الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • السودان يواجه الكارثة.. خبراء يوضحون لـ”ليفانت” أسباب الفيضانات المدمّرة

السودان يواجه الكارثة.. خبراء يوضحون لـ”ليفانت” أسباب الفيضانات المدمّرة
السودان

سد النهضة فرضية غير مستبعدة وانهيار بنية السدود السبب الرئيسي


رشا عمار


 


يواجه السودان كارثة بيئية مدمرة، بسبب ارتفاع معدل فيضان نهر النيل لمعدلات غير مسبوقة، خلفت مئات الضحايا وتسببت في هدم أكثر من مئة ألف منزل، جزئيا أو كليا، و تضرر أكثر من نصف مليون شخص.


ويصف خبراء متخصصون بالجيولوجيا والمياه  الوضع في السودان بالكارثة، التي لن تنتهي خلال أيام وربما تتسبب في مضاعفة أرقام الضحايا والخسائر المالية والبشرية إذ لم تتخذ الحكومة إجراءات جادة وعاجلة لتقليل نسبة الأضرار قدر الإمكان.


وأعلنت وزارة الداخلية السودانية، الأربعاء، أن حصيلة ضحايا الفيضانات ارتفعت إلى 103 قتلى و50 جريحا علاوة على انهيار أكثر من 27 ألف منزل بشكل كلي وأكثر من 42 ألف منزل بشكل جزئي.


وأشار بيان الداخلية السودانية إلى أن معظم الأضرار تركزت في ولايات القضارف والخرطوم وشمال كردفان ونهر النيل وجنوب كردفان والنيل الأبيض وشمال دارفور.


ما أسباب الفيضان؟


ويطرح الكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، عدة فرضيات تسببت في حدوث الفيضان الضخم لمياه النيل، أولها هو ارتفاع منسوب المياه في النيل الأزرق لمعدل غير مسبوق بسبب الأمطار الغزيرة على الهضبة الأثيوبية والتي أثرت مباشرة على منسوب المياه في بحيرة فيكتوريا ومنها إلى النيل الأزرق الذي إذ ارتفع منسوب المياه فيه، بحسب وزارة المياه والري السودانية، إلى 17.58 متراً، وهو المستوى الأعلى الذي يتم تسجيله منذ بدء رصد النهر في عام 1902.


ويشير الخبير المصري إلى تقادم بنية سدي الروصيرص القريب من الحدود السودانية الأثيوبية وسنار في وسط السودان كأحد العوامل الهامة التي تسببت في الكارثة.


ويوضح "شراقي" في حديث لـ"ليفانت" أنه حذر ومجموعة من زملاؤه من خطر الفيضان المدمر في مايو/آيار الماضي، لأنه كان من المتوقع بعد ارتفاع منسوب المياه في بحيرة فكتوريا لأعلى معدل تاريخي أن ينتج عنها فيضان قوي ومدمر بهذه الطريقة.


وقال "شراقي" إن مستوى النيل فى الخرطوم سجل في اليوم الأول من سبتمبر 2020 رقم غير مسبوق فى السنوات السابقة وهو 17.52 متر متفوقا على أعلى رقم 17.22 متر فى الأول من سبتمبر 2019.


ومن جانبه يُرجع الدكتور ضياء الدين القوصي مستشار وزارة الري والموارد المائية المصرية السابق، أسباب الفيضان إلى تزامن سقوط الأمطار الغزيرة مع السيول الجارفة مما تسبب في ارتفاع منسوب المياه في البحيرات.


ويوضح في تصريح لـ"ليفانت" أن السيول تسببت في حدوث هبوط نصفي شديد في الهضبة الأثيوبية في المنطقة الواقعة بين التقاء النيلين الأبيض والأزرق، موضحًا أن بنية السدود السوادنية لم تصمد امام المياه الجارفة وتهاوت سريعا، مؤكدًا على ضرورة أن تعمل الحكومة السودانية على وضع خطة عاجلة لإنقاذ البلاد ثم الشروع على الفور في بناء سدود وفق الدراسات البيئية والجغرافية تتوافق مع حجم الأمطار والسيول السنوية.  


ما علاقة سد النهضة؟


يقول الدكنور الصادق شرفي مستشار وفد الحكومة السودانية في مفاوضات سد النهضة، إن السد الأثيوبي لا يخرج عن فرضيات حدوث الفيضان في السودان، وربما يكون أحد الأسباب الرئيسية له، موضحًا في تصريحات للصحافة المحلية، أن القرار الأثيوبي المفاجيء بتنفيذ مليء السد بمقدار 4.9 مليار متر مكعب أربك حسابات سدي الروصيرص وسنار المتعلقة بالتفريغ الدوري لأن القرار اتخذ من دون تنسيق مع الجهات السودانية.


ومن جانبه لا يرى الخبير المصري أن سد النهضة يعد سببا مباشرا لحدوث الفيضان لكنه يوضح جزءا يتعلق بالبحيرات يعزز الفرضية السابقة، قائلا إن بحيرة "تانا" هي منبع النيل الأزرق وأكبر بحيرة في إثيوبيا، وهى بحيرة ضحلة يبلغ أقصى عمق لها 15 متراً بمتوسط 9 متر فى حين أن سمك رواسب القاع بها حوالى 100 متر، وتقع على ارتفاع 1788 متراً فوق سطح البحر، وليس لها علاقة بالأخدود الأفريقى الذى يقع بداخله معظم البحيرات الاثيوبية، تتراوح مساحة سطح البحيرة من 3000 إلى 3500 كم2 وتخزن حوالى 28 مليار متر مكعب، ووصل منسوب البحيرة فى 2 سبتمبر 2020 الى 1789.51 متر متعديا الرقم المسجل فى 2014 وهو 1789.39 متر. ويتغير منسوب البحيرة سنويا فى حدود 3 متر من 1786.5 الى 1789.5 متر.


لكن وزير الري السوداني ياسر عباس نفى، الثلاثاء، أي علاقة بين سد النهضة والفيضانات المدمرة التي ضربت بلاده، وقال إن "تخزين المياه في خزانين رئيسيين في السودان قلل من حجم الكارثة ولولا ذلك لحدثت كارثة كبرى"، نافياً حدوث تشققات في سد جبل الأولياء جنوب الخرطوم.


تحذيرات من موجة أقوى


حذر الدكتور عباس شراقي من وجة أقوى قد تضرب السودان خلال الأيام القليلة المقبلة، وقال إن بشائر موسم الأمطار مرتفع، وإنها بدأت بإرتفاع منسوب بحيرة فيكتوريا إلى ١١٣٦.٦ م، وهو أعلى منسوب منذ عام ١٩٦٤، حيث إرتفع المنسوب ١٢٠ سم عن العام الماضي، ومازالت الأمطار مستمرة الشهر القادم، مضيفا أن هذا يعني زيادة مخزون بحيرة فيكتوريا بحوالي ٨٣ مليار متر مكعب هذا العام حتى الآن قابلة للزيادة رغم التصريف اليومي من سدى نالوبالى (أوين) وكيرا بأوغندا و أدى ذلك إلى تحرك جزيرتين للنباتات المائية في إتجاه السدين مما تسبب في قطع الكهرباء عن أوغندا عدة أيام حتى تم إزالة هذه النباتات ميكانيكياً.


 وقال إن إرتفاع منسوب بحيرة فيكتوريا يعقب أمطار شديدة على الهضبة الأثيوبية، وحدث ذلك اعوام ١٩٦٤، ١٩٩٨ حتى ٢٠٠٠، ونصح شراقي السودان بالاستعداد لإحتمال فيضان مرتفع في أغسطس المقبل، برفع الجوانب المنخفضة من النيل خاصة بالقرب من جزيرة توتى بالخرطوم.


وأعلنت الحكومة السودانية، الجمعة، حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر، معتبرة البلاد بأكملها "منطقة كوارث"، خصوصا بعد أن سجل منسوب نهر النيل والنيلين الأزرق والأبيض أعلى مستوى منذ أكثر من 100 عام، واتسعت رقعة الفيضانات لتشمل 16 من ولايات البلاد الـ18.


وارتفعت أصوات الاستغاثات من العديد من المناطق في العاصمة الخرطوم والقرى والمدن المحيطة بها، إضافة إلى ولايات سنار والجزيرة ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض، وتزايدت موجة الدمار، حيث جرفت المياه قرى بالكامل في شمال وجنوب الخرطوم.


وغمرت المياه أكثر من 80 بالمئة من بساتين الفاكهة والخضراوات على شريط النيل الأزرق، وتضررت العديد من المحصولات النقدية المهمة التي يعتمد عليها السكان المحليين بشكل أساسي في مداخيلهم.


هل ستتأثر مصر بالكارثة؟


من جانبها أعلنت مصر رسميا أنها لن تتأثر بفيضان السودان، وقال محمد السباعي المتحدث باسم وزارة الري إن بلاده اتخذت كافة الإجراءات للتعامل مع المياه من خلال السد العالي وتحقيق أعلى استفادة منها دون أي ضرر.


وأوضح "السباعي" أن الفيضان يصل إلى مصر في أغسطس، وسبتمبر، وأكتوبر، موضحًا، أن حجم وطبيعة فيضان هذا العام سيتضح بشكل كامل بنهاية سبتمبر الجاري وأول أكتوبر القادم.


وأكد أن الوضع في مصر مختلف عن السودان، ولا يمكن أن يحدث في مصر مثل ما حدث في فيضانات وسيول.


 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!