-
العملية العسكرية التركية في سوريا.. موقف روسي غامض وإيراني رافض
-
انقسام مواقف الدول الفاعلة حيال العملية التركية.. بين الصمت والرفض واللامبالاة
أبدت روسيا عام 2018 تفهماً كبيراً لعملية "غصن الزيتون" التي شنتها تركيا في منطقة عفرين السورية ذات الغالبية الكردية، إلى حدّ أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت آنذاك عن "سحب أفرادها من عفرين لمنع استفزازات محتملة، واستبعاد التهديد لحياة وصحة العسكريين الروس"، واصفة التحرك العسكري التركي بأنه عملية خاصة.
أما العملية التي أعلن عنها الرئيس التركي قبل فترة قريبة، "لا يلحظ أي اعتراض من الجانب الروسي، خاصة وأن مثل هذه العملية، إن أجريت، ستزيد العلاقات التركية الأميركية سوءاً، كونها موجهة ضد الحلفاء الأميركيين من قسد. من مصلحة موسكو أن تتبنى في الوقت الحالي موقفاً محايداً، أو عدم النطق به على الأقل". حسب قول الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية "كيريل سيميونوف".
ويرى الخبير الروسي، أن الصمت الروسي على الخطط التركية في الشمال السوري يشبه موقف موسكو من عملية "غصن الزيتون" في بداية عام 2018. متوقعاً تدهوراً للعلاقات التركية الأميركية في حال أقدمت أنقرة على تنفيذ العملية على أرض الواقع، ما سيصب في مصلحة موسكو.
اقرأ المزيد: مخاوف من عملية عسكرية تركية محتملة في شمال شرقي سوريا
إيران تتفهم مخاوف تركيا
بينما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، موقف بلاده من العملية العسكرية التركية المحتملة داخل الحدود السورية، أن بلاده " تعارض أي عمل عسكري واستخدام القوة في أراضي الدول الأخرى لحل الخلافات الثنائية، وتعتبر ذلك انتهاكاً لوحدة أراضي هذه الدول وسيادتها الوطنية، وتعتقد أن ذلك الأمر سیؤدي إلى جعل الوضع أكثر تعقيداً ویزید التوترات".
وتابع زاده، أن إيران تتفهم هواجس ترکیا الأمنية، وتعتبر السبيل الوحيد لمعالجة هذه المخاوف هو الحوار واحترام الاتفاقات الثنائية مع الجیران، وكذلك الاتفاقات التی تم التوصل إلیها فی إطار عملیة أستانا، بما في ذلك احترام وحدة وسلامة الأراضي ووحدة وسیادة سوریا الوطنیة، والالتزام بمبدأ عدم استخدام القوة.
وأضاف خطیب زاده: "تجربة السنوات الأخیرة أظهرت أن العمل العسکري في دول أخرى لن یساعد فقط فی حل المشاکل الثنائیة، بل وسیخلف تداعیات إنسانیة مقلقة وسیزید الوضع فی المنطقة تعقیداً".
ودعا المتحدث باسم الخارجیة، الدول الصدیقة والمجاورة للتعامل والحوار البناء، مشیراً إلى أن إيران مستعدة کما في السابق لمنع تصعید الأزمة.
اللامبالاة الأمريكية
من جانبها عبّرت الولايات المتحدة، قبل أيام، عن قلقها من خطط تركيا لشن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا. وجاء الموقف الأمريكي على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس: "نشعر بقلق عميق إزاء التقارير والمناقشات عن احتمال زيادة النشاط العسكري في شمال سوريا، ولا سيما تأثيره على السكان المدنيين هناك".
وأضاف، "نحن ندرك مخاوف تركيا الأمنية المشروعة على حدودها الجنوبية، لكن أي هجوم جديد من شأنه أن يقوّض الاستقرار في المنطقة، ويعرّض القوات الأميركية وحملة التحالف على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) للخطر".
ويعتبر برايس أن الولايات المتحدة تتوقع أن تلتزم تركيا بالبيان المشترك، الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بما يشمل وقف العمليات الهجومية في شمال شرق سوريا، مضيفاً: "ندين أي تصعيد، ونؤيد الحفاظ على خطوط وقف إطلاق النار الحالية".
ويعتقد الكثير من المراقبين، أن "روسيا ستقلص وجودها في سوريا إلى الحد الأدنى، مع الحفاظ على القاعدتين العسكريتين في حميميم وطرطوس لفترة طويلة جداً، مقابل سحب القوة غير المؤثرة من الدوريات والشرطة العسكرية، تاركة لحلفائها من النظام وإيران مهمة الحفاظ على الوضع الراهن".
اقرأ أيضاً: تحليل لسياسة تركيا الخارجية في ضوء التنافس السياسي الداخلي (1)
يقول المعارض السياسي السوري، كمال اللبواني، في حديثه لـ "ليفانت نيوز" إن تركيا تضع الغرب أمام خيارين، إما أن تسلحوني، أو الذهاب نحو الروس، مستغلة موقعها الجغرافي، مضيفاً، أن أنقرة لن تكتفي بمهاجمة شرق الفرات فقط، بل ستذهب إلى أبعد من ذلك وهو مهاجمة تل رفعت ومنبج في آن واحد.
ويعتقد اللبواني، أن تركيا لن تلقى اعتراضاً من الروس أو الأمريكيين في أي هجوم لها، على تلك المناطق، لأن مصالح القطبين العالميين بحاجتها في الوقت الراهن.
وبالتالي، أردوغان لن يضيع الفرصة، وخاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية على بلاده، إلا أنه لن يغامر كثيراً، سيبقى يراقب ردود الفعل الدولية، ويركز في هجومه على مناطق أرياف حلب المسيطر عليها من قبل قسد، كتل رفعت ومنبج وعين العرب (كوباني)، وقد لا يقضمها بالكامل، وفقاً للبواني.
وأكد في ختام حديثه لـ "ليفانت نيوز"، أن حكومة أردوغان، ستحصل على مكاسب بكل الأحوال وتكسب شعبية جراء هذه العملية، لأنها تتفوق عسكرياً على قسد، ولديها قوات برية لبسط السيطرة على الأرض في إشارة للجيش الوطني.
قوات سوريا الديمقراطية تطالب بموقف جدي
أكدت "قسد" في بيانها الذي طالب المجتمع الدولي بالتعامل بجدّية حيال التصريحات التركية، بالقول إن "التهديد التركي يستهدف السيادة ويعرض الأراضي السورية لمزيد من الاحتلال ويهدد النسيج المجتمعي السوري، ونرى بأن مساعي توطين السوريين في مناطق ليست مناطقهم بعد تهجير سكان الشمال الأصليين، تهدف لإحداث التغيير الديمغرافي بحق أبناء القومية الكردية".
اقرأ المزيد: قسد تحثّ المجتمع الدولي للتعامل بجدّية مع التهديدات التركية.. وتحذّر من عودة "داعش"
وأوضح البيان، أن إعادة السوريين إلى المنطقة التي يتحدّث عنها الرئيس التركي، تتعارض مع القرار الدولي 2254، وتترجم نوايا أردوغان بالتغيير الديمغرافي.
وترى قوات قسد، أن المناطق التي دخلتها تركيا مع فصائل الجيش الوطني شمال غرب سوريا، لا يوجد فيها تنمية وأمان، بل على العكس هناك ينمو الإرهاب، حيث قتل اثنان من زعماء تنظيم داعش فيها.
وفي الختام، دعت قوات سوريا الديمقراطية، المجتمع الدولي، للتعامل بجدية وتحمل مسؤوليته إزاء التهديدات التركية.
ليفانت - خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!