الوضع المظلم
الأحد ١٩ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • حرائق تركيا.. محاولات للاستغلال السياسي وأخرى للتنصّل

حرائق تركيا.. محاولات للاستغلال السياسي وأخرى للتنصّل
تركيا

شبّت، في الثامن والعشرين من يوليو الماضي، حرائق في ولاية أنطاليا جنوب غرب تركيا، وأدت إلى مقتل مجموعة أشخاص وإصابة العشرات، فيما انتشرت الحرائق في ولايات عدة، من ضمنها أضنة، أنطاليا، موغلا، مرسين، وأوسمانيا، ليعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولايات جنوبي البلاد "مناطق منكوبة"، مدوناً عبر "تويتر": "لقد أعلنا مناطقنا المتضررة من حرائق الغابات منطقة منكوبة، سنواصل اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتضميد جراح شعبنا وتعويض خسائره، وبذل كل ما في وسعنا لجعل الأمور أفضل من ذي قبل". حرائق تركيا


محاولات السلطة لحرف الأنظار

ورغم أن الحرائق هي وفق تقييم معظم خبراء البيئة والمناخ، تعود لأسباب طبيعية، ناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة والتغير المناخي، الذي يضرب العالم، بدليل انتشار النيران في دول كثير ضمن حوض المتوسط، منها اليونان وإيطاليا وليبيا وتونس ولبنان وصولاً إلى الجزائر، لم يمنع ذلك السلطات التركية من محاولات استغلال النيران المستعرة لمصالحها السياسية، عبر التلويح بداية إلى أنها قد تكون مفتعلة.



إذ أعلن أردوغان إلقاء القبض على شخص يشتبه بضلوعه في حرائق الغابات بمنطقة ميلاس جنوب غربي البلاد، قائلاً في مؤتمر صحفي في مدينة موغلا، إنه "تم إلقاء القبض على مشتبه بتورطه في الحرائق في تلك المدينة"، مضيفاً: "واجبنا هو العثور على الذين يحرقون غاباتنا".


اقرأ أيضاً: مصر لـ الإخوان: ارحلوا.. فلا مكان لكم

موقف تلمس صلاح الدين دمرداش، الرئيس السابق لـ"حزب الشعوب الديمقراطية" المؤيد للأكراد، في تركيا، أن حكومة رجب طيب أردوغان، تسعى من خلفه إلى مآرب خبيثة ربما، فشجب تعامل الحكومة الذي اعتبره فاشلاً مع الحرائق، متهماً إياها بعدم استعدادها لمثل تلك الحرائق المتكررة كل عام، مؤكداً أن السبب وراء خطورة عواقب الكوارث الطبيعية هو الكارثة السياسية في تركيا.


مضيفاً: "يظهر الوضع أن الوقت قد حان لجعل أزمة المناخ واحدة من أجندة تركيا الرئيسية"، مردفاً بالقول: "لا يمكن تقديم أي عذر لعدم استعداد الحكومة وعدم كفاءتها.. السبب وراء خطورة عواقب الكوارث الطبيعية هو الكارثة السياسية في تركيا".


وهو ما ذهب إليه كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم المعارضة في تركيا، رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، الذي انتقد أردوغان، على "خلفية تأخر السيطرة على حرائق الغابات المستعرة"، قائلاً وهو يوجه كلامه لأردوغان: "ليتك اشتريت طائرات إطفاء بدلاً من طائراتك الخاصة"، مردفاً: "أردوغان اشترى 13 طائرة خاصة لنفسه، ولكنه كان يمكن أن يشتري طائرة واحدة لنفسه، ويشتري 12 طائرة إطفاء أخرى لإخماد الحرائق"، مشيراً إلى أن "الرئيس التركي في السلطة منذ 19 عاماً، فإذا تم شراء طائرة إطفاء واحدة كل عام، سيكون لدى تركيا اليوم 19 طائرة إطفاء".


اقرأ أيضاً: الجيش الناطق بالتركية وأرمينيا.. تهديد وجودي يذكر بمجازر الماضي

وكشف زعيم المعارضة في تركيا أنه "كان لدى اتحاد الطيران التركي 19 طائرة، و19 طياراً لإخماد الحرائق في عام 2002، وأن 4 من هذه الطائرات تنتظر في إسطنبول، و4 في إزمير، و4 في تشاناكالي، و4 في أدرميت، و3 طائرات تطير باستمرار في الجو، للتدخل الفوري في حالة نشوب حريق"، وأكمل: "فلماذا لا الآن؟ أين ذهبت هذه الطائرات؟".


إقحام الكُرد في كل عمل تخريبي


ولأنها تبدو فرصة مثالية للنيل من الأحزاب الكردية في تركيا، التي تدعو إلى منح الكُرد في تركيا، حقوقهم المشروعة في الحياة الكريمة والتعلم بلغتهم الأم كأبسط الحقوق الإنسانية، كان لا بد من استغلال الحرائق المندلعة لشيطنتهم، وإلحاق كل نواقص الحكومة بأعمال تخريبية مزعومة تنفذها تشكيلاتهم، فزعمت صحيفة "يني شفق" التركية، في الأول من أغسطس، بأن جماعة "أبناء النار" المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، بأنها أعلنت مسؤوليتها عن حرائق الغابات"، وادّعت أن "الجماعة أكدت في إعلانها على مواقع التواصل أن النظام التركي لا يفهم لغة أخرى، لذلك قررنا تركيعه بالنار".


لكن، ولأن ذلك الادعاء من السهل تفنيده، نتيجة عدم تبني الإعلام المؤيد للحزب أي فعل من هذا القبيل، رد وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، بأنه من السابق لأوانه الحديث عن تورّط حزب العمال الكردستاني، في حرائق الغابات في البلاد، وأضاف: "تم تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الحرائق، تلقينا 270 طلباً حول ذلك، ونقوم بالتحقق من كل منها، المخابرات تعمل أيضاً في هذا المجال، لكن حتى يتضح الوضع، لا يمكننا الإدلاء بأقوال، هناك معتقلون على هامش الموضوع، والتحقيق ما يزال مستمراً".


اقرأ أيضاً: تميم وآل مرة.. فضح المُحاولات الزائفة لتحسين صورة قطر

لكن اتهامات يني شفق لم تتوقف عند اتهام الأحزاب الكردية، بل وصلت للأحزاب التركية المعارضة، وهو ما دفع رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليتشدار أوغلو، في الثالث من أغسطس، إلى رفع دعوى قضائية ضد إبراهيم قاراجول، الكاتب التركي المقرب من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عقب اتهامه لحزبي "الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي"، بالوقوف وراء حرائق الغابات.


إذ زعم قاراجول في منشور على حسابه الرسمي على "تويتر"، أن "ما يفعله كيليتشدار أوغلو يضر بالأمن القومي لتركيا، فهو متآمر في خطة قذرة مع حزب الشعوب الديمقراطي"، فيما أشارت صحيفة "زمان" التركية المعارضة، إلى أنّ "قاراجول تعمد تحريف اسم أكبر أحزاب المعارضة للربط بينه وبين الانفصالين الأكراد، وقال إن حزب الشعب الكُردستاني تحرّك جنباً إلى جنب مع حزب العمال الكردستاني في حرائق الغابات".


الشاي في مواجهة الحرائق


إلى ذلك، تعرض أردوغان لانتقادات واسعة، نتيجة إلقائه عبوات الشاي على المتضررين من الفيضانات والحرائق، ليرد عمدة بلدية بولو التركية، تانجو أوزجان، بإلقاء أكياس الشاي على نواب العدالة والتنمية، أثناء كلمة ألقاها ضمن اجتماع مع نواب البرلمان، ذكر أنه سيفعل مثلما يفعل الرئيس رجب طيب أردوغان، إذ أخرج "أكياس الشاي" وباشر برميها على نواب العدالة والتنمية، مما أدى إلى غضب نواب الحزب الذي يقوده أردوغان، واصفين أوزجان بـ"الوقح".


اقرأ أيضاً: على الطريقة التركية.. لوكاشينكو يُكرر ابتزاز أوروبا باللاجئين

لكن الغضب من تعامل الحكومة مع ملف الحرائق لم يقتصر على الأحزاب المعارضة، إذ هاجم مجموعة من المواطنين الأتراك، في السابع من أغسطس، موقعاً لتصوير أحد برامج قناة "هالك تي في"، وسعوا للتشويش على البث، مؤكدين أنه لا يجري نقل الحقيقة، وأثناء بث مباشر من موغلا، إحدى أكثر المناطق تضرراً من حرائق الغابات، وبينما كان مقدم البرنامج يستضيف صحافيين لاستعراض تعامل الحكومة التركية مع الحرائق، اقتحم عدة أشخاص الموقع وباشر أفرادها بالصراخ: "لن نسمح لكم بالاستمرار بهذا البث، أنتم لا تقولون الحقيقة".


ولعل تلك العبارة التي أطلقها المواطنون الأتراك المتضررون من الحرائق، هي الأصدق من تلك المزاعم التي تطلقها الحكومة التركية يمنة ويسرة، تارة باتهام الأحزاب المعارضة، وتارة بمحاولة تبرير التقاعس والتقصير، والأكيد أن الأتراك لن ينسوا ما حصل، خاصة في العام 2023، عندما تحين الساعة لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!