الوضع المظلم
الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
دلالات فوز نتنياهو وتوقعات للمستقبل
كمال اللبواني

يبدو من النتائج الأولية لفرز الأصوات في إسرائيل أن اليمين قد حصل على أكثر من المتوقع، وهو في طريقه للفوز بأغلبية مريحة تمكنه من تشكيل حكومة يمينية متشددة في الوقت الذي يعاني اليسار من تردٍّ وضعف وتفكك.

عودة نتنياهو القوية للسلطة هي بسبب غياب الشخصيات الكبيرة المنافسة، فكل الطبقة السياسية اليوم تعاني من فقر شديد في الشخصيات القيادية الخبيرة التي استبعدت أو أبعدت نفسها عن التنافس غير الشريف والصراعات السياسية التي عصفت وتعصف بإسرائيل منذ سنوات، لدرجة ظهر فيها أن بيبي (الاسم المختصر لبنيامين نتنياهو) هو الشخص الوحيد الذي يمكن الثقة بقيادته في مرحلة صعبة تعيشها إسرائيل التي تجد نفسها أمام تحديات وعواصف دولية وإقليمية.

الخاسر الأكبر والذي سيتحمل العبء الأكبر هو الضفة الغربية التي يتصاعد فيها العنف والعنف المضاد، وموقف نتنياهو المتشدد أكثر قد يكون سبباً في اندلاع انتفاضة جديدة كاحتمال مرجح أكثر من احتمال تراجع العمليات، موقف بيبي من حل الدولتين معروف فهو يعمل على تقويضه منذ استلم السلطة وبكل الوسائل.

لكن فيما عدا ذلك فإن اليمين محاصر بمساحة حرية محدودة جداً، خاصة في مواجهة بايدن الذي يعتبره صديق خصمه ترامب، وبالتالي سيعطل بايدن أي سياسة يطرحها بيبي، بينما ينتظر الأخير نجاح الجمهوريين لتعطيل بايدن أيضاً، وبتعطيل وتعطل كلاهما سيكون الرابح الأكبر هو بوتين صديق بيبي القديم، والخاسر الأكبر هو زيلنسكي الذي لا يجب أن يتوقع تخلي إسرائيل عن حيادها ولا تزويده بمعدات، وهذا ما سيجعل أوروبا في حالة جفاء مع إسرائيل، ويقربها أكثر من دعم السلطة الفلسطينية.

بالنسبة للدول العربية فإن فوز بيبي سيقوي موقفها المتشدد من إيران، ورفضها لتوقيع اتفاقية نووية مع إيران، أي أن إيران التي تواجه احتجاجات أثبتت قدرتها على الاستدامة، ستكون في ظرف أسوأ بكثير، ولو استطاع بيبي لألغى الاتفاقية مع لبنان، لكن الاتفاقية أعطت إسرائيل أكثر بكثير مما يتوقع، فتنازلات حزب الله كانت مفاجئة ومخزية في تلك الاتفاقية التي أبرمت على عجل قبل فوز بيبي، بدفع أوروبي وفرنسي متعلق باستثمارات شركات النفط.

بالنسبة لسوريا، وهذا الأهم قطعاً، فوز بيبي سيكون أفضل بكثير من فوز من سبقه والذين أبدوا تراخياً كبيراً تجاه نظام الأسد، وحتى تجاه إيران، سيكون بيبي بسبب قربه من بوتين قادراً على مقايضة موقفه من أوكرانيا بموقف متعاون من بوتين في سوريا وعلى حساب إيران التي أثبتت أسلحتها أنها غير ذات جدوى، والتي يبدو نظامها في حالة سكر وترنح، لذلك سنتوقع تشديد الضربات والضغوط.

وقد يستطيع بيبي انتزاع موافقة بوتين على حل في سوريا يحفظ المصالح الروسية في الميناء والقاعدة العسكرية، لكن على حساب التواجد الإيراني في سوريا، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع فيها بيبي تحقيق ضربة موجعة لإيران ولبرامجه المسلحة وتهديداتها المستمرة، ويزداد هذا الاحتمال بمقدار تراجع وضعف روسيا، وتراجع وضعف إيران، وهو متوقع في ربيع أو صيف العام القادم.
 

ليفانت - كمال اللبواني

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!