الوضع المظلم
الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
تميم وآل مرة.. فضح المُحاولات الزائفة لتحسين صورة قطر
قطر

في التاسع والعشرين من يوليو الماضي، أعلن الديوان الأميري في قطر، أن تميم بن حمد آل ثاني صدّق على قانون انتخابي لأول انتخابات تشريعية في البلاد، المُقرر إجراؤها في أكتوبر القادم، قبل عام من استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022، في إطار مساعيها لتحسين صورتها أمام العالم قبل استضافة تلك البطولة، بغية اختيار ثلثي أعضاء مجلس الشورى أو 30 عضواً في المجلس المؤلف من 45 مقعداً.


لكن خطط إجراء أول انتخابات لاختيار جزء من أعضاء مجلس الشورى، والذي نص عليه دستور 2003، تعطلت منذ سنوات، وعوضاً عن ذلك، كان أمير البلاد يعين أعضاء المجلس، الذي يعتبر أعلى هيئة استشارية للحكومة، وفي نهاية أكتوبر 2019، أصدر أمير قطر قراراً أميرياً بإنشاء "لجنة عليا للتحضير لانتخابات مجلس الشورى، والتي ترمي إلى تحويل المجلس من مجلس مُعين إلى مُنتخب.


قطر

ما هو مجلس الشورى.. وكيف تعاطى القطريون مع القرارات الجديدة؟


يعتبر مجلس الشورى بمثابة الهيئة التشريعية (كمجالس النواب والبرلمانات)، ومن مهامه مناقشة ما يحال إليه من مجلس الوزراء، مثل مشروعات القوانين، والسياسة العامة للدولة، وميزانيات المشروعات الرئيسة، بحيث يقدم توصيات بشأنها.


لكن شروط الترشح أثارت جدلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث نص القانون على أن يتمتع "بحق انتخاب أعضاء مجلس الشورى كل من كانت جنسيته الأصلية قطرية وأتم 18 سنة ميلادية"، بجانب الإشارة إلى أن حق الانتخاب يُمنح لمن ولد جدّه في قطر، واكتسب الجنسية قبل عام 1930.


اقرأ أيضاً: السلاح التُركي في أوكرانيا.. ومساعي ليّ الذراع الروسيّة

شروطً دفعت بعض القطريين المنتمين لقبيلة آل مرة، إلى إطلاق عدد من الوسوم ونشر عدد من الفيديوهات احتجاجاً عليها، مطالبين تميم بتعديلها، باعتبارها تحرمهم من حقهم في الانتخاب كأي مواطنين آخرين.


احتجاجات واجهتها سلطات تميم بالاعتقالات، حيث تداول مغردون مقاطع فيديو أظهرت احتجاج قطريين رافضين لقوانين الانتخابات وللمطالبة بإطلاق سراح 7 أشخاص انتقدوا تلك القوانين، وهو ما أكدته وزارة الداخلية القطرية، عندما كشفت في تغريدة عبر حسابها في موقع "تويتر" عن إحالة 7 أشخاص، إلى النيابة العامة، متهمة إياهم "باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار غير صحيحة وإثارة النعرات العنصرية والقبلية"، وفق وصفها.


ونتيجة لوضعهم في الماضي، كقبيلة شبه بدوية في قطر، سوف يمنع قانون الانتخابات مشاركتهم في التصويت، لأنهم يفتقدون بعض المؤهلات اللازم توافرها من أجل اكتساب أصول قطرية، كما أن للقبيلة سجلاً من الخلافات مع الأسرة الحاكمة في قطر، وقد أطلقت هاشتاغات عدة رافضة للقانون، منها #آل_مرة_قطر_قبل_الحكومة، و#آل_مرة، و#انتخابات_مجلس_الشورى، و#قطر_تنتفض، وأظهر فيها كثر من القطريين رفضهم "لأسلوب التهديد والوعيد المُبطّن وإذكاء العصبية القبيلة الذي صدر عن البعض"، معدين أن القبيلة كانت في قطر قبل الحكومة.


من هي قبيلة آل مرة؟


تعتبر آل مرة واحدة من أهم وأشهر القبائل العربية ذات الجذور الضاربة في أعماق قطر، وأكثرهم مجموعاً منذ مئات السنين، ووفق مصادر إعلامية، فإن مجموع أفراد قبيلة "آل مرة" يفوق 40% من مجموع القطريين، وإن ذلك العدد الكبير قد يكون سبباً في التشديد الذي يواجهونه في بلادهم، وقد ساهموا بشكل فعال في بناء الدولة منذ نشأتها، إلى أن شاب التوتّر علاقتهم مع الأسرة الحاكمة، منذ اعتلاء حمد بن خليفة الحكم في السبعينيات، إذ يُنظر إلى "آل مرة" باعتبارها سعودية الأصل، وحصلت على الجنسية القطرية، عقب أن جرى فتح الباب لمن يريد الجنسية القطرية من القبائل في السبعينيات.


اقرأ أيضاً: الترهيب في الخليج.. شُعلة قد تُلهب الحرب الإيرانية-الإسرائيلية

بيد أن اضطهاد القبيلة ظهر واضحاً في التسعينيات، حينما انقلب الابن الشيخ، حمد بن خليفة، على الحاكم الأب الشيخ، خليفة بن حمد، وتولى مقاليد الحكم عام 1996، الأمر الذي لم تقبله "آل مرة" معتبرين الشيخ خليفة هو الحاكم الشرعي لقطر، وأدوا القسم القانوني بالولاء والطاعة له، لتلصق بهم تهمة التحريض وجرى الزج بغالبيتهم في السجون، دون محاكمة، بجانب ممارسة التعذيب والإهانة بحقهم، وعقبها جرى إسقاط الجنسية عنهم، إضافة إلى فصل الكثير منهم، من وظائفهم المدنية والعسكرية، وتوج الاضطهاد في العام 2004، عبر قرار بإسقاط الجنسية عن عدد كبير من "آل مرة"، وإنهاء خدمات الموظفين ومطالبتهم بتسليم المساكن التي يقيمون فيها كمواطنين.


الإعلام القطري والإخواني


التجاهل هو الفعل الذي لجأت إليه تلك الوسائل الإعلامية، على عكس الأحداث التي وقعت في دول أخرى، كسوريا وليبيا ومصر، التي جرى تخصيص مراسلين وأدوات تصوير من خارج تلك الدول، زود بها تحديداً الدائرون في فلك تنظيم الإخوان المسلمين، بغية تضخيم الأحداث، وتصوير الأمور في تلك الدول على أنها مقتلة، حتى تحولت إلى ذلك، بفعل سنوات من الضخ الإعلامي الممنهج والمدروس.


ورغم أن الاحتجاجات هذه المرة على بعد مقربة من وسائل الإعلام القطرية، وعلى رأسها قناة "الجزيرة"، تم تجاهل التظاهرات، وهو ما دفع كثير من المعلقين والإعلاميين العرب لاستهجان ذلك، ومنهم الصحفي السعودي المعروف، عبد العزيز الخميس، الذي نشر مجموعةً من مقاطع الفيديو للاحتجاجات، شاجباً تجاهل الإعلام القطري لها بالقول: "لو حدث هذا في القاهرة لصدعتنا الجزيرة بقصص عنه لكن أن يكون خارج باب قناتها ووسط الدوحة فالصمت يحل.. ما أكذب مقولة الرأي والرأي الآخر.. هذا الآخر ضعوه مباشراً على الهواء".


اقرأ أيضاً: مصر لـ الإخوان: ارحلوا.. فلا مكان لكم

فيما شنّ الشاعر القطري الشهير محمد بن الذيب، هجوماً على الجزيرة وإعلامييها، نتيجة تجاهلها التام لتغطية الاحتجاجات، قائلاً في مقطع فيديو، الثلاثاء، عبر تويتر: "الجزيرة عاهرة متسترة، وإلا حدث مثل هذا لا يتم ذكره ولا يتم التطرق إليه من قريب أو بعيد؟ أين فيصل القاسم، جمال ريان، وأشكالهم؟ أين المرتزقة اللي عندهم ما يتكلمون عنه؟ أين الإعلاميون والصحفيون؟ وأين الشعراء؟".


فيما عرض فهد طالب الشرفي، مستشار وزير الإعلام اليمني، ورئيس رابطة الإعلاميين اليمنيين، مشاهد مصورة لأحد المحتجين القطريين الغاضبين وسط مئات آخرين يحيطون به، ودوّن: "تخيلوا أن هذه الاحتجاجات لا تفصلها عن مبنى الجزيرة سوى أمتار، قناة الرأي والرأي الآخر لا رأي فيها لأهل قطر".


اقرأ أيضاً: الجيش الناطق بالتركية وأرمينيا.. تهديد وجودي يذكر بمجازر الماضي

أما الباحث السياسي المغربي عبد الحق الصنايبي، فسخر من تجاهل الجزيرة للأحداث في قطر، بالقول: "بعد أزيد من 25 سنة، نكتشف أن قناة الجزيرة لا تمتلك مراسلين صحفيين داخل دولة قطر"، فيما هاجم الإعلامي جمال الحربي، قطر، نتيجة إقصاء قبيلة "آل مرة" من الانتخابات، بالقول: "فعلاً فاقد الشيء لا يعطيه، في وقت تزعم فيه إصلاح العالم، وتوزيع العدالة فيه، وتطلق أبواقها الإعلامية للنباح شرقاً وغرباً، نرى اليوم سقطتها المدوية وفضيحتها حين ادعت خوض تجربة ديمقراطية أقصت منها قبائل لا يمكن تجاهلها".


بينما استنكر المحلل السياسي السعودي سامي المرشد، تجاهل الجزيرة للأحداث، قائلاً في تغريدة عبر "تويتر": "كاميرات قناة الجزيرة تستطيع التقاط أي مظاهرة أو أي احتاج أينما وجد على كوكب الأرض، لكنها سبحان الله تعجز أن تلتقط صور المظاهرات التي لا تبعد إلا أمتاراً قليلة عن مقرها الرئيسي في مدينة الدوحة في قطر"، وأكمل: "الكذب والكذب الآخر.. الزيف والزيف الآخر.. الرأي والرأي الآخر ذهب أدراج الرياح".


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!