الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
دراما البيئة الشاميّة.. حضور متقدّم للمرأة
بسام سفر


تتناسل حكايا دراما البيئة من حوادث تاريخية بعينها مقدمة فرصة لسرد تسلسلي متخيل في الكثير منه، لكنه يعتمد على حادثة ما، فيعطي للكاتب إمكانية سردية مستمرة توازي عالم الحياة اليومية في حقبة، ما، تاريخية، ومجالاً لتجارب وحوادث خيالية، تنعكس في حكايا مستمرة تتكثّف في الوسائط والأدوات المكتشّفة التي تعيد أسلوب سردها وفق إغراء المشاهدة والاستماع، وقد تكون هذه الحكايا عجيبة وغريبة، مدهشة مذهلة وجديرة بأن تروى.


ويظهر ذلك عبر اشتقاق الحكايا الدرامية من ذات الحكاية الرئيسة التي بدأت في الجزء الأول بالعرض الرمضاني لمستوى الحكاية فيه، وبعد تناسل الحكاية في ثلاثين حلقة، تعود إلى التناسل في السهرات الرمضانية في الجزء الثاني أو الثالث في رمضانات قادمة، وهذا ما بدا واضحاً في الموسم الرمضاني 2020، في عملين سوريين هما “بروكار”، من تأليف سمير هزيم، وإخراج محمد زهير رجب، الذي عرض على قنوات (لنا، الظفرة، سوريا دراما والفضائية، سما).

وسوق الحرير، عن فكرة بسام الملا وسيناريو حنان حسين المهرجي، وإخراج مؤمن وبسام الملا، الذي عرض على (سوريا دراما والفضائية، سما، mbc1،…).


بروكار: يعرض العمل البيئي بروكار لحارتين متجاورتين يجري التنسيق مع وجود سلطات الاحتلال الفرنسي في مخفر خاص بهم، ومركزاً للكابتن الذي يقود هذا الوجود، إلى جانب معسكر للتدريب الجنود الفرنسيين، وزعامتين للحارة سياسة ممثلة “عزمي بيك، زهير رمضان” و” أبو النور السنانيري، عبد الهادي الصباغ”، والصراع في بروكار بين أهالي الحارتين والفرنسيين وأعوانهم من أهالي الحارتين حيث يسعى الفرنسيون استمرارهم في السيطرة والهيمنة على كافة مفاصل الحياة في الحارتين، لكن ما يعكر هيمنتهم هو سلب أسلحة الجنود في الطريق إلى المعسكر، والعودة منه، إذ يقوم عزام الهمشري “سعد مينا” في سلب الأسلحة وتعرية الجنود، وأرسلهم إلى المخفر عراة من الزي العسكري الرسمي الفرنسي في الثياب الداخلية لهم.


وهذا ما يدفع الكابتن إلى تهديد أهالي الحارتين إذا لم يسلموا الفاعل خصيصاً أنّ هناك اتفاقاً أبرم بين المخفر وكباريه الحارة، وإلى جانب ذلك مشغل البروكار الدمشقي الذي تعمل به أغلبية فتيات الحارتين وتقوده (فريال، رنا أبيض) بحضور (زينة بارافي، بثينة، ونجاح مختار، افتكار، ورشا إبراهيم، وإليانا سعد، وسالي أحمد، إلخ…).


ويتزامن ذلك مع وجود مهندس فرنسي يعمل ويحاول سرقة مهنة خيط الحرير البروكار إلى فرنسا، ويعد (سليم صبري، أبو حسن) بشراء الخيوط منه، بينما المشغل يحوّل أقمشة البروكار إلى أثواب وأزياء سورية تصدر إلى فرنسا وغيرها من الدول الأوربية.


وهناك المستشفى الذي يكمل فيه الدكتور (عصمت، يزن خليل) دراسته الاختصاصية وفيها كتلة من الأطباء الأساتذة منهم الدكتورة (أنطوانيت، نادين خوري) التي تتخذ مواقف إلى جانب أهالي حارة البروكار وتنخرط في الدفاع عن أهالي الحارة في الحارة أمام المستعمر الفرنسي رغم تخرجها من جامعة باريس في الطب، بينما هناك أطباء يتّخذون موقف إلى جانب قوانين المستعمر الفرنسي.


ويستمر الصراع في حارة البروكار حين ينفذ الدكتور عصمت عملية قتل لجنود فرنسيين يهجمون على المشغل في الحي وتساعده في ذلك بثينة، ويعتقل المخفر جميع شباب الحي وبناته ويزرع مع الرجال في السجن عميل، ويتعاون معهم منفذو عمليات السرقة (وائل زيدان، سعدو)، و(معن عبد الحق، كريم) بدون فائدة كبيرة، لكن الاثنان إلى جانب ( طاووس، علاء قاسم) يتحالفون ويشتريهم (هنائي السنانيري، قاسم ملحو) عندما يسيطر على الحارة ويترشح ليكون عضو البرلمان بعد عمليات تآمرية لتغيب (أبو النور، وعزمي بيك) وينجح في ذلك من خلال دعم المخفر الفرنسي وشراء أهالي الحارة وترهيبهم من خلال ضرب (أبو دلال حارس الحارة، عبد السلام غبور) فلقة في الحارة أمام المقهى، بينما يكون (الهمشري، وعصمت، وبثينة) مطلوبين للفرنسي، وتنتهي الحكاية مع سيطرة هنائي على الحارة، وهجوم المجموعة على المخفر الفرنسي لإخراج المساجين ومن بينهم الدكتورة أنطوانيت التي تصاب في عملية الهروب.


سوق الحرير: تسير حكاية سوق الحرير على خطين متوازيين، خط له علاقة بسوق الحرير الذي يحتلّ المركز الأساسي، حيث تدور غالبية الأحداث، وعائلات الشخصيات التي تعمل في محلات سوق الحرير (عمران الحرايري، بسام كوسا)، و( أسعد فضة، أبو طلال)، و(نزار أبو حجر، رمزي)، وشغيله (فادي صبيح، شحادة)، و(عائلة عبد الهادي الصباغ، عزو، أبو قمر، وزوجته سوسن عفارة، أم فتحي، وابنتهما كاريس بشار)، والخط الآخر هو هروب ( عبد الله الحريري، سلوم حداد، غريب) الذي قتل والد (فادي صبيح) عندما لحق نسوان عائلة الحرايري وفي مقدمتهم (هيفاء واصف، أم عبدالله الحريري)، ويتزوج من ابنه صاحب الأرض الذي يعيش عنده غريب، بينما ابن عمها لم يورث شيء من الأرض (يزن خليل، صابر)، حيث يقتل ابنة عمه من أجل الحصول على ثمن الأرض لكنه لا يجده، ويتهم بعملية القتل زوجها غريب، وهذا ما يستدعي تدخل صديقه (ميلاد يوسف، أسعد)، لكي لا تعتقله الشرطة في القرية.


ويعود غريب للعمل في سوق الحرير (أبو طلال)، مقابل محل أخيه عمران المتزوج من أربعة نساء (قمر خلف، خديجة، كاريس بشار، قمر، نادين تحسي بيك، كريمة) والرابعة ماتت وهي تلد ابنها، والأبناء الذكور (ربيع وشادي جان، عمر وعمار)، ويترافق ذلك مع هجرة عائلة مصرية إلى دمشق (نهال عنبر، فاطمة) وابنتها (دارين حداد، الدكتور شمس) نتيجة الإجراءات التي اتخذها القائد الراحل جمال عبد الناصر.


ويختتم الصراع في الجزء الأول من العمل، بخطف (عمر وعمار) من قبل شحادة وصابر للضغط على (غريب وعمران، وأبو طلال) من أجل ثمن الأرض ودفع فدية لشحادة نتيجة قتل والده من قبل(آل الحرايري)، الذي كشف من قبل الجميع، ولم يلتقِ والدته في الجزء الأول.

حضور المرأة: من أكثر الموضوعات التي تسجّل على دراما البيئة الشامية حضور المرأة فيها، وكيف تنظر هذه الدراما إلى المرأة، وفي قراءتنا هذه سوف نقارن حضور المرأة في العملين (بروكار، وسوق الحرير).


في بروكار، نجد حضور المرأة ودورها طاغٍ بالمعنى الإيجابي عبر الدكتورة أنطوانيت التي واجهت الشرطة والعسكر الفرنسي وطالبت بخروجهم من سوريا ودمشق، إلى بثينة ومشاركتها في قتل الجنود الفرنسيين، ومعها فريال وجزء كبير من فتيات المشغل، ودورهم الكبير في رفض الحجاب، ووضع مكانه (الإشارب)، وهذه النقلة في بروكار باتجاه تعزيز حضور المرأة ودورها الإيجابي للشابات في المشغل عبر مقاومة الفرنسيين، وحضور اجتماعي لم تفرضه الأمهات في هذا العمل من ( سلمى المصري، أم النور)، الذي شكك أهالي الحارة في سمعتها وعالجته بثينة مع أبو النور في التوجه مباشرة لمن يلوك في سيرتها عند سرقة منزلها، ولم يكن في المنزل غيرها، من خلال الإشارة إلى تعرضها للاغتصاب، ويسجل للعمل عدم تسرعه في الدعوة لطلاق أم النور من أبو النور.


وكذلك دور (أم عزمي، فيلدا سمور) وموقفها من دور الهمشري والدكتور عصمت، خصيصاً، عندما طلبت بثينة من أهلها لعصمت مقابل تعنت أبيه، وعدم قدرة أمه على الفعل إلا في مسار تطور شخصية (أم عصمت، مها المصري).


ويجدر الإشارة، إلى دورين نسائيين في العمل، هما، فريال ودورها القيادي بالمشغل وحضورها في التحقيق، وحبها للفوال (أسامة السيد أحمد)، وإصرارها على الزواج منه، وحضور إفتكار بدور شرير.


وبهذا المعنى يمكن القول، إنّ موقف صناع العمل كان إيجابياً تجاه المرأة وحضور دورها.


بينما النقيض من ذلك، في العمل الدرامي سوق الحرير، رغم التفاوت الزمني بين العملين إذ أنّ بروكار في أواسط الثلاثينات، وسوق الحرير في بداية الخمسينات إلى بداية الستينات، فنجد حضور المرأة عند شخصية دكتاتورية مثل أم عبدالله، التي تمارس سطوتها على جميع من في المنزل من زاوية مصلحة العائلة وحضور في حياة العائلة، حيث زوجت ابنها الوحيد أربع نساء كانت نتيجته (ابنتان، وولدان)، وهي لم تسأله رأيه في أيّ واحدة من زوجاته الأربعة كما يقول، وعندما يعشق الطبيبة شمس تحاول ثنية عن هذا الحب، بينما تمنح ابنتها فرصة العمل في مشغل الأزياء عبر تصميم الأزياء النسائية، وتواعد (أخ زوجة أخيها) خارج الحارة في كافيتريا في الشام دون علم أمها، وفي المستشفى الذي تعمل به شمس نجد طبيبة من بنات الشام تعمل به، وتميل إلى أخ شمس كعلاقة عاطفية، وكذلك حضور أختها المتزوجة بفلسطين إلى الشام مع ابنتها، بينما الابن هاجر إلى الكويت.


أما الداية والخطابة أم فتحي، نجدها تحاول توفيق رأسين بالحلال، بنت أبو طلال مع شحادة، وتفشل، وأيضاً زوجة غريب الريفية ذات الحضور العاطفي والإنساني.

كل هذا لم يمنع بسام الملا من العودة إلى حكايته المحببة، النساء الأربعة عند زوج واحد، وصراعاتهم عليه، رغم أنّ زمن المسلسل الافتراضي هو حقبة حضور المرأة السورية ما بعد الاستقلال ودور المرأة الأصيل في بناء المجتمع السوري من زوايا متعددة.

أخيراً، إنّ أعمال البيئة الشامية لموسم 2020، شكلت تقدّماً واسعاً في حضور المرأة في بروكار، ومراوحة بالطرح في سوق الحرير عبر تعدّد الزوجات، وتعزيز دور المرأة في الحقل الطبي والأزياء، وهذا يعدّ تقدّماً في أعمال الملا.


ليفانت – بسام سفر








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!