الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • المبعوث الأممي للجنة الدستورية بين خطأ المصطلح والالتفاف عليه

المبعوث الأممي للجنة الدستورية بين خطأ المصطلح والالتفاف عليه
موسى موسى

 بانتهاء الدورة الرابعة للجنة الدستورية في جنيف، وكالعادة بانتهاء كل دورة يبلغ المبعوث الأممي للجنة الدستورية السيد غير بيدرسون بإحاطته الى رئيس مجلس الأمن الدولي حول مجريات الدورة وما يحيط بها من سلبيات وإيجابيات، وما قد أحرزته اللجنة من نتائج، وما لوحظ في إحاطته الأخيرة فيما يخص الدورة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية المنعقد في ٣٠ تشرين أول/ نوفمبر ٢٠٢٠، هو ما ورد في مداخلات بعض أعضاء الثلث الثالث بخصوص العدالة الانتقالية، فقد ورد في النسخة الإنكليزية من إحاطة المبعوث الأممي الى رئيس مجلس الأمن بأن بعض أعضاء وفد الثلث الثالث قدموا نقاطاً، والتي تُرجمت بالإنكليزية " بالعدالة التصالحية"، وحقيقة الأمر لم يرد هذا المصطلح في مداخلاتهم- حسب البيان الصادر من ستة أعضاء منهم بهذا الخصوص وكذلك رسالتهم الى المبعوث الأممي.




فإذا كان ورود المصطلح من المبعوث الأممي نتيجة خطأ في الترجمة أو التفافاً من المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون، والتي لها مآلاتها السياسية في الوضع السوري وتأثيراتها السلبية التي تخفف من "التوصيف الجرمي" للجاني أو الجناة يمكن تداركه.




فالعدالة التصالحية هي مختلفة تماماً عن العدالة الانتقالية ونهج بديل للعدالة الجنائية ومعاملة المجرمين والجناة، ورغم ان الأمم المتحدة قد تبنت العدالة التصالحية، كما تبنتها سابقاً المنظومة القانونية لأغلب الدول تحت مسميات مختلفة ومع هذا فإن الأمم المتحدة ومؤسساتها لم تُعَرّف " العدالة التصالحية" إلا أن دولة الفلبين قد اقترحت تعريفاً أورده الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره المقدم الى لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية بناءً على قرارات المجلس الاقتصادي والاجتماعي بهذا الخصوص، وقد جاء في المقترح الفلبيني بأن العدالة التصالحية هي تدبير بديل في نظام العدالة الجنائية، وهي ليست عقابية في طبيعتها، وقد رأت بعض الدول ان العدالة التصالحية لا تقوم على الخصومة مع الاحتفاظ بخيار اللجوء الى الإجراءات القضائية التقليدية إذا تعذر على أولئك المعنيين الاتفاق على التدابير التصالحية، وترى بعض الدول ومنها المكسيك بأن اللجوء للعدالة التصالحية وسيلة مجدية لمنع الجرائم الطفيفة والمشاكل الأسرية وغيرها.




إن تبديل أو ترجمة " العدالة الانتقالية بالعدالة التصالحية" كما ورد في إحاطة المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون إن كان خطأً في الترجمة فيمكن استدراكه و تلافيه بإحاطة ثانية تصحّحُ الأولى، وإن كان التفافاً منه على مصطلح " العدالة الانتقالية" ففيه الكثير من المخاطر على الشعب السوري الذي أصبح في ماله وأملاكه وأمنه واستقراره وحياته ضحية لممارسات المجرمين، كما انه إفلات لهم من العقوبة وتشجيعاً للجناة والمجرمين في مضاعفة انتهاكاتهم واجرامهم مستغلين ومستفيدين من دور الأمم المتحدة ومنظومة قوانين الدول في العدالة التصالحية والمصالحة عن طريق الوساطة وفترة الاختبار ووقف تنفيذ الأحكام ودفع التعويضات للضحايا لرد الغبن.




إن ما تم ممارسته من طرف النظام منذ بداية الاحتجاجات كان يمكن أن يجد طريقاً للحل والتصالح والمصالحة، أما الحجم الكبير من الضحايا والهائل من التدمير والاعتقالات والاغتيالات والتهجير على مدى عشر سنوات، فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل، حلها بالعدالة التصالحية نظراً للجرائم ضد الانسانية التي هزّت الشعب السوري واقشعرّت لها الأبدان.




ليس غائباً عن أحد بأن النظام- وكذلك المجرمين والجناة أينما كانوا وتحت أي مسمّى- سيعمل المستحيل من اجل الإفلات من العقاب والابتعاد عن العدالة الانتقالية، وذلك بتعاون من داعميه والمتحالفين معه الذي لولاهم لما استمر طوال هذه المدة في حكمه وعلى بحر من دماء السوريين.




موسى موسى

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!