشديد، وهو حتماً إهانة لشعبنا الكردي وشهدائه بالدرجة الأولى ولعموم الإنسانيّة، ونعتبره كذلك تشجيعاً لهم وتمريراً وتبريراً لجرائمهم التي فاحت روائحها النتنة الأصقاع".
وأكدت المنظمات والمنصّات الـ18: "إنّ أمثال هؤلاء وأسيادهم وتابعيهم الذين عفرين وسري كانية وكري سبيه وسواها شاهدة على فظائعهم من جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب وإبادة مثبتة بالتقارير الدولية"، وإن "هؤلاء مكانهم الطبيعي هو أسفل حبال المشانق وخلف القضبان وأمام المحاكم الدولية، لا أرض الطهارة كُردستان".
يجب أن يُرمى بالأحذية
بدورها، أصدرت منصّة عفرين بياناً هي الأخرى قالت فيه: إنّ زيارته إلى هولير عاصمة إقليم كردستان ليست سوى واحدة من تمثيلاته الدعائية ومحاولاته لإعادة الشرعية، لكن يغيب عنه أنّ الجهة الوحيدة التي تمنح الشرعية وتتمتع بالشرعية، فالشعب السوري هو صاحب الحق الوحيد والحصري.
من جهته، قال السياسي الكردي "مصطفى أوسو" على صفحته في فيسبوك: "زيارة الشخصيات السورية المتعاقبة على رئاسة "الائتلاف الوطني السوري" و"الهيئة العليا للمفاوضات" إلى "هولير/ أربيل" لم تنعكس إيجاباً على طريقة تفكيرها وعلى سياسة الهيئات التي تمثلها تجاه الشعب الكُردي في سوريا وقضيته القومية والوطنية الديمقراطية، ولا أعتقد أنّها ستكون كذلك في هذه الزيارة الحالية"، مردفاً: "ترتيب البيت الكردي في سوريا وتوحيده، هو وحده الكفيل بتقوية الموقف الكردي وتأمين حقوقه القومية والوطنية الديمقراطية في سوريا الجديدة".
اقرأ أيضاً: التجبّر الإيراني الخارجي وعكسه لـ”الهشاشة الداخلية”
في حين كتب الصحفي "محي الدين عيسو" على صفحته في فيسبوك فقال: "يحتلّ مدننا، ويُشرد أهلنا، ويُقتل أبناءنا، وينهب أرزاقنا، ومن ثم يُدنس تراب كردستان بزيارة، وجع الكردي من أبناء المدن المحتلة مُضاعف ومُضاعف"، مختتماً بالقول: "الحريري وعصابته أقلها كان يجب أن يُرمى بالأحذية".
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تعاطف مع المنددين بالزيارة، وقال على صفحته في فيسبوك: "بعد تصريحات رئيس الائتلاف السوري نصر الحريري من أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بأنّه سيحتفل بعيد النوروز، هل سيحتفل طبيب القلبية عند دوار النوروز في مدينة عفرين، بعد أن حطم عناصر "الجيش الوطني" تمثال "كاوا الحداد" رمز النوروز عشية العيد، قبل نحو 3 سنوات، عندما دخل العناصر كالجراد إلى عفرين، ووثقت عدسات الإعلام الدولي عمليات السرقة والنهب والتدمير؟".
تهرّب من المُواجهة
في حين كشف رئيس تحرير صحيفة ذا ليفانت، الصحفي شيار خليل، عبر منشور على صفحته بفيسبوك، أنّه تلقّى دعوة لحضور "ندوة للمدعو نصر الحريري في مركز دراسات روداو"، مضيفاً: "كان سيحضر الندوة ما يقارب 15 اسماً بين صحفيين وباحثين كُرد، بينهم أنا والعديد من أبناء عفرين وقامشلو وكوباني وبدعوة رسمية من مركز دراسات روداو، إلا أنّ (المفاجأة المُتوقعة) أن نصر الحريري منذ لحظات اعتذر عن أن تكون الندوة مفتوحة، وقابلة لطرح الأسئلة عليه، ومباشرة على الإعلام، فطلب أن تكون مغلقة وبدون توجيه أية أسئلة له، ما دفع مركز الدراسات في روداو لإلغاء طلبه وبالتالي إلغاء الجلسة".
وتابع خليل: "يبدو أنّ هناك من أخبره بأن الأسماء التي ستحضر أغلبهم سيبصقون بوجهه وينقلون له على شاشات الإعلام بالصور والدلائل انتهاكاتهم في شمال سوريا، رفض ذلك لأنّه يدرك تماماً دناءته هو ومرتزقته ومدى عفونة أفكارهم وممارساتهم، ومدى إدراك الكرد أبناء المناطق المحتلة لحقيقتهم"، مختتماً منشوره بالقول: "(مسؤول سياسي) يرفض طرح الأسئلة عليه، ويخاف أصوات الناس وكاميراتهم، فتخيلوا يرعاكم الله، يبدو أنّ أبا عمشة له سلطة كبيرة عليه".
هذا وما تزال الأصوات الكردية السورية المنددة بالزيارة ترتفع، مع تواصل زيارة الحريري للإقليم، والتقائه مع المزيد من مسؤوليه، في حين يشير مراقبون إلى خطورة الزيارة على مآلات الحوار الكردي-الكردي في شمال سوريا، والذي يبدو أنّه بات في خطر حقيقي، بينما يعتقد البعض أنّ ضرب ذلك الحوار قد يكون جوهر المُحاولة التي يقوم بها الحريري في زيارته.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!