الوضع المظلم
الجمعة ١٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • “بضاعتهم رُدت إليهم”.. إنقلاب داخل الإخوان يكتب نهايتها بأيدي مؤسسيها

“بضاعتهم رُدت إليهم”.. إنقلاب داخل الإخوان يكتب نهايتها بأيدي مؤسسيها
الإخوان

 ليفانت- رشا عمّار 


 


 





"الجماعة في حالة موت سريري، تراوح مكانها بين الموت والحياة منذ تموز/يوليو 2013، أدائها بعد ثورة يناير كان يفتقد للخيال السياسي والجرأة على اتخاذ مبادرات لإصلاح الأوضاع داخلياً، وكانت القيادة تنظر تحت قدميها، أما بعد السقوط في مصر عقب ثورة حزيران/يونيو 2013 فهو أداء كارثي، ولا يزال".



 




هكذا وصف خليل العناني المحلل السياسي في معهد الدوحة للدراسات، وهو أحد المقرّبين من التنظيم والمنفتحين عليه داخلياً، في حوار أجراه معه أحد المواقع التابعة للجماعة، ليؤكد حقيقية عكف قيادات الإخوان على نفيها على مدار نحو سبع سنوات، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن جماعة الإخوان تجاوزت النفق المظلم إلى النهاية الحتمية والتفكك الكامل، ليس هذه المرة بلسان أحد معارضيها ولكنها شهادة أقرب إلى اعتراف واضح وصريح بأن “تنظيم حسن البنا قد انتهى بأيدي قادته”. إنقلاب داخل الإخوان


تصريحات العناني، لم تكن مجرد نقد محمود للجماعة التي تحترف توظيف النقاد من الداخل لكسب تعاطف مؤيديها وصبغة الحقائق بما تريد أن تقوله للناس، لكنها مرآة للواقع، حول ما آل إليه الصراع الداخلي، خاصة بعد القبض على محمود عزت القائم بأعمال المرشد، والمرجع الأهم لقيادات التنظيم المتصارعة أو “رمانة الميزان” كما أطلق عليه المراقبون.



انقلاب تاريخي داخل الإخوان



وبالرغم من أن محمود عزت كان أحد طرفي الصراع المحتدم داخل التنظيم منذ سنوات، إلا أنه نجح في حفظ التوازن داخلياً والإبقاء على حالة الصراع عند المربع الآمن، الذي ضمن بقاء الجماعة في حالة تماسك نسبي، سمح لها بالبقاء.


لكن رياح القبض على “عزت” أزاحت الرماد عن كتلة النيران المشتعلة، وأسقطت التوازن الداخلي نهائياً، وعصفت بما تبقى للتنظيم، فبعد أيام من إعلان القاهرة خبر سقوط عزت بقبضة الأمن، سارع إبراهيم منير أمين التنظيم الدولي للإخوان إلى إعلان نفسه قائماً بأعمال المرشد، في مخالفة واضحة وصريحة للائحة الجماعة الذي تمنعه من المنصب كونه مزدوج الجنسية (حاصل على الجنسية البريطانية).



نهاية مكتب إرشاد مصر



وفي تحدٍ واضح سارع منير لاتخاذ عدة قرارات أشعلت الجماعة وأدت لانشقاق مئات من أعضائها، كان أبرزها إلغاء منصب الأمين العام للتنظيم وتشكيل لجنة جديدة لإدارة شؤون الجماعة من الخارج برئاسته، وتضم في عضويتها؛ محيي الدين الزايط، وحلمي الجزار، ومحمود حسين، وأحمد شوشة، ومحمد عبد المعطي الجزار، ومدحت الحداد، ومصطفى المغير، على أن يترأس اللجنة محيي الدين الزايط في حالة غياب منير. إنقلاب داخل الإخوان


اقرأ المزيد  السودان يواجه الكارثة.. خبراء يوضحون لـ”ليفانت” أسباب الفيضانات المدمّرة


ووفق مراقبون فإن الأخطر من ذلك هو تصريح منير بشأن نهاية مكتب إرشاد مصر، قائلاً: “باعتقال محمود عزت انتهى وجود مكتب الإرشاد داخل مصر، فقد توزع أعضاؤه بين السجون والخارج. وبموجب التشكيلة الجديدة لم تعد الأمانة العامة موجودة، كما لم يعد منصب نائب المرشد موجوداً، وأصبح الأمين العام ونائب المرشد عضوين في اللجنة”.


ويقول المفكر الإسلامي المصري ثروت الخرباوي إنها المرة الأولى التي يُعلن فيها أن مكتب الإرشاد بمصر غير موجود، واصفاً المشهد بأنه انقلاباً داخلياً تاريخياً في جماعة الإخوان، وتغيير كامل في هيكلها التنظيمي، لأن منير ألغى رأس الهرم التنظيمي، ووضع هيكل جديد للإخوان يصطدم مع ثوابته التاريخية، لأنه منذ نشأة الجماعة في 1928، يتولى مكتب الإرشاد الذي يشكل من مصر إدارة شؤون الجماعة كلياً ويتم اختيار المرشد من أعضاؤه، ويتولى إصدار كافة القرارات الهامة والمصيرية، ويتشكل من 116 عضو 114 منهم من داخل مصر وعضوين من إخوان الخارج.


ويتساءل “الخرباوي” عن الجهة التنظيمية التي عيّنت إبراهيم منير قائماً بأعمال المرشد، وهل وافق أعضاء مكتب الإرشاد على ذلك؟ وما يبدو أنه أعلن نفسه منفراداً بالقرار، وذلك يجعل ما حدث داخل التنظيم انقلاب واضح من قيادات ضد الأخرى. إنقلاب داخل الإخوان


وإبراهيم منير هو أحد أبناء الرعيل الأول لتنظيم الإخوان، رفقاء سيد قطب، في قضية 1965 الشهيرة وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم لصغر سنه وقتها، لعشر سنوات، ومنذ خروجه من السجن، هاجر إلى بريطانيا حيث شارك مع سعيد رمضان، صهر حسن البنا في تأسيس التنظيم الدولي وعمل متحدثاً رسمياً باسم الجماعة في الخارج ثم أميناً للتنظيم الدولي.



محاولة فاشلة لرأب الصدع



في خطاب وجهه إبراهيم منير لقواعد الجماعة في مصر لم يدخر جهداً في محاولة التخفيف من وطأة الحدث، واستحضر شخصية محمود عزت في دعوة الإخوان للتوحد والتماسك لكنه لا يملك أدوات ولا مكانة عزت لدى القواعد، ما جعل خطابه أشبه بسكب البنزين على النار، ورفضه قواعد الجماعة وقيادتها وخرجوا للرد عليه علناً.


اقرأ المزيد  الإرهاب يضرب تونس مجدداً ويضع الغنوشي وجماعته في مرمى النيران


وهاجم عصام تليمة عضو مجلس شوري الإخوان ومدير مكتب القرضاوي السابق خطاب منير قائلًا:” لقد كان اختيار منير نائباً، ليتم وضع اسمه على كل القرارات التي تصدر ضد معارضي القيادة داخل الجماعة، سواء داخل مصر، أو خارجها، ولم يكن بالحسبان القبض على عزت، وحسين يرى نفسه الأحق بها الآن، وإن كان صحة حسين ومنير لا تعينهما على المهمة، فاعتلال صحة كل منهما يعيق، ويبقى المدير الفعلي للتنظيم وهو الإبياري، وعلى ذلك شواهد كثيرة، ولكن من العسير أن يتقبل الصف شخصاً لا يعرفه، وليس له تاريخ معروف عنده، خاصة في وجود قيادات أخرى أشهر، وأكثر تاريخاً، وإن لم تكن في مناصب، مثل الأستاذ محمد البحيري وغيره، لكن عائق السن والصحة أيضاً سيكون عائقاً، هي معركة تدور بين هذه الأطراف المذكورة، حول من الأحق بها، فهل يحسمها حسين ليكون قائماً بالأعمال شكلاً وفعلاً؟ أم ستكون لصالح منير شكلاً، ويدير فعلاً حسين بشراكة الإبياري معه كما هو حاصل الآن؟”. 



المصائب لا تأتي فرادى



وبالنظر لوضع جماعة الإخوان في الوقت الراهن يستحضرنا القول الشهير: “إن المصائب لا تأتي فرادى”، ففي الوقت الذي يشهد فيه التنظيم تصدعاً داخلياً تتوالى عليه الضربات، لعل أبرزها تغير الموقف التركي تجاه الإخوان بعد محاولات حثيثة من جانب نظام أردوغان للتقارب مع القاهرة، وهو ما سيدفع ثمنه بالقطع قيادات التنظيم، خاصة أن مصادر مصرية مطلعة كشفت مراراً عن نية تركيا تسليم قيادات بارزة من الإخوان المطلوبين مقابل تقريب وجهات النظر بين البلدين.


وفي الوقت ذاته يواجه التنظيم إقليمياً ضربات قوية، خاصة مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات المناهضة للإخوان في تونس وتراجع شعبية حركة النهضة، الذراع السياسية لهم، وتصنيف قائدها راشد الغنوشي باعتباره أسوأ شخصية في بلاده للمرة السادسة على التوالي في استطلاعات للرأي جرت على مدار شهرين ماضيين، والمطالبة برحيله عن مجلس النواب، بل وطرده من مسقط رأسه في مدينة “الحامة” تحت شعارات “ارحل.. ويسقط الإخوان”. إنقلاب داخل الإخوان


ويقول “الخرباوي” إن التنظيم الدولي للإخوان تلقى ضربات موجعة منذ سقوط الإخوان في مصر إثر الثورة الشعبية في حزيران/يونيو 2013، تبعها سقوط أذرعه في عدة دول أخرى، لكنه كان يراهن على فرع تونس بقيادة الغنوشي باعتباره الأكثر قدرة على تخطي الأزمة ثقة في حكمة “الغنوشي” لكن أزمة الجماعة أنها تسير بنفس الأيدلوجيا على الخط السياسي ذاته ولا تغيره، فحركة النهضة مثلها كإخوان مصر وجميع المنتمين لهذا التنظيم، تدعم الإرهاب وتبرره، وتعمل على تنفيذ أجندات خارجية بالتعارض مع مصالح مواطنيها وتنتهك كافة الحقوق والقوانين لخدمة مشروعها لذلك كان من الطبيعي أن تتكشف أمام الشعب التونسي ويطالب بإسقاطها خاصة بعد اللقاءات السرية التي عقدها الغنوشي مع أردوغان واعتبرها التونسيون “خيانة” عظمى للوطن.


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!