-
حظر "الذئاب الرمادية".. قطع الأذرع التركية في العمق الأوروبي
ليفانت - مرهف دويدري
تشهد العلاقات التركية الأوروبية توترات عديدة ممتدة من الخلاف حول شرق المتوسط إلى دعم جماعات متطرفة داخل الدول الأوروبية سواء أكان الدعم على أساس ديني كدعم تنظيم الإخوان المسلمين مع تعدد التسميات التي يعمل التنظيم تحت ستارتها، أو الدعم القومي المتمثل بتنظيم "الذئاب الرمادية" المتمددة بالمجتمع الأوروبي دون مقرات واضحة أو كيانات ثابتة، حيث يعيش هذا التنظيم بطريقة متحولة بين الاقتصاد والسياسة لاختراق النظام الأوروبي المنفتح، ولعل الأيام القليلة المقبلة ستشهد تصاعداً غير مسبوق للأزمة الممتدة بين تركيا وعدد من الدول الأوروبية بسبب نشاطها في دعم الإرهاب وإيواء عناصره، خاصة بعد قرار البرلمان الأوروبي الذي صدر، بإدراج حركة الذئاب الرمادية التركية على قوائم التنظيمات الإرهابية.
وكان قد أقر البرلمان الأوروبي، تقريراً يوصي بوضع تنظيم "الذئاب الرمادية" القومي التركي المتطرف على قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية وذلك بعد 8 أشهر من حظره في فرنسا، وجاء في التقرير الذي قدمه العضو الإسباني في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي ناتشو سانشيز أمور في 19 مايو 2021 أنه بالنسبة إلى الحكومة التركية يجب سحق أي انتقاد بكل الوسائل، وأن يكون لجالية أجنبية تأثير في أوروبا فهو أمر طبيعي ومشروع، لكن المشكلة هي في أن جزءا من هذه الجالية يتصرف سياسياً بأوامر تأتي مباشرة من أنقرة.
وكانت الحكومة الفرنسية قد حلت منظمة “الذئاب الرمادية” في فرنسا مطلع شهر نوفمبر 2020بدعوى أنها تثير التمييز والكراهية وضالعة في أعمال عنف، وقد رحب الطلب المقدم إلى البرلمان الألماني بالتصرف الفرنسي مع المنظمة ” وربط ذلك بالأمل في أن تتبع دول أخرى النموذج الفرنسي”.وترافق حادث تشويه النصب وحظر “الذئاب الرمادية” مع توترات حادة في فرنسا بين الجاليتين الأرمنية والتركية حول النزاع في ناغورني قره باغ. وصفت أنقرة الخطوة الفرنسية بأنها استفزاز توعّدت تركيا بـ”رد حازم” على الخطوة الفرنسية.
البرلمان الأوروبي: الئاب الرمادية منظمة متطرفة
تعتبر منظمة الذئاب الرمادية، الجناح العسكري لحزب الحركة القومية اليميني المتطرّف بشكل غير رسمي، وشريك وحليف حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، وحُظرت منظمة "الذئاب الرمادية" في فرنسا مطلع شهر نوفمبر 2020 بدعوى أنها تثير التمييز والكراهية وضالعة في أعمال عنف، وقد رحب الطلب المقدم إلى البرلمان الألماني بالتصرف الفرنسي مع المنظمة وربط ذلك بالأمل في أن تتبع دول أخرى النموذج الفرنسي، وكان قد ترافق حادث تشويه النصب وحظر "الذئاب الرمادية" مع توترات حادة في فرنسا بين الجاليتين الأرمنية والتركية بشأن النزاع في ناغورنو كاراباخ وصفت أنقرة الخطوة الفرنسية بأنها استفزاز توعّدت تركيا بـ"رد حازم" على الخطوة الفرنسية.
وتُمثل المنظمة مصدر تهديد لدول أوروبا من الداخل، فهي تعمل بشكل منظم داخل دول أوروبا، ومن المرجح أن يكون التنظيم المتطرف أوجد شبكة عمل مترابطة بين عواصم أوروبا، تتحالف مع اليمين المتطرف والنازية، حيث كشف تقرير الاستخبارات الألمانية عن وجود أكثر من 11 ألف تركي من أعضاء المنظمة ينتمون إلى اليمين المتطرف فقط في ألمانيا.
وجاء في التقرير الذي قدمه العضو الإسباني في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي ناتشو سانشيز أمور في 19 مايو 2021 أنه بالنسبة إلى الحكومة التركية يجب سحق أي انتقاد بكل الوسائل، وأن يكون لجالية أجنبية تأثير في أوروبا فهو أمر طبيعي ومشروع، لكن المشكلة هي في أن جزءا من هذه الجالية يتصرف سياسياً بأوامر تأتي مباشرة من أنقرة.
مرتبط بالحكومة التركية.. ما هو تنظيم الذئاب الرمادية؟
تأسست هذه الحركة القومية المتطرفة نهاية الستينات من القرن الماضي جامعة شبابا يؤمنون بنظرية "تفوق العرق التركي"، ويطمحون إلى توحيد المنتمين إلى القومية التركية حول العالم في بلد واحد، وأصبحت الجناح العسكري المسلح لحزب الحركة القومية التركي المتطرف، وأسس الحركة الضابط في الجيش التركي، ألب أرسلان توركش، المعروف بأفكاره العنصرية وإيمانه بنظريات الأعراق المتفوقة، ويميز أعضاء الحركة رفعهم إيماءة مميزة باليد، ترفع خلالها السبابة والخنصر بينما تضم باقي الأصابع إلى بعضها مشكلة ما يشبه رأس ذئب.
ووفقا للسلطات التركية، نفذت المجموعة 694 هجوماً بين عام عامي 1974 و1980، راح ضحيتها الآلاف، كما يعتقد أن المنظمة قاتلت في أذربيجان ضد أرمينيا، قبل أن تتورط في محاولة انقلاب أدت إلى حظرها هناك، كما أنها حظرت في كزخستان في العام 2005، وشاركت المنظمة في الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين في قبرص، ودعمت الأويغور في إقليم شينغيانغ الصيني، وقاتلت في حربي الشيشان الأولى والثانية ضد الروس، وفي السنوات الأخيرة ظهرت تقارير تتحدث عن تنسيقها مع تتار شبه جزيرة القرم وتركمان سوريا، وينتشر التنظيم بشكل كبير في أوروبا، إذ تتحدث تقارير غير مؤكدة عن أن عناصرها في ألمانيا يقدرون بـ18 ألف شخص، مما يجعلها أكبر تنظيم سري في البلاد.
ويعود اسم التنظيم إلى أسطورة قديمة غير واقعية تتحدث عن حرب إبادة تعرض لها الترك، ولم ينج منها سوى طفل واحد، اضطر إلى الزواج بذئبة وأنجب منها 12 شخصا أعادوا بناء القبائل التركية، وتتبنى الحركة أفكارا مؤيدة للعنف والتغيير بالقوة، كما أن مقالات منسوبة لها دعت إلى عمليات تطهير عرقي ضد قوميات مختلفة، وركزت بالتحديد على الكرد والأرمن.
الذئاب الرمادية.. المعول التركي لضرب العمق الأوروبي
يبدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والقيادة السياسية التركية اهتماماً بالغاً في عدد من الأحزاب الأوروبية الصغيرة المنسجمة مع رؤية أردوغان السياسية التي يعمل عليها في تركيا، وفي أوروبا، يحصل ذلك في إطار "استثمار" تركيا الكبير في المحافظة على الروابط السياسية مع الجالية التركية الكبرى في أوروبا، لا بل السيطرة عليها، حيث تضطلع حكومة أردوغان بدور كبير في بناء جسور اقتصادية واجتماعية ودينية مع الأحزاب الأوروبية التي تعتبرها متوائمة سياسياً مع مصالحها.
وأشار أردوغان بصراحة لسياسته في التعاون مع الأحزاب الأوروبية الصغيرة، وذلكعلى القناة الألبانية (Albania TV) في يونيو 2017، أنه ما من عيب على الإطلاق في دعم الأحزاب السياسية في دول البلقان والدول الأوروبية الأخرى التي تتشارك عقيدة مماثلة مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يترأسه، وأن "هذه الجهود يجب ألا تثير امتعاض أي طرف".
من جهته، يقول رئيس المجلس الأوروبي للاستخبارات ودراسات مكافحة الإرهاب، "جاسم محمد" في دراسة نشرها في وقت سابق في "ليفانت" تحت عنوان: "الذئاب الرمادية.. دولة الظل في أوروبا"، أن منظمة الذئاب الرمادية التركية، ممكن اعتبارها “مجموعة ظل مافيوية” تمثل عملياً قتل خارج عن القانون لصالح حكومة أردوغان، تستهدف المعارضة التركية، خاصة من الأكراد والارمن وغيرهم. وما شهدته فرنسا من اعمال تحريض وكراهية ضد نصب إبادة الارمن في باريس يبرهن ذلك. وسبق ان تورطت المنظمة بقتل ثلاثة نساء كرديات عام 2013 في فرنسا .
اقرأ المزيد “الذئاب الرمادية” على قوائم الإرهاب بتوصية من البرلمان الأوروبي
ويضيف محمد: "يبقى أردوغان يراهن على إثارة الإضطرابات داخل العواصم الأوروبية، وأن الحد من منظمة الذئاب الرمادية والإسلام السياسي، الإخوان المسلمين في أوروبا، من شأنه أن يخفض أوراق الضغط التي يستخدمها أردوغان ضد أوروبا، حيث تبقى العلاقات مابين الاتحاد الأوروبي وأنقرة متوترة، وكلا الطرفين تعايشاً وتأقلماً مع هذه الحالة، ويعتبر حظر أو حل منظمة الذئاب الرمادية في ألمانيا وفرنسا، من شأنه أن يصعد لهجة أردوغان الهجومية ضد برلين وباريس وبروكسل. وأن ارتباط هذه المنظمة بأردوغان رغم أنها مرتبطة تنظيمياً بالحزب القومي التركي يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي وإلى قرارات مجلس الأمن الخاصة في محاربة التطرف والإرهاب.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!