الوضع المظلم
الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • تحليل لسياسة تركيا الخارجية في ضوء التنافس السياسي الداخلي (1)

تحليل لسياسة تركيا الخارجية في ضوء التنافس السياسي الداخلي (1)
كمال اللبواني

في يونيو حزيران 2023 ستجري الانتخابات التركيّة في موعدها كما صرّح أردوغان، وبعد شهر منها، أي في 24 يوليو/ تموز ستنتهي مفاعيل معاهدة لوزان الثانية، بمرور مئة عام على توقيعها. لذلك فكل السياسات في تركيا تسير على وقع الاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، المتزامنة مع انتهاء المعاهدة التي أسست تركيا الجديدة القومية، وبنفس الوقت قيدتها بشروط سياسية واقتصادية وعسكرية.

الدولة التركية تحت حكم أردوغان تستعد لاتخاذ مجموعة إجراءات هامة مع انتهاء مدة المعاهدة، لكن أردوغان (الزعيم التركي الأهم بعد مصطفى كمال) ينتظر عام 2023 بقلق بعد خسارة انتخابات بلدية إسطنبول وأنقرة، فالمنافسة بين تياره ذي الميول الإسلامية مع المعارضة تبدو جدية، فهو لم يتخلَّ عملياً عن العلمانية (التي قامت عليها تركيا)، ولا عن القومية، لكنه أشرك معهما الإسلام، وأعاد الدين كأيديولوجيا للحياة السياسية، وهو ما أعطاه قاعدة واسعة في المكونات التي يتشكل منها الشعب التركي، لكن أربعة عوامل بدأت تدق المسامير في نعش الأردوغانية: 1- بقاء السلطة دون تجديد مما يفقدها بريقها. 2- تزايد تمركزها وفسادها. 3- تراكم الأزمات الاقتصادية بسبب سياسات توسيع قطاعات الاستهلاك. 4- شيوع طابع الحياة الغربية، وتزايد المطالب الديموقراطية. لكن لا يبدو أنها كافية تلقائياً لإزاحته من السلطة، فالبديل عنه الذي سيهزمه غير متبلور حتى الآن.

خلافات المعارضة وانقساماتها وتصارعها هي من تجعل توقع فوز أردوغان مرة أخرى مرجحاً لكن بصعوبة، على أي منافس شخصي له من بين الشخصيات المعارضة المعروفة، وبنفس الوقت لا تعطي الضمانة لاحتفاظ حزب العدالة والحركة القومية بالأغلبية البرلمانية، طالما كانت المنافسة بين شخصيات أدنى وعلى مستوى محلي، وهنا لعبة نظام الدوائر والمقاعد والانتخابات، التي تخدم المعارضة، والتي لم يستطع أردوغان تغييرها كما فعل في النظام الرئاسي، لذلك هناك قلق جدي من حدوث عمليات تلاعب في الانتخابات، فالديمقراطية لم تكن أبداً محترمة من قبل الجميع في تركيا، ولم تتكرس كثقافة، لا من قبل السلطات ولا من قبل الجيش والمؤسسات، لكنها تبقى وسيلة وحيدة لضمان عدم تفجر الصراعات المدفونة تحت الرماد في المجتمع التركي شديد التعقيد الذي صبغ بهوية قومية متشددة مهاجرة ومصطنعة، على حساب طمس بقية الهويات، فتركيا ما تزال بعيدة عن رسوخ المعايير والمثل الديمقراطية فيها رغم وجودها شكلاً. لكن انهيار الديمقراطية سيؤدي قطعاً لفوضى وصراعات ستدفع أوروبا ثمناً باهظاً لها.

المشكلة أن وجود أتباع أردوغان خارج السلطة في المعارضة لن يكون سلمياً وهادئاً، تماماً كما لم يكن وجود الجيش خارج السلطة، وهذا ما أسس لنوع من التفاهم بين الدولة العميقة، ومعها الجيش، وبين حزب أردوغان وأتباعه، أعادت فيه الدولة سياستها الخارجية التقليدية كعضو في الناتو يتبنى في علاقاته الخارجية إيجاد توازن بين الشرق والغرب، وهذا ما ظهر جلياً في تلطيف الخطاب الأيديولوجي الإسلامي مؤخراً وهو الذي اعتمده أردوغان في السنوات العشر السابقة، والاتجاه لسياسة صفر مشاكل مع المحيط والعالم، وقد توّج هذا التوّجه بلقاء مع الرئيس الإسرائيلي بعد تطبيع العلاقات مع الدول العربية، والابتعاد عن دعم المجموعات الإسلامية.
 

ليفانت - كمال اللبواني

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!