-
الموت السريري لليرة السورية
بات المشهد واضحاَ لليرة السورية التي كابرت تسع سنوات حتى تهاوت وباتت مجرد عملة ورقية منتهية الصلاحية.. بالكاد تصلح للمعاملات اليومية البسيطة للأفراد كشراء الحضار والخبز لاغير.
ففي معاملات البيع والآجارات والعقود طويلة الأمد وحتى في دعاوى التخمين بات هنالك تخمين للعلن بالليرة السورية والآخر بالدولار الذي يتم الاتفاق بموجبه ما بين البائع والمشتري، فلم يعد غريباَ أن نسمع إن فروغ محل ما.. يتم تعيينه بالدولار، وأجرة منزل ولو ضمن أقل الحارات سعراَ بات يثمّن بالدولار،
حتى البضاعة المحلية سواء كانت زراعية أو صناعية، من محصول لوز أو كمية من زيت الزيتون باتت تحسب بقيمتها بالدولار، والقائمة تطول.
الصمت يكسو المصرف المركزي وكل من كان يدلي ولو بتصريح بسيط عن أوضاعها. التصريح الوحيد الذي خرج منذ عدة أشهر وتعامل معه الجميع على أنه مزحة لم تكن أكثر من كوميديا سوداء، وذلك عندما صرّح الحاكم بأن تدعموا الليرة السورية ولو بالكلمة الطيبة، فهو لم يكن أكثر من إعلان عن قرب انهيار الليرة السورية بشكل مؤكد، وكبديل لتصريحه كان يقول (اذكروا محاسن موتاكم).
صدرت للتو أوامر غير مكتوبة لكل من يعمل ضمن المصرف المركزي بعدم التعبير ولو عن رأي عادي على صفحات الفيس بوك، لأن وضع الليرة لا يحتاج إلى مزيد من الضجة حولها، مع تعطيل كامل لكل الحوافز والمكافآت وبدلات العمل الإضافي، وذلك لم يكن مقتصراً على موظفي المصرف، بل شمل كل من يعمل لدى دوائر القطاع العام في سورية.
مع العلم أن أقصى راتب لموظف لا يتجاوز حفنة صغيرة من الدولارات، تتفاوت قيمته يوماً بعد يوم حسب بورصة السوق السوداء، لكن كما يقال احترام الميت دفنه، ولايزال المصرف يكابر ويطلب من بعض المحللين الاقتصاديين استصدار تصاريح واهية وغير حقيقية ومعيب أن يتم تصريحها بتلك السذاجة والبلاهة، والتي لا تخفى على أحد أنها مجرد تضليل جديد وتأجيل إعلان النهاية.
منذ أيام النظام بدأ يأكل بجسده بعدما تخلى عنه حلفائه العسكريين مادياً وبدأوا يطالبونه بدفع ما يترتب عليه من فواتير بلغت مليارات الدولارات، فهو لم يترك شيئاً يذكر في جيوب شعبه في الداخل إلا ونهبها، تاركاَ مايكفي بالكاد فقط لسد رمقه ضمن الحد الأدنى، حاول إستجرار المال ودياَ من واجهاته الاقتصادية من مخلوف إلى الفوز وقاطرجي.. و الـ ...ـخ، وعلى مايبدو.. كان ابن خاله لايزال يعتبر نفسه مدلل النظام فأبدى عدم رغبته بالدفع تحت حجج عدم وجود السيولة، فما كان من النظام إلا أن ضحى بأحد شركائه وواجهاته الخفية (وزير التربية) ملوحاَ بأن يكون التالي، وفرض على مخلوف الإقامة الجبرية وحرّك ضده صفحات المخابرات الفيسبوكية، وبدأ يسرّب معلومات عن مقدار طفيف من الثروة التي يتمتع بها مخلوف داخلياً فقط.
مع التلويح بالعصا لكل الشركاء الإقتصاديين للنظام، فإن كان فريبهم المدلل ناله مانله فكيف بالآخرين، مع اصدار سريع لأغنيه موالية مثيرة للإشمئزاز، تتضمن مطالبة الشعب لرئيسهم بأن يقتص منهم ويحاسبهم بالأسماء والصور.
أجتمعت واجهة النهب السوري أمام جدية رئيسهم، وبدأؤوا بإعادة حساباتهم بالإستغناء ولو عن نسبة بسيطة من ثروتهم التي جمعوها من البلد لتكون كـ إتاوة تقدم لرأس نظامهم مقابل استمرارهم في استثمارتهم واحتكاراتهم للمشاريع السورية الخاصة بهم، مع تسريب الجملة التي قالها الفوز في الاجتماع (الكل بدو يدفع).
لكن مهما كانت مبالغ المليارات، فهي غير قادرة على ضح الحياة لليرة السورية أكثر من شهرين أو ثلاثة على أكبر تقدير وهو مجرد تأجيل الإنهيار الأكبر لاغير، الحليفان الروسي والإيراني لن يقدموا أي دعم مادي مالم يقابله مقابل على الأرض، وحتى مصطلح الحليف سيتغير في غضون الأشهر المقبلة،
فماذا بعد ذلك؟
السيناريوهات المطروحة كثيرة ومتشعبة، الحيتان السورية لن تقبل أن تساوم وتلوى ذراعها بذات الطريقة، ورأس النظام إن استطاع سحب مئة مليار بهذه الطريقة، فهو لن يكون قادراَ على ذلك مجدداَ، فحيتانه تعلمت من الدرس ولن تقع بذات الحفرة مجدداَ، الأشهر المقبلة قد تشهد مفاجأت جديدة وغير متوقعة، لعل كل القوى الدولية لم تكن قادرة على كسر شوكة النظام، بينما الاقتصاد قد يطيح به بعد أن خسر أغلب شركائه وحاضنته الشعبية باتت تتلوى من الجوع والفقر، وباتت خزائئنه فارغة إلا من سندات وديون طويلة الأمد.
الموت السريري لليرة السورية الموت السريري لليرة السورية
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!