الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
جماعة أنصار بيت الإخوان
ثروت الخرباوي

ثروت الخرباوي - كاتب ومفكر مصري


دعونا نكتب اليوم عن جماعة "أنصار بيت المقدس" التي حملت السلاح ورفعت شعارات الإسلام ووقفت تحارب الأمة كلها وكأن الإسلام يأمر بسفك الدماء !!


ولتلك الجماعة قصة، والقصة لها بداية، والبداية كانت من ستينيات القرن العشرين، ففي ذلك الوقت كانت هناك جماعة جهادية نشأت سراً تحت اسم جماعة الجهاد، وقد خرجت تلك الجماعة من تحت معطف جماعة الإخوان، فما الإخوان عن كل جماعات الإرهاب ببعيدة، أما الذي أنشأ جماعة الجهاد هذه فهم مجموعة من شباب الإخوان تأثرت بسيد قطب وأفكاره، وأخذت تبكي على موته وتُقسم على أنها ستنتقم لإعدامه، كانت تلك المجموعة تتردد على مساجد الجمعية الشرعية، وتتلقى من أفكارها ذات التوجه السلفي، وكان من تلك المجموعة شاب اسمه علوي مصطفى، وآخر اسمه اسماعيل طنطاوي، وكان منها أيضاً الشاب الحدث أيمن الظواهري الذي كان على وشك الالتحاق بكلية الطب، وبعد قضية الفنية العسكرية الشهيرة عام 1974 توجهت مجموعة من قيادات تلك الجماعة الجهادية إلى مصطفى مشهور نائب المرشد العام لجماعة الإخوان وقتها والذي أصبح راعياً لكل مجموعات العنف والإرهاب فيما بعد، وطلبوا منه دعم جماعة الإخوان لهم مادياً وبشرياً، فلم يتأخر عنهم مشهور وساعدهم سراً في عدة عمليات قاموا بها في غضون عام 1977، ولا يفوتني أن أخبركم بأن مصطفى مشهور كان أحد رموز التنظيم السري المسلّح لجماعة الإخوان، وأحد الذين اشتركوا في جرائم الاغتيال والتفجيرات التي اقترفها الإخوان قبل ثورة 1952.




وعندما حدث الصدام بين الرئيس الراحل أنور السادات وجماعة الإخوان، وبدأت اعتقالات سبتمبر 1981 إذا بمشهور يفرّ من مصر لليمن ثم للسعودية والكويت إلى أن حط رحاله في لندن لينشأ من هناك التنظيم الدولي للإخوان، وبعد فرار مشهور بساعات كان الاغتيال المشهور للسادات الذي تم بأيدي تنظيم الجهاد المسلّح، إلا أن الداعم السري له كان قد هرب حتى لا يلقي بأي شبهة على الإخوان، وانطلى الأمر على القيادات الأمنية للأسف الشديد، ولم يرد في بالهم أن يكون الإخوان هم أصحاب اليد الخفية التي تحركت لهذا الاغتيال.




وفي غضون عام 1988 اتفق مصطفى مشهور مع عبد الله عزام القيادي الإخواني الفلسطيني على أن ينشأ تنظيم القاعدة، فكان، حيث وضع عبد الله عزام يده في يد أسامة بن لادن ثم الجهادي أيمن الظواهري، وكلهم تلاميذ مشهور، فظهر للوجود تنظيم القاعدة، وكانت كل تلك التنظيمات تعلن اختلافها مع الإخوان بل وتنتقدها في أحيان أخرى وتتهمها بمداهنة السلطات، وكان كل ذلك من أجل إخفاء الهوية الحقيقية لتلك الكيانات.




وإذا قفزنا لسنوات بعد ذلك سنجد تنظيمات تنشأ بأسماء مختلفة وكأن الإخوان لا يعرفونها، إلا أن البصمة النفسية للمجرم واحدة لا يمكن إخفاءها، إلى أن جاء محمود عزت اذي أصبح نائباً لمرشد الإخوان، ومن خلفه محمد كمال، والمثل يقول "الولد سر أبيه" فكان عزت الولد المطيع لأفكار مشهور صاحب التنظيم السري للإخوان في العصر الحديث، وكان قد تلقى الدرس من أبيه مشهور بل كان يحضر معه تلك اللقاءات السرية التي عقدها مشهور في باكستان، والفلبين، بعيداً عن عيون الأمن المصري، إلى أن جاء عام 2000 وقبل وفاة مصطفى مشهور بعامين وفيه كان إخوان العريش قد استطاعوا تجنيد شاب من قبيلة السواركة اسمه خالد مساعد يعمل طبيب أسنان، وكان مهندس التجنيد قيادي إخواني كبير من يافا بفلسطين هو الدكتور "محمود حسين" الأمين العام للإخوان حالياً، وتم تقديم الشاب "خالد مساعد" لمصطفى مشهور في وجود محمود عزت، وأصبح محمود عزت فيما بعد هو المشرف على كل تحركات مساعد، وهو همزة الوصل بينه وبين الإخوان، لم يكن الاتصال يتم بطبيعة الحال وجهاً لوجه، ولكن عن طريق الطبيب الإخواني عادل قطامش القيادي الكبير في المكتب الإداري لإخوان العريش، إذ من المنطقي أن يتقابل الطبيب قطامش مع طبيب الأسنان خالد مساعد، وكلاهما حاصل على بكالوريوس الطب من جامعة الزقازيق.




ولكن من هو خالد مساعد هذا وما الذي طلبه الإخوان منه؟ خالد مساعد كان من طلاب الإخوان في جامعة الزقازيق، وقد اتفقا مع مشهور ومحمود عزت بواسطة عادل قطامش على إنشاء تنظيم "التوحيد والجهاد" في العريش، وكانت تلك الجماعة هي بمثابة إحياء لجماعة الجهاد التي اغتالت السادات، ولكن الأهداف التي أعلنوها وهم بصدد تجنيد الشباب هي "مقاومة الاحتلال الإسرائيلي" وتحرير بيت المقدس من الصهاينة، وقد كان هذا الهدف من شأنه أن يجتذب مئات الشباب الذي يتوق إلى تحرير بيت المقدس، وبالفعل تشكل هذا التنظيم الذي قام بعدة عمليات إرهابية منها تفجيرات طابا ونويبع عام 2004، مع أن طابا ونويبع في مصر وليست في بيت المقدس! ثم قاموا باستهداف عدة كنائس في العريش ورفح، وكان من أعمالها استهداف العديد من السياح في سيناء وكأن هذا الاستهداف سيحرر القدس، ولكن الحقيقة هي أنهم كانوا يستهدفون مصر، بغيتهم هي إسقاط الدولة نفسها، لا يهتمون بالنظام، أو الحكومة، ولكن جل همهم الدولة نفسها! وفي عام 2005 تم قتل خالد مساعد أثناء مواجهة مسلحة بينه وبين الشرطة المصرية، إلا أن التنظيم لم ينته، فالإخوان يدعمونه سراً بالمال والرجال.




وبعد سقوط حكم الإخوان قامت جماعة "التوحيد والجهاد بتغيير اسمها إلى "أنصار بيت المقدس" وأعلنت أن هدفها الرئيسي هو إعادة محمد مرسي للحكم، ولا تزال تلك الجماعة تمارس عملياتها الإرهابية بدعم من التنظيم الدولي للإخوان، وليتها تغير إسمها إلى "أنصار بيت الإخوان".




........


العلامات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!