-
المؤشرات الدولية بين عشوائية العالم والقواعد العلمية
يشغل العالم الذي يعكف على كيفية وضعه على المؤشرات الدولية، وكأنها أمراضاً تُلهب كمحركات البحث عقولنا التي صارت أسيرة لها، مالكة أفكارنا حتى استطاعت أن تُحركها كالدُمى، فتبحث الدول عن إبراز تطورها لمنافسة بعضها خاصة الدول المتقدمة أحد أهم عوامل الجذب للمستثمرين الدوليين والمؤسسات الاستثمارية، وتحسين صورتها في تلك المؤشرات الدولية..
حيثُ تبقى مؤشرات القياس والتقييم التي تضعها المؤسسات الدولية الرسمية أو شبه الرسمية ذات دلالات مهمة، وهي ضرورة إلى الحد الذي يجعل بعض الدول تسعى وربما دفعت الغالي والثمين لتحسين موقعها في تلك المؤشرات، وتعتمد قدرة الدول على جذب الاستثمارات على عدد من العوامل من بينها الاستقرار، وتوافر المصادر، والأيدي العاملة ورخص تكلفتها، والبيئة المُحفزة لانتقال الأموال ودخول المستثمرين وسهولة تنفيذ الأعمال؛ لتحسين صورتها لدى المُستثمرين واستقطاب الأموال وضخها في اقتصادها أو لجهة تقوية مراكزها التفاوضية في الجوانب المتعلقة بالسياسة أو الدفاع عن مصالحها الدولية أو تحسين مواقعها التفاوضية عند الاقتراض من المؤسسات المالية الأجنبية أو استثمار مواقعها في تلك المؤشرات للتخفيف من الضغوط التي قد تواجهها حيال قضايا معينة، وكل ذلك مرتبط بوجود نظام حوكمة فعال يعمل على تحقيقه وتوفير الفرصة المناسبة لاقتناص الفرص من خلاله، وإلا لكان سببًا في تشكل فقاعة اقتصادية سرعان ما تنفجر لتؤثر سلباً على سكان تلك الدول واقتصاداتها.. ومثال ذلك "دول النمور الآسيوية" حققت نموا سريعا نهاية القرن الماضي قلص الفجوة مع الدول الاقتصادية المتقدمة في الدخل، مع ضعف مستمر في أسس الحوكمة في تلك الدول، ما أدى لحدوث الأزمة الاقتصادية في دول آسيا بين عامي 1998-1997، وفق تقرير صندوق النقد الدولي IMF في إحدى دورياته.
أما دول مجلس التعاون الخليجي فغالباً ما تحوز مراكز دولية متقدمة، تجعل لها الصدارة عربياً ودولياً؛ لارتباط تلك المؤشرات بالاقتصاد الداخلي ومساهماتها في الاقتصاد الدولي، كون تلك الدول خاصة السعودية والإمارات ومعهما عربياً مصر، تثبتُ سياستها ذات الرؤى المتوازنة تنموياً، لتتقدم الدول العربية وفق المؤشرات الأربع ليست من خلال محرك البحث Google، بل وفق قواعد علمية لمؤشر الأسواق المفتوحة لغرفة التجارة الدولية، ومؤشر الحرية الاقتصادية، مؤشر التنافسية العالمي، ومعهد ماكينزي للربط العالمي، وكيفية مشاركة الدول في التدفقات الداخلية والخارجية، حيث أظهرت مؤشرات دولية معنية بالأمن مثلاً، تقدّم المملكة العربية السعودية وتصدرها دول مجموعة العشرين، متفوقة في الترتيب على الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وذلك من خلال 5 مؤشرات أمنية صادرة عن تقرير التنافسية العالمي 2019، وتقرير التنمية المستدامة 2020.
قطعاً، إنها دلائل لحسن توظيف الثروة في دول مجلس التعاون الخليجي بأقصى درجات العدالة، مقارنة مع دول توازيها في الثروات والبُعد الحضاري، وما تأول إليه معطيات المنطقة وأرهبة بعض الدول الراعية للإرهاب هنا وهناك، فإن دول الخليج كانت رشيدة في إدارة ثرواتها، وتمكنت أن تكون هي الأعلى والأقدر بقيادة العالم، وهو ما أثبتته السعودية بقيادة الدفة العالمية وعثرة الوباء الفتاك عالمياً "كورونا" باقتصاديات وثروات دول عُظمى على الرغم من المخاطر التي واجهتها أمنياً وعسكرياً، وليس آخرها حربا الخليج في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ولهيب الربيع العربي والإرهاب الذي يتربص بهم، وأخيراً تكلل نجاحهم بالعملة الرقمية "عابر" بين السعودية والإمارات، لتكون نواة خليجية موحدة، بل وعالمية يُستفاد منها دول العالم مستقبلياً.
إبراهيم جلال فضلون
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!