الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
السعودية.. ومفاوضات الاتفاق النووي
خالد الزعتر

الحديث الفرنسي عن ضرورة إشراك السعودية في المفاوضات النووية بخصوص (مسألة الاتفاق النووي) هي ليست تصريحات في سياق المجاملة الدبلوماسية، بل هي تعكس قناعة سياسيّة، وتضع الأمور في طريق الاتجاه الصحيح.


وهي خطوة من شأنها أن تقود لتصحيح المسار الذي سعت إدارة أوباما للعبث فيه عبر إقصاء الدول الإقليمية الفاعلة في مواجهة المشروع الإيراني، مثل المملكة العربية السعودية، من مفاوضات الاتفاق النووي، والتي قادت هذه الأخطاء إلى خلق (اتفاق نووي ضعيف لم يستطع أن يصمد، ويفتقد للضمانات السياسية التي تحدّ من النشاطات التوسعيّة والفوضوية لإيران).


تعاملت إدارة باراك أوباما مع الاتفاق من منطلق (التنازلات)، وسعت للفصل بين المسألة النووية والمسألة الإقليمية، وبالتالي هذا ما جعل إيران تسعى لاستغلال ذلك في أن تستخدم الاتفاق النووي مظلّة في إطلاق ذراعها الإرهابية والفوضوية في المنطقة، وأن تسعى للاستفادة من حالة الانفراج الحاصلة في مسألة العقوبات لتوظيف ذلك لمصلحة دعم أتباعها وميليشياتها، وهو الأمر الذي طالما حذّرت منه السعودية، مراراً وتكراراً، من خطورة استغلال إيران للعوائد المالية، ليس في مصلحة خدمة شعبها، وإنما لمصلحة دعم مشروعها الفوضوي والتوسّعي.


وبالتالي، فإنّ السبب الرئيس خلف ذلك أنّ إدارة باراك أوباما تعاطت مع المسألة النووية من منطلق (خلق إنجاز شخصي)، وحاولت قدر الإمكان عدم التعرّض لأي ملفات من شأنها أن تثير غضب الإيرانيين أو أن تخلق تعنّتاً من الطرف الإيراني، وبالتالي فإنّها بموجب الاتفاق النووي سلّمت المنطقة بأكملها لإيران على طبق من ذهب، ولكن الخطوة التي اتخذها دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي كانت خطوة مهمة في طريق إعادة تصحيح المسار في أي مفاوضات قادمة، وهذا ما يتوقّف على مدى قدرة الإدارة الجديدة في البيت الأبيض، برئاسة جو بايدن، في استغلال التصحيحات التي أحدثتها سياسة ترامب لإعادة إشراك المسألة الإقليمية ونشاطات إيران الفوضوية في المفاوضات القادمة لمسألة الملف النووي الإيراني. الاتفاق النووي


أما فيما يتعلّق بالاتفاق النووي الإيراني السابق الذي تمّت صياغته في العام 2015، فإنّه من الصعوبة بمكان العمل على إعادة إحيائه، وهو ما تحاول إيران العمل على ذلك لأنّها تدرك أنّ الدخول في مفاوضات جديدة وصياغة اتفاق جديد سوف يفقدها المكاسب والاستحقاقات التي حصلت عليها من الاتفاق السابق، وهذ ما يفسّر الجهود الدبلوماسية التي يقودها وزير الخارجية الإيراني في العواصم الأوروبية لحثّها على لعب دور الوساطة مع واشنطن، لإعادة الولايات المتحدة للاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس دونالد ترامب.


مهما كانت توجهات إدارة بايدن، تبقى العودة الأمريكية للاتفاق القديم من الصعوبة بمكان تحقيقها، لأنّ التطورات الإقليمية التي نجحت السعودية في فرضها من التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب إلى التحالف العربي في اليمن، إلى عودة العراق للحضن العربي، تفرض مرحلة جديدة من التفاوض بشأن الاتفاق النووي، خاصة بعد أن فقدت إيران الكثير من حجم نفوذها في المنطقة، وبالتالي خسرت معظم أوراق الضغط التي كانت تمتلكها في مرحلة العام 2015، وبالتالي فإنّ المنطقية السياسية تحتم على الولايات المتحدة أن تتجه إلى بناء اتفاق نووي جديد قائم على تطورات المنطقة ومتغيرات المرحلة، بدلاً من العودة إلى الاتفاق القديم، الذي بلا شك سيشكل هدية لإيران للتعويض عن حالة التراجع الحاصل في نفوذها في المنطقة.


ختاماً، من الأهمية التأكيد بأنّ الاتفاق النووي القديم الذي تمّت صياغته في العام 2015، أصبح لا يتواءم مع المرحلة وتطوراتها ومتغيراتها، وبالتالي فإنّ المؤشرات والظروف تدفع نحو ضرورة خلق مفاوضات جديدة بشأن المسألة النووية، وهذه المفاوضات ستعمل دول المنطقة على ضمان تصحيح الأخطاء السابقة، والتي كانت البداية بالعمل على إقصاء دول، مثل السعودية، تعدّ فاعلة ومؤثرة في المسألة الإيرانية.


خالد الزعتر


ليفانت - خالد الزعتر ليفانت 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!