الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • حزب البعث السوري وتدخله حتى في الرياضة.. نادي الجهاد نموذجاً

حزب البعث السوري وتدخله حتى في الرياضة.. نادي الجهاد نموذجاً
الرياضة السورية

بعد كل الخراب والدمار الذي حل بالبلاد من جرّاء سياسة "حزب البعث العربي الاشتراكي السوري" طوال عقود من الزمن وما زال يفكر بنفس العقلية التي كانت ما قبل 2011، وقيام الثورة السورية، وما يفعله هذا الحزب لا يفعله حزب آخر في العالم، فهو يتدخل حتى في وضع إدارات الأندية الرياضية، ومؤخراً فرض الحزب إدارة جديدة لنادي الجهاد الرياضي من مدينة القامشلي.


إنّ فصل السياسة عن الرياضة أمر لا بدّ منه، ولكن في الكثير من بلدان الشرق الأوسط هذا الأمر مستحيل، ولكن أن تتدخل السلطات في وضع الإدارات الرياضية للأندية فهو إجحاف كبيرة بحق أي نادٍ وجماهيره.


في سوريا بنظام أمني واستخباراتي ما زالت السلطات القابعة بدمشق تتحكم بمفاصل الحياة في المدن والمناطق التي تديرها، وهذا الأمر يصل حتى إلى التدخل في مناطق الإدارة الذاتية بشمالي وشرقي سوريا، حيث النظام السوري منتشر على بعض الشريط الحدودي ونقاط الفصل مع قوات الاحتلال التركي وقوات ما تسمى المعارضة السورية، ولديه مربعان أمنيان في الحسكة والقامشلي وبعض القرى الخاضعة لسيطرتها في الريف لنفس المدينتين.


الرياضة السورية


ولكن هذا التدخل حاصل وبقوة في مجال الرياضة، فحزب البعث هو من يفرض إدارات الأندية الرياضية بالحسكة المرخصة من قبل الاتحاد الرياضي للنظام السوري، وآخرها كان نادي الجهاد الرياضي، حيث فرضت بعض الشخصيات التي لا علاقة لها بالرياضة، فقط لأنهم منتمون لحزب البعث باستثناء رئيس النادي، الدكتور ريبر مسور، الذي رفض الانتساب لحزب البعث وكانت هناك ضغوطات كبيرة عليه بهذا الخصوص ولكنه رفض.


الماضي يشهد


نادي الجهاد الذي لم يلعب بأرضه وبين جمهوره حوالي عقدين من الزمن، كعقوبة اتحادية بعد انتفاضة القامشلي عام 2004، حيث قام النظام بحياكة مؤامرة لضرب الشعبين، العربي والكردي، بعضهما ببعض مستغلةً مباراة الفتوة من دير الزور والجهاد من القامشلي، وهاجمت جماهير الفتوة المدججة بالأسلحة البيضاء والحجارة جماهير الجهاد العزل اللذين لم يسمح لهم بدخول أي شيء معهم، في خطة كانت مجهزة ومعدة مسبقاً من قبل النظام السوري، وحصلت مناوشات بين جماهير الفريقين ليأتي محافظ الحسكة وقتها، سليم كبول، ويطلق النار بشكلٍ عشوائي على المواطنين العزل، ويستشهد على أثرها ستة أشخاص، لتندلع بعدها انتفاضة في مدينة القامشلي التي امتدت لباقي المناطق الكردية وحتى في العاصمة دمشق.


ومن حينها، يعاني الجهاد، تارةً، من ظلم تحكيمي في البطولات، وأخرى من تداخل شخصيات غير رياضية وفرضها في إدارة النادي وليكونوا جواسيس حيث قام منهم برفع "تقارير" عن أعضاء من الإدارة وحتى تسببت في اعتقالات لبعض اللاعبين، آخرها العام الماضي 2020، بداعي أنهم مطلوبون للاحتياط والخدمة الإلزامية وبعد توقيف لساعات تم إطلاق سراحهم في مطار القامشلي.


الجهاد ضحية


وفي عام 2017، تدخلت الإدارة الذاتية عبر الاتحاد الرياضي التابع لها وفرضت وضع شخصيات من قبلها ضمن الإدارة ولكن الجهاد يبقى هكذا ضحية الطرفين، فالأجدر القيام بتصفية الحسابات بعيداً عن مسيرة النادي، ولكن للأسف الأمور السياسة باتت طاغية على كل مفاصل الحياة اليومية من الدراسة إلى الرياضة ووحده المواطن يدفع الثمن.


ولكن بسبب التغيرات التي تحصل في الاتحاد الرياضي التابع للإدارة الذاتية في الجزيرة أصبح الاتحاد غير متدخل كثيراً في شؤون الجهاد وبقي في الساحة مرة أخرى حزب البعث وحيداً الذي حاول وضع إدارة وفق معاييره، وبالفعل وصل لهدفه بشكلٍ تقريبي وفرض شخصيات حزبية عبر "شعبة الحزب بالقامشلي"، ورفضت بالمقابل أسماء كانت مطروحة لأنهم غير حزبيين وهم من القومية الكردية، في دلالة واضحة لتدخله في شؤون هذا النادي الذي يلعب حالياً في دوري الدرجة الأولى على صعيد الرجال، وفي الدوري الممتاز لفئة الشباب بعد غياب لأكثر من عشرة أعوام.


بحسب مصادر خاصة أفادتنا، بأنه هناك من يدفع رشاوٍ لشعبة الحزب فقط لكي توضع أسماؤهم في إدارة الجهاد، رغم أن أموره المادية في الحضيض، ووصلت لبيع لاعبيه على سبيل الإعارة قبل فترة لأندية سورية أخرى، حيث لاقت هذه الخطوة استياء الكثير من الجماهير وطالبوا أن يبقوا مع النادي فهو بحاجة لهم، وخاصةً هم نجوم استدعوا للمنتخبات السورية لمختلف الفئات، من بينهم محمد عثمان وآخرين.


وبهذا الصدد عقدت إدارة النادي مؤتمراً صحفياً لم يرتقِ للمستوى المطلوب من ناحية الحضور، وأوضح فيها رئيس مجلس إدارة النادي، الدكتور ريبر مسور، بأن النادي قام بمنح الاستعارة للاعبيه لأنه غير قادر على سد مستحقاتهم، بالإضافة إلى أنه لا يملك تلك المبالغ الضخمة، مثل الأندية التي قدمت عروضاً للاعبيها، وأشار بأن النادي سوف يجني من كل صفقة حوالي عشرين مليون ل.س، وهو مبالغ لسد مصاريف بعثة الشباب التي ستشارك في الدوري السوري موسم 2021 ـ 2022.


كما نوّه مسور: "وضع الإدارة متروك لشعبة الحزب في القامشلي، والنادي يعاني الأمرين من خلال عدم التوافق بين الإدارة الذاتية والنظام السوري ولن نلعب على أرضنا وبين جماهيرنا طالما لا يوجد أي اتفاق بين الطرفين".


كما صرح مصدر خاص مقرب من إدارة النادي، بأن شعبة الحزب كانت تنوي تغيير رئيس النادي بسبب قوميته الكردية لكنها تراجعت في النهاية بسبب عدم توفر شخص من القومية العربية مقبولاً في الوسط الرياضي.


إن حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا لا يتدخل في إدارة نادي الجهاد الرياضي فقط، بل يتدخل حتى في تعيينات كافة الأندية السورية وتقيل وتحل أية إدارة متى تشاء، كما أنه يتدخل أيضاً حتى في تشكيلة المنتخب السوري لكرة القدم ورياضات أخرى، فردية كانت أم جماعية، كدليل واضح بأن عقلية النظام السوري لم تتغير بعد، رغم كل ما حصل في البلاد منذ قيام الثورة السورية عام 2011.


الجدير ذكره تأسس نادي الشبيبة "الجهاد حالياً" عام 1962، وفي عام 1971 صدر المرسوم التشريعي رقم 38 الناظم للحركة الرياضية في سوريا، وتعمم عام 1972 وتحول اسم النادي إلى الجهاد من قِبَل النظام السوري.


ليفانت - جوان محمد

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!