الوضع المظلم
الأربعاء ٢٦ / مارس / ٢٠٢٥
Logo
  • حوار مع الحاخام إيلي عبادي: تحديات المجتمع اليهودي في المهجر  وهل يوجد امكانية لبناء مجتمع يهودي في جزيرة العرب. 

حوار مع الحاخام إيلي عبادي: تحديات المجتمع اليهودي في المهجر  وهل يوجد امكانية لبناء مجتمع يهودي في جزيرة العرب. 
نتانيا مردخاي

في لقاء خاص اجريته  مع الحاخام إيلي عبادي، أحد أبرز القادة الدينيين في المجتمع اليهودي السفاردي، ناقشنا التحديات التي يواجهها هذا المجتمع، سواء داخل الولايات المتحدة أو خلال فترة إقامته في الإمارات العربية المتحدة، إضافةً إلى آفاق التعاون مع المجتمعات الأخرى والتغيرات التي طرأت على حياة اليهود في منطقة الخليج.

التحديات التي تواجه قيادة المجتمع اليهودي السفاردي

يستهل الحاخام عبادي حديثه بالتأكيد على أن دوره الأساسي كقائد ديني للمجتمع السفاردي هو نقل القيم والتقاليد إلى الأجيال القادمة. لكنه لا يخفي التحديات التي تعترض هذه المهمة، والتي يصفها بأنها داخلية وخارجية.

يقول: "التحديات الداخلية تنبع من رغبة الشباب في الاندماج مع الثقافة المحيطة، مما قد يؤدي إلى فقدان الهوية الثقافية والدينية. نحن نحاول التصدي لذلك من خلال التعليم، وبتقديم التقاليد اليهودية السفاردية على أنها إرث حضاري يمتد لآلاف السنين، وليس مجرد ممارسات قديمة قابلة للتغيير."

أما عن التحديات الخارجية، فيشير إلى أن المجتمعات السفاردية غالبًا ما تكون أقلية وسط الأغلبية الأشكنازية، مما يجعل الحفاظ على الهوية السفاردية أمرًا صعبًا. ويضيف: "من السهل أن يذوب الفرد في المجتمع الأكبر، ولهذا نعمل على تعزيز الوعي بأهمية تقاليدنا وضمان استمرارها."

الدعم والتكافل داخل المجتمع

على الرغم من هذه التحديات، فإن المجتمع اليهودي السفاردي يمتلك شبكة من المنظمات الداعمة التي توفر المساعدة في مختلف المجالات. ويوضح الحاخام عبادي أن هذه المنظمات تشمل:

خدمات طبية تقدم المشورة والدعم الصحي.

منظمات اقتصادية تساعد في ريادة الأعمال وتطوير الأعمال التجارية.

دعم مالي للأرامل والأيتام لضمان استقرارهم.

مؤسسات تعليمية تهتم بالتعليم الديني واللغة والثقافة.

لجان تحكيم لحل النزاعات داخل المجتمع بطريقة عادلة ومتوافقة مع القوانين الدينية.


العلاقات مع المجتمعات اليهودية الأخرى

يشدد الحاخام عبادي على أن المجتمع اليهودي السفاردي لا يعمل بمعزل عن غيره، بل يتعاون بشكل وثيق مع باقي الطوائف اليهودية عبر عضويته في اتحادات الجاليات اليهودية الوطنية والمنظمات الحاخامية. ويؤكد أن هناك تعاونًا في المجالات التعليمية والاجتماعية والسياسية، مشيرًا إلى أن التنوع داخل المجتمع اليهودي مصدر قوة وليس عامل تفرقة.

التحديات التي تواجه الجالية اليهودية في الإمارات بعد حرب غزة

بعد سنوات من بناء علاقات إيجابية داخل الإمارات، تغير الوضع بشكل ملحوظ بعد أحداث 7 أكتوبر بين إسرائيل وحماس. يقول الحاخام عبادي بحزن: "كنا نعيش في أجواء منفتحة ومتسامحة، ولكن بعد الحرب، أصبح المجتمع اليهودي في الإمارات يتحرك بحذر شديد."

ويوضح أن أبرز التغيرات تمثلت في:

إلغاء التجمعات اليهودية العامة مثل الصلوات العلنية والمناسبات الاحتفالية.

عدم ارتداء الملابس الدينية اليهودية في الأماكن العامة حفاظًا على الأمان.

تقليل الظهور في المناسبات الرسمية، حيث لم يعد يتم توجيه الدعوات إليه لتمثيل الجالية كما كان سابقًا.

رغم ذلك، لا تزال المطاعم الحلال يهوديًا (كوشير) والمشاريع التجارية اليهودية تعمل، مما يشير إلى أن هناك مساحة لاستمرار التواجد اليهودي، وإن كان بصورة أكثر تحفظًا.


التعايش بين الأديان في الإمارات: تجربة فريدة

وعند سؤاله عن تجربته السابقة في الإمارات، قبل التصعيد الأخير، أكد الحاخام عبادي أنها كانت إيجابية للغاية. يقول: "على مدى 3 إلى 4 سنوات، عشنا تجربة استثنائية من التعايش. كنا نلتقي بممثلين عن مختلف الأديان، ونشاركهم احتفالاتهم، وهم أيضًا كانوا يشاركوننا احتفالاتنا."

وأضاف أن السلطات الإماراتية كانت داعمة وحامية للجالية اليهودية، مشددًا على أنه لم يواجه أي مظاهر معاداة للسامية خلال فترة إقامته هناك.

هل يمكن أن تستمر الجالية اليهودية في شبه الجزيرة العربية؟

عند الحديث عن المستقبل، يطرح السؤال حول إمكانية استدامة وجود محكمة دينية يهودية (بيت دين) ومجتمع يهودي في منطقة ذات أغلبية مسلمة مثل الخليج العربي.

يرى الحاخام عبادي أن وجود بيت دين هو أمر أساسي في أي مجتمع يهودي، لكنه يعترف بأن الأمر لا يزال "سابقًا لأوانه" في شبه الجزيرة العربية، باستثناء الإمارات التي كانت مرحبة بالفكرة.

ويختم حديثه بالتأكيد على أن مستقبل الجالية اليهودية في المنطقة يعتمد على تطور الظروف السياسية والاجتماعية، لكنه متفائل بأن العلاقات التاريخية بين اليهود والعالم العربي يمكن أن تعود إلى سابق عهدها في المستقبل.

ختام اللقاء

يبقى المجتمع اليهودي السفاردي، سواء في الولايات المتحدة أو في أماكن أخرى مثل الإمارات، أمام تحديات كبيرة، لكنه يواصل التمسك بهويته عبر التعليم، والتعاون، وبناء مؤسسات قوية. ورغم العقبات التي فرضتها الأحداث الأخيرة، يظل الحاخام عبادي مؤمنًا بأن الحوار والتفاهم يمكن أن يساهما في تحقيق مستقبل أكثر إشراقًا للجالية اليهودية في المنطقة.

نتانيا مردخاي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!