الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
انتفاضة سبتمبر الإيرانية.. كفاح شعب لنيل الحرية
سعيد عابد

بينما نحتفل بذكرى ثورة الشعب الإيراني التي أطاحت بدكتاتورية الشاه، تستمر (انتفاضة سبتمبر) في عموم المدن الإيرانية منذ أكثر من خمسة أشهر إلى يومنا هذا.

وإدا عُدنا بالزمن إلى الوراء، اندلعت ثورة عام 1979 في ظل الغياب القسري للقادة الحقيقيين، لأن كثيراً منهم إما سُجنوا أو استشهدوا، وأصبحوا في نهاية المطاف تحت سيطرة الملا الانتهازي روح الله الخميني الذي سرق الثورة مِن الثوار الحقيقيين. إن العداء الأزليّ بين الشاه والشيخ من جانب، والعديد من القوميين والوطنيين والفصائل التقدمية، وكذلك الجماعات العرقية المهمشة من جانب آخر، يؤكد تضامن الفئات المظلومة في كفاحها ضد الدكتاتورية. في الوقت الحاضر، تشهدُ الأمة الإيرانية ثورة ديمقراطية جديدة، حيث يناضل الشعب من أجل جمهورية ديمقراطية خالية من العنف والقمع والتبعية. ومن خلال الثبات في تصميمنا على تحقيق الحرية والديمقراطية والمساواة والمشاركة النسائية النشطة في القيادة السياسية، فضلاً عن ازدهار المواهب الشابة، يمكننا تمهيد الطريق نحو إيران مزدهرة ومتقدمة. إن فهم سمات وجوهر البديل الذي يمكنه تجنب اختطاف هذه الثورة الديمقراطية أمر بالغ الأهمية. ويبدو أن نهاية نظام الملالي في إيران باتت وشيكة، وأن المجتمع الدولي لديه القدرة على مساعدة الشعب الإيراني على استعادة وطنه والاندماج في المجتمع العالمي. وبالتالي من الأهمية بمكان تحديد خصائص حكومة بديلة ديمقراطية تنسجم مع المعطيات التاريخية والسياسية والاجتماعية لإيران والتأكد من أن النظام القادم لا يشبه استبداد الملالي. إن السمات الأساسية الخمس لهذه الحكومة البديلة هي كما يلي: إطار منظم، ومدعوم من قبل المجتمعين المحلي والدولي، وقيادة مقتدرة تمتلك خطة عمل محددة جيداً، والتعددية، ورفض جميع أنواع الدكتاتورية. إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، وهو تحالف من مجموعات وأفراد معارضة، مع منظمة مجاهدي خلق كركيزة أساسية له، هو الكيان الوحيد القادر على تلبية هذه المتطلبات.

لقد قام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق بتثقيف الشخصيات السياسية والبرلمانيين والمسؤولين الحكوميين السابقين والجماعات المتحالفة على مدى عقود حول الحقائق في إيران وطرحوا خطتهم من عشر نقاط لإيران جديدة سلمية ديمقراطية ومزدهرة. وعلى الرغم من قمع النظام وانتقامه، أظهر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق قدرتهما على تنظيم الأحداث الهامة والمبادرات الاجتماعية. إنهم يمتلكون عدداً كبيراً من المؤيدين داخل إيران وكانوا مصدر إلهام للإيرانيين لمواصلة التغيير. تمتلك منظمة مجاهدي خلق، وهي المنظمة الرئيسة داخل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، شبكة ووحدات مقاومة بارزة داخل إيران، تقود الانتفاضة الحالية. ليس من المجدي إنشاء بديل قابل للتطبيق للنظام الحالي بين عشية وضحاها. ومع ذلك، فقد عزَّزَ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية جذوره العميقة من خلال معركته ضد الاستبداد الديني الحاكم وقاوم الفاشية الدينية وطور هيكلاً وتنظيماً وابتكر خطة للمقاومة. وعلى الرغم من تعرض العديد من أعضائه للاضطهاد والسجن والإعدام، فقد ظل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وفياً لقيمه، ولا سيما رفضه لجميع أشكال الدكتاتورية. لقد تم استهداف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من خلال حرب نفسية واسعة النطاق وحملة تسقيط شرسة نفذها النظام في جميع أنحاء العالم، إذ تم إنتاج أكثر من ألف كتاب وفيلم ومسلسل تلفزيوني تهدف الى الإساءة للمجلس الوطني للمقاومة وتشويه صورته وتسقيطه إعلامياً، وفي الوقت نفسه، يجد النظام الحاكم صعوبة في إبقاء حلفائه تحت السيطرة ويفقد قبضته على كل من الخطاب والعمل. إن تاريخ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يتميز باللحظات الحرجة والمعارك شديدة الخطورة، لكن التزامه الثابت بالقيم الديمقراطية والمحبة للحرية أنقذ الشعب الإيراني من مصير أسوأ. لولا صمود المجلس الوطني للمقاومة، لكان النظام القمعي قد حافظ على هيمنته لعدة قرون. إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إلى جانب أنصاره الشجعان، رجالاً ونساءً، يقفون لمنع مثل هذه النتيجة.

يقدم البديل المقترح من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية فرصة واعدة لمستقبل أكثر إشراقًا لإيران، لقد كانت تضحيات الشعب الإيراني في كفاحه من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان كبيرة، ويجب ألا يذهب نضاله سدى. ومن المهم جداً اليوم أن يدعم المجتمع الدولي تطلعات الشعب الإيراني وأن ينضم إليهم في سعيهم من أجل مستقبل أفضل. يجب على المجتمع الدولي أن يتعاون لتسهيل الانتقال السلمي للسلطة في إيران وبما يحافظ على حقوق وكرامة جميع الإيرانيين. تقدم خطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية NCRI المكونة من عشر نقاط حلاً شاملاً للتحديات السياسية والاجتماعية والثقافية في إيران. إنه يتصور إيران جديدة قائمة على العلمانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، مما يعزز الوحدة والاستقرار في المنطقة. لقد أثبتت معركة المجلس الوطني للمقاومة طويلة الأمد ضد النظام الحاكم قدراته وكفاءته في الحفاظ على ثقافة النضال والحرية. الشعب الإيراني لديه الآن بديلاً قابلاً للتطبيق يمكن أن يمهد الطريق نحو إيران مزدهرة وحرة. إن بديل المقاومة الإيرانية في وضع يسمح له الآن بالتقدم، كما إن القدرات والكفاءات التي أثبتت جدواها في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية خلال معركته ضد نظام الملالي، وكذلك نجاحه في الحفاظ على ثقافة النضال والحرية، يعني أن الشعب والثورة لهما الحل في هذا البديل.

تدعو خطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية NCRI المكونة من عشر نقاط إلى إقامة جمهورية ديمقراطية وعلمانية، مع انتخابات حرة ونزيهة، والمساواة بين الجنسين، واقتصاد السوق. وتتضمن هذه الخطة التزاماً بحقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والدين، فضلاً عن الالتزام بإيران غير النووية، وسياسة خارجية تقوم على التعايش السلمي والتعاون مع الدول الأخرى.

لقد حان الوقت ليعترف العالم بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كممثل شرعي للشعب الإيراني والعمل معاً من أجل انتقال سلمي للسلطة في إيران. سيقود البديل الوطني للمقاومة الإيرانية إلى السلام والاستقرار والوحدة وسلامة أراضي البلاد، وإقرار الحقوق والحريات الأساسية للشعب الإيراني. وهذه الوحدة ووعودها تتجلى بالفعل في الشعارات التي رددها الشعب الإيراني ومنها "من زاهدان إلى طهران أضحي بحياتي من أجل إيران" أو "من كردستان إلى طهران أضحي بحياتي من أجل إيران".

وفي الواقع، تُظهر الشعارات التي رددها الشعب الإيراني أنهم يتطلعون إلى إيران موحدة وحرة، وأن بديل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لديه القدرة على توحيد الإيرانيين من جميع مناحي الحياة. لقد تم تصميم خطة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية NCRI المكونة من عشر نقاط لمعالجة المشاكل الأكثر إلحاحاً في البلاد، بما في ذلك الفقر والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، ولتعزيز الديمقراطية والمساواة بين الجنسين والحرية الدينية. كما تسعى الخطة إلى إقامة اقتصاد السوق وحماية البيئة وتعزيز التراث الثقافي الإيراني.

من خلال معالجة هذه القضايا وتعزيز رؤية مشتركة للمستقبل، فإن بديل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لديه القدرة على توحيد الإيرانيين وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. لقد أدى استمرار نظام الملالي الحاكم إلى مقتل مئات النساء والرجال والأطفال في جميع أنحاء إيران، واعتقال أكثر من 30 ألف آخرين. في حين أنه من الصعب التنبؤ بمستقبل النظام، فمن الواضح أن الشعب الإيراني مستمر في المطالبة بالتغيير. إن المجلس الوطني للمقاومة هو العامل المحفز للحركة التي ستدفع إيران إلى نموذج جديد للحرية في وقت ليس ببعيد. إن الوضع في إيران معقد بالتأكيد، والطريق إلى إيران ديمقراطية وعلمانية ليس مضموناً أن يكون سهلاً. ومع ذلك، أظهر المجلس الوطني للمقاومة وأنصاره صموداً وتصميماً في مواجهة القمع والاضطهاد. يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دوراً حاسماً في دعم حقوق الشعب الإيراني في الدفاع عن النفس في نضاله من أجل الحرية وحقوق الإنسان، وفي الاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كبديل قابل للتطبيق للنظام الحالي.

وأخيراً، من المهم للغرب أن يدرك الأهمية التاريخية للثورة الإيرانية وأن يخفف من الألم والمعاناة الهائلة التي عانوا منها من نظامي الشاه أو الملالي.

ليفانت - سعيد عابد

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!