الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
السجين السياسي مجيد أسدي: يوم العدل قريب!
السجين السياسي مجيد أسدي: يوم العدل قريب!

قصة جيل لا قرار له .. لم ينحني رأسه أمام الشيطان في ذلك اليوم (صيف 1988)



السجين السياسي القابع في سجن جوهردشت بمدينة كرج «مجيد أسدي»، كتب مقالًا حول مجزرة أكثر من 30 ألف سجين سياسي في إيران ومعظمهم من أنصار مجاهدي خلق في عام 1988 تنفيذًا لأمر أصدره خميني. المقال يثير حالات من الدهشة. وفيما يلي نص المقال:



يوم العدل قريب!

السجين السياسي مجيد أسدي- سجن جوهردشت – مدينة كرج

الكاتب الروسي دوستويفسكي يقول: «إن من يكذب على نفسه ويرضى أن تنطلي عليه أكاذيبه يصل من ذلك إلى أن يصبح عاجزا عن رؤية الحقيقة في أي موضع فلا يعود يراها في نفسه ولا فيما حوله وهو ينتهي أخيرا لهذا السبب إلى فقد احترامه لنفسه واحترامه لغيره».



الطغيان على قوانين العالم والمجتمع يبدأ أولاً بثورة ضد الذات. إنها غريزة حيوانية مارقة تريد قتل جوهر الإنسان في ذاته ليخلق من إنسان شيطانًا.



الإنسان هو الحصيلة النهائية لعميلة معقدة للوجود في تقدير التاريخ وعملية التطور الديناميكية والإبداعية، ومن منهل عهده والتزامه الوجودي فإن كلمات مثل القسط والحرية والمساواة والحب والإعمار والسعادة، تستمد منه معانيها وقدسيتها وإلا «الصمت الإنساني يعني فقدان الله والعالم».



وفي المقابل، فإن إبليس هو «عدو الإنسان»، ظاهرة رهيبة ومدمرة تصدر أوامر الحرب على الإنسان والعالم والله.



عندما أعلن غاليليو أن الأرض لم تكن مركز الكون، فإنه أثار ضجة في ذلك العصر المظلم من الظلم والجهل. إن اكتشاف ذلك القانون الجديد الذي فتح آفاقًا في بعض الجوانب إلى العالم وريادة خلاص الإنسان من سلاسل وقيود الاستعباد؛ وجعل الأحبار والرهبان المتوحشين المتاجرين بالدين والرافضين للجوهر الحر للإنسانية، الذين جعلوا الأرض مركز العالم وكانوا يمارسون ولايتهم مثل إبليس على كل مقدرات الإنسان، خائفين لا قرار لهم؛ حتى أصدروا فتوى القتل والردة ضد غاليليو.



«عدو الإنسان» يقنع نفسه دومًا من خلال مخادعة نفسه بأن العالم يدور فقط حوله، ويطغى مثل «الصنم» كفرعون ويعربد «أنا ربكم الأعلى».



وأحيانًا يصدر فتوى متغطرسًا: «أيها البلطجيون! وأيها الشبيحة والأنذال والأوباش! لا تترددوا واقتلوا! ذكرا وإناثا أو صغارا وكبارا وشبابًا، بالآلاف وثلاثين ألفا، فلكم الأجر، بمناصب في الوزارة و الإمارة ، والسفارة وكرسي القضاء»!



إذا كانت الثورة تعني قفزة تطورية وتحول اجتماعي واسع النطاق من مدار أدنى إلى آخر أعلى، فسترفع حتماً المجتمع من نظامه القديم والبالي إلى مستوى جديد ونوعية أعلى، حيث تنطلق الطاقة الاجتماعية المتكاثفة والمتراكمة في عالم نظام حديث؛ تنفرط حلقات الربط والقيود و تتحطم الحواجز ، ويحلق طائر الطموحات والعواطف البشرية الخالصة بجيل لا يهدأ في الأفق اللامع للغد ويطير.



إن قصة صيف عام 1988 هي حديث مضرج بالدماء لمجزرة وتدمير جيل بقي محفورًا في ذاكرة التاريخ دائمًا. تلك الملحمة الحمراء التي سطرت على لوحة مخضبة بالدم إلى الأبد و في لحظة تاريخية حرجة في مواجهة بين الأبناء الحقيقيين للثورة مع أبناء الشياطين، من أصحاب البلطجيين السالبين لحقوق الشعب وفي ساحة حملة غير متكافئة مهيأة بأسرّة التعذيب والأقفاص والتوابيت وأسواط الجلد والمشانق.



ومن يخدع نفسه، فهو من خلال قتل نفسه، يصنع صنمًا من وجوده لخداع العالم من خلال نفي الرأي الآخر وبكلمة «الخداع» المستعارة بهدف تركيع الآخرين له وفرض ثقافة الجريمة والمجزرة على المجتمع بمثابة قانون فطري وأخلاقي وشرعي. وهكذا تبدأ عملية تقليب الكلمات والمفاهيم وذبح الكلمات الصحيحة وتلقيب البطلجيين السفاحين بألقاب فخيمة مثل خدوم الشعب ومحبي الناس والشهيد. وهذه هي الآلية الدفاعية الجبانة «لعدو الأنسان» حيال قبول الحقيقة، حيث يجعل تذكير المجزرة باسمها الحقيقي، أن ينغمس في قعر جحيم من نار الموت.



عندما ينعكس طلب مقاضاة المسؤولين عن تلك المجزرة البشعة، في كل حي وحارة وتتصدح به حناجر القاطنين في المدن ويتحول على لسان أمهات ثكالى إلى صرخات، عندئذ يتحول إلى جحيم يستدعي إبليس إلى معاقبته على جرائمه!



بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، خيم ظل الهولوكوست المروع والمثير للصدمة على المجتمع الألماني؛ وبعد الحرب، كان هذا الحادث يزعج الهوية الإنسانية التاريخية للألمان إلى درجة قامت الحكومة بمنع إثارة الموضوع والنقاش حوله منعًا باتًا حتى ثلاثة عقود من الحرب. كان تنفيذ هذه السياسة يهدف إلى إدراك عملاء وعناصر النظام النازي في المجتمع على أنهم «أغيار» حتى يتمكن كل فرد من تبرئة نفسه بسهولة وهدوء من انتمائه. هذا الصمت الذي كان يعمل كجبر لخاطر المجتمع الألماني المفزع في ذلك الوقت، كان حاجة جمهورية ألمانيا الاتحادية في تجديد إعمارها وإعادة بناء الهوية المتشتتة للمجتمع الألماني.



فياللعجب! إن الهولوكوست في العام 1988 لم يدفنا في أي جيل في قبور مجهولة، بل إنها كرّمت وعزّزت هوية الشعب الإيراني الرائد في وجه الأبالسة المعادين للإنسانية بمثابة «أغيار» إلى الأبد.



ذلك الجيل النشط الذي لم يركع أمام الشيطان في ذلك اليوم، ذهب مطمئن البال وقَبِل مشنقة التضحية ، حتى يضرب بالفأس على رأس صنم سلب طموح شعب بالحرية. وحقًا أن الكلمات تأخذ معناها اليوم من ملحمة ذلك الجيل وتأخذ معناها الحقيقي. إنه بلا شك يمثل مصداقية ووجاهة إيران وإيراني، وجيل اليوم يعمل على ذلك السياق في العصيان والتمرد أي الجيل العاصي في 1988 وها هو الجيل اليوم الذي ينادي في كل زقاق وشارع لكل مدينة ويتفاخر بهويته وقضيته ، ويصرخ:

«يوم العدل قريب »!

سجن جوهردشت- أغسطس 2019


مجيد أسدي خريج الاقتصاد من جامعة العلامة طباطبائي في طهران.



اعتقل مجيد أسدي من قبل عناصر المخابرات في منزله في كرج في العاشرة مساء يوم 18 فبراير 2017وتم نقله إلى عنبر 4 في سجن إيفين. وبقي هناك حتى الآن. وقبل ذلك، قضى أيضًا أربع سنوات في السجن من عام 2011 حتى 2015.



إنه يعاني من مرض التهاب حاد في العمود الفقري وجهاز الهضم. كما حُرم من العلاج المناسب ولا يسمح النظام له بتلقي العلاج.


لـ ليفانت نيوز - المكتب الإعلامي للمقاومة الإيرانية السجين السياسي مجيد أسدي: يوم العدل قريب! السجين السياسي مجيد أسدي: يوم العدل قريب!

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!