الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الشرق وعطارو واشنطن
عبد الله الجنيد

العطارة كحال الدبلوماسية، كليهما صنعة تعتمد على تراكماتٍ معرفية ونوعية، والقاسم المشترك بينها هو في بعدها الإنساني، فمتى ما افتقد صاحب الصنعة قدرة الاتصال بالواقع إنسانياً (البشر)، بارت حرفته.

وللأسف تعاني الدبلوماسية الأميركية من فقر عضوي في قيمة ما تقدمه «البيروقراطية» (القعر الضبابي Foggy Bottom/ نسبة للخارجية الأميركية) من رأيٍ سياسي، كونها المؤسسة المعنية بصناعة السياسة الخارجية في الخارجية الأميركية.

ولقد سبق أن حاول أكثر من وزير «تحييد» حجم تأثير «تكييف» تلك المؤسسة للسياسات مثل جون كيري ومايكل بومبيو.

البيروقراطية الجديدة في الخارجية الأميركية، هي مدرسة تأسست في عهد الرئيس كلينتون، لذلك كان جل همها التماهي وفلسفة «عصر العولمة Globalization Era»، لذلك توافقت من حيث المبدأ واستراتيجية الفوضى الخلاقة (للجمهوريين/ كونداليزا رايس) ومن بعدها استراتيجية (الشرق الأوسط الجديد/ أوباما وكلينتون). ومهما حاولت الإدارات التحلل «النسبي» من مدى تأثير «المؤسسة العميقة Deep State»، إلا أنها تبقى حاضرةً دائماً في التفاصيل التنفيذية لكل قرار متصل بالسياسات الخارجية. إلا أن حالة التماهي في «العلاقة» بين إدارة الرئيس بايدن والمؤسسة العميقة، هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقة بين البيروقراطية والرئاسة. فهذه الإدارة منغمسة كلياً بتنفيذ المرحلة الثالثة من عصر العولمة (التحول الكوني اجتماعياً Global Social Transformation) منه الانشغال باستعادة دور واشنطن القيادي للعالم الحر. 

ذكر ليي ايكوكا، الرئيس التنفيذي السابق لشركة كرايسلر(كتاب سيرته الذاتية: ايكوكا)، كيف خاطب رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي (حينها) محاولاً استمالة استثمارات سعودية مباشرة لإنقاذ شركة كرايسلر. كان مدخل ايكوكا، مدى تأثير مثل ذلك القرار الاقتصادي على صناعة القرار السياسي أميركياً من خلال مثل ذلك الاستثمار وإنقاذ 80 ألف عائلة أميركية من البطالة. ربما كانت الأولويات السعودية مختلفة حينها، إلا أن السعودية اليوم ليست السعودية بالأمس، وكذلك مكانة واشنطن «باختيارها» في تشكيل أو التأثير على صناعة القرار السعودي وطنياً، أو جيوسياسياً وحتى جيواستراتيجياً. لذلك على واشنطن التعاطي بواقعية مع استحقاقات التكافل المصلحي في إدارة علاقاتها مع الرياض. فخارطة التوازنات لم تعد حتى بمقاييس 2020، وكذلك ميزان التبادلات التجارية والولايات المتحدة.

أسس الأمس، ولنسلم أنها كانت قائمة على أساس «الأمن مقابل النفط»، إلا أن على واشنطن وضع التحولات الكبرى نصب أعينها لتحديد مسار العلاقات الاستراتيجية مع المنطقة قبل زيارة الرئيس بايدن للرياض منتصف يوليو المقبل:

أولا: جيوسياسياً، المنطقة لم تعد تخضع لتفاهمات «شرق السويس» بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى.

ثانياً: إسرائيل لم تعد دولة معزولة ضمن محيطها الإقليمي أو الجيوسياسي.

ثالثاً: أكبر نماذج الاستقرار والنمو الاقتصادي والاجتماعي شرق أوسطياً هي دول الخليج العربية.

رابعاً: لا يمكن القبول أو افتراض «قبول» تجاوز المكانة المركزية للمملكة العربية السعودية عربياً أو إسلامياً. خامساً: «إنه الاقتصاد It’s The Economy ..» ولا داعي لإكمال الجملة.

آن الوقت لواشنطن أن تغلق حانوت (القعر الضبابي) إنْ أرادت «هي» صناعة سياسات تليق بمكانتها التاريخية، ولتجرب وصفة آل سعود شرق أوسطياً، فهي وصفة وضعها المؤسس والرئيس روزفلت على متن الطراد كوينسي، وبعض القراءة مفيد فخامة الرئيس.

ليفانت: عبد الله الجنيد

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!