-
ثقافة وفكر وزواج سبايا في ظل نظام الملالي في إيران
يُعد المؤمن من الناحية الدينية بمن تردعه عقيدته الدينية التي ارتقت لمرحلة الإيمان عن ارتكاب المعاصي، ونهى الله عز وجل عن قتل النفس من ضمن ما نهى عنه قائلاً (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغيرِ نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون). صدق الله العظيم
وقول الله واضحٌ وصريحٌ هنا ولا يقبل التأويل، أما مبادرة سلطات نظام ولاية الفقيه في إيران إلى قتل الأطفال سعياً منها إلى سحق روح المقاومة لدى شباب البلاد والاحتفاظ بقبضتها الحديدية على السلطة فقد تخطت الاعتبارات الدينية والإنسانية والأخلاقية وكل الادعاءات والشعارات التي رفعها وكل أمرٍ وفعلٍ مباحين من أجل السلطة، وأقبح الجرم هو قتل من يدعي الدين والإيمان للأطفال من أجل السلطة ولم ينهاه كتاب الله عن فعله ولم تردعه أية عقيدة لديه عن هذا القبح الإجرامي.
ثقافة وفكر السبي
ماذا يمكن أن يتوقع المرء ممن خرجوا عن القيم والعقائد والشرائع والقوانين والأعراف من أجل السلطة أن يفعلوا بالبشرية سوى أن يرونهم عبيداً وجواري وسبايا ورهائن مجرد أرقام وأدوات ووسائل لا قيمة ولا كرامة لهم، ووفق هذا المنطق لا يمكن أن تكون القوانين والتشريعات المعمول بها مراعية لحقوق الإنسان صائنة لكرامته حافظة للحقوق، وفي ظل هكذا سلطة يقع الظلم على الجميع دون تمييز، ويسير المجتمع مُرَوضاً على هذا النوع من الفكر والثقافة خاصة عندما تكون الحياة مأساوية كتحصيلٍ حاصل لنهج تلك السلطة وتضطر نسبة كبيرة من المجتمع إلى معايشة ذلك النهج والرضوخ للسلطة القائمة وما تروج لها من بدعٍ ومحدثات لا سند ولا أساس لها ولا تتوافق مع حياة سليمة كريمة للبشر، خاصة الأطفال والنساء والفتيات اللواتي في عمر الطفولة ويتم التعامل معهن كسبايا وجواري تُنتهك حقوقهن ولا يملكن من أمرهن شيئاً ويتم التشريع لتلك الانتهاكات لتصبح أمر واقع على المجتمع الذي أنهكه الفقر وتجبره الحاجة إلى القبول بتشريعات مهينة لأبنائه.
زواج القاصرات.. زواج السبايا
زواج الفتيات القاصرات هو أحد أشكال العنف الخطيرة ضد القاصرات، وهو الأمر الذي أصبح مؤسساتياً في قوانين نظام الملالي وشائعاً جداً بسبب انتشار الفقر في إيران في ظل سلطة الملالي، ويُعرَّف زواج القاصرين بأنه زواج أي شخص دون سن 18 عام، وهو ممارسة شائعة في إيران حيث يُسمح للرجال بزواج الفتيات من سن 9 سنوات، وللنساء بزواج الرجال من سن 15 عاما.
يؤدي الزواج المبكر إلى إلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها لجسد وروح وصحة الأطفال، وليس للزواج المبكر وزواج الأطفال جذور ثقافية في إيران بل أصبح كارثة اجتماعية بسبب سياسات نظام الملالي.
وبحسب قوانين نظام الملالي تعتبر الفتيات البالغات من العمر 9 سنوات بالغات بغض النظر عن نضجهن الفكري والاجتماعي وحتى حدوث النضج الجسدي، ووفقاً للقوانين الإيرانية فإن السن القانوني لزواج الفتيات هو 13 عاماً، لكنه طريقة لتزويج الفتيات الصغيرات والاعتداء الجنسي على الأطفال الذي وُضِع تحت عنوان "الزوجة".
وتجيز المادة 1041 من القانون المدني زواج الفتاة تحت سن 13 سنة شمسية بموافقة المحكمة وإذن ولي الأمر و" مراعاة الظروف".
ولا حق للأمهات في إيران بالتدخل في تحديد مصير أبنائهن، ويسمح القانون المدني للآب والجد من الأب بإجبار الطفلة على الزواج في أي عمر بموافقة قاضٍ، ولكنه وفقاً لاعتراف خبراء حكوميين فإن السبب الرئيس الذي يجعل الأسر تقبل بموضوع زواج الأطفال لبناتها هو أنه يجب أن يُنظر في موضوع الفقر الاقتصادي.
تفيد مراجعة الإحصائيات السنوية بأن أكثر من 15 ألف فتاة تحت سن 15 عاماً قد أنجبن في إيران خلال العقد الماضي، بالإضافة إلى ذلك ووفقاً لإحصائيات منظمة تسجيل الأحوال المدنية الإيرانية فإنه قد تم تزويج أكثر من مليون فتاة تحت سن 18 عاماً في إيران في الفترة ما بين سنة 2014 وحتى سنة 2021. (وكالة أنباء ايسنا الحكومية – 13 إبريل 2022)
ووفقاً لآخر تقرير لمركز الإحصاء الإيراني، فإنه قد تم تسجيل ما لا يقل عن 27448 حالة زواج قاصرات تحت سن 15 عاماً في مناطق مختلفة من إيران في الفترة من شتاء سنة 2021 وحتى نهاية خريف سنة 2022.
ووفقاً لما كتبته صحيفة آرمان ملي بتاريخ 27 يوليو 2021 فإنه يتم تسجيل 100 حالة زواج لقاصراتٍ تحت سن 15 عاماً في إيران كل 24 ساعة.
لكن الأمر الأهم هنا هو أن غالبية القاصرات اللائي تزوجن بزواج الأطفال يصبحن أمهات في نفس ذلك السن الصغير، ووفقاً لآخر إعلان لمنظمة تسجيل الأحوال المدنية في مايو 2022، وفي سنة 2021 قد وُلِد ما لا يقل عن 69.103 مولود لأمهات بعضهن لا يزلن أطفالاً في الفئة العمرية من 10 سنوات إلى 19 عاماً، و1474 مولوداً وُلِدوا لأمهات بعضهن لا يزلن أطفالاً تتراوح أعمارهن ما بين 10 و14 عاماً. (صحيفة اعتماد الحكومية – 21 مايو 2023)
كما أن أكثر أعداد الفتيات المصابات تتراوح أعمارهن بين سن 15 و24 عاما، وعليه فإن أطفال الزوجين أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض، وكذلك لمضاعفات مثل ضغط الدم أثناء الحمل، وعدوى الدم أثناء الحمل، والنزيف عند الفتيات دون 15 سنة أكثر من النساء اللواتي تزوجن في العشرينات من عمرهن، وهذه المضاعفات تعرضهن لخطر الوفاة بشكل أكبر خاصة وأنهن أكثر عرضة للعنف المنزلي ومضايقات الأطفال، وسوء الإستغلال والعلاقات الجنسية القسرية مقارنة مع النساء المتزوجات في سن مناسب أو مقارنة الأطفال الذين يعيشون في الأسرة. (موقع بهارنيوز الحكومي – 30 يناير 2020)
وبالإضافة إلى الآثار الجسدية لا بد من الإشارة أيضاً إلى العواقب النفسية المترتبة على زواج القاصرات، إذ بهكذا زواج تنفصل القاصرة عن طفولتها وتنقطع علاقتها بأهلها وأصدقائها، وبدلاً من ذلك تقع مسؤولية الحياة على عاتقها وتُصبح حياتها مقتصرة على شؤون المنزل والحمل وتربية الأطفال، وهذا يؤدي إلى إصابتها بالاكتئاب وظهور قلق واضطراب شديدين عليها.
وبسبب عدم قدرتهن على تحمل الظروف غير المتكافئة وعدم قدرتهن على حل المشاكل يهرب العديد من هؤلاء القاصرات من المنزل أو ينتحرن، أو يُقدِمن على قتل أزواجهن وهو ما يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة بالنسبة لهن في ظل نظام الملالي المناهض للمرأة.
ووجود أرملةٍ طفلة هو واحدة من هذه المصائب الأخرى، وفي يونيو 2018، أعلنت معصومة آقابور عليشاهي النائبة بمجلس الملالي آنذاك، عن وجود 24 ألف أرملةٍ طفلة تحت سن 18 عاما. (موقع جوان الحكومي – 31 يناير 2019)
خلاصة القول:
على الرغم من الجهود الدولية لمكافحة زواج القاصرات في إيران، إلا أن هذه الممارسة ما تزال منتشرة، ووفقاً لمنظمة اليونيسف فإن حوالي 24% من الفتيات في إيران يتزوجن قبل سن 18 عاما.
ولذلك طالبت لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مراراً؛ طالبت المقرر الخاص المعني بالعنف ضد النساء والفتيات في إيران بالتحقيق في انتهاك حقوق الفتيات الإيرانيات فيما يتعلق بالقوانين التي تسمح بالزواج المبكر والزواج بالإكراه، وبشأن المجرمين المعتدين على الأطفال الذين لا تتم معاقبتهم بشكل مناسب.
قاتل لا يبكي على من قتل ويبكي على غيرهم
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله وإلا بالحق.. هل يدرك ملالي طهران معنى هذه الآية أم أنهم لم يدخلوا الإسلام بعد؟
وهل هناك فرق بين قتل الأبرياء خاصة الأطفال والنساء في إيران أو في غزة أو في أي مكان آخر؟
ولماذا لا يبكي نظام الملالي على الأطفال الذين قتلهم ويبكي على غيرهم، أليست النفس التي حرم الله واحدة؟
أليس نشر تلك الثقافة وذلك الفكر البائس الذي يؤدي بالأطفال من الإناث إلى الهلاك كما يؤدي إلى زيادة المآسي الاجتماعي المرهقة للمجتمع؟
ألا يؤدي هذا النوع من الزواج إلى انتهاك حقوق الأطفال والقتل أحياناً في نهاية المطاف؟
هل يقبل هؤلاء الملالي بتزويج بناتهم في مثل هذه السن والتعامل معهن كإماء (كجواري أو سبايا) لا كرامة لهن ولا قدر؟
ووفقاً لمسيرة الملالي هذه فإنهم لا دين لهم؛ وليسوا أحراراً في دنياهم! أيها الناس إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون الميعاد فكونوا أحراراً في دنياكم.
ليفانت - د. سامي خاطر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!