الوضع المظلم
الأحد ١٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
الحوثيون وعرقلة الهدنة في اليمن
 سعد عبد الله الحامد

في ظل التغيرات الدولية المتسارعة للأحداث والتي ألقت بظلالها على الحرب في اليمن حيث لم يتم التوصل إلى تمديد للهدنة، والتي تم إبرامها في 2 أبريل الماضي، ليتم وقف إطلاق النار وإفساح المجال للجهود الإغاثية والإنسانية الأممية للوصول لأبناء الشعب اليمني والذي عانى من آثار هذه الحرب لأكثر من 8 سنوات بسبب سطوة ميليشيا الحوثي الانقلابية على مؤسسات الدولة والانقلاب على الحكومة الشرعية.

حيث نجحت جهود المجتمع الدولي بجمع أطراف النزاع والاتفاق على هدنة برعاية الأمم المتحدة وأطراف دولية وإقليمية فاعلة لتكون منطلقاً لبلورة تفاهمات سياسية تستطيع وضع نهاية لهذه الحرب الدامية، إذ يتهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن في ظل نقص المساعدات الطبية والإغاثية والمحروقات بشكل عاجل، حيث تضمن اتفاق الهدنة السماح برحلات تجارية، من مطار صنعاء الدولي الذي كان يستقبل فقط طائرات المساعدات منذ 2016 والسماح بدخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، ودخلت أكثر من 50 سفينة وقود محملة بمليون و400 ألف طن من المشتقات النفطية إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين وتم تمديد الهدنة مرتين لمدة شهرين آخرين وما زالت الجهود الدولية تأمل بتمديد هذه الهدنه لمرة ثالثه لمدة ستة أشهر برغم التعنت الحوثي ووضع العديد من العراقيل بشكل مستمر لإفشال استمرار الهدنة وعدم تنفيذ بنود اتفاق الهدنة لفتح الطرق الرئيسة لمحافظة تعز المحاصرة منذ 2016 واستمرار الخروقات العسكرية التي تمارسها الميليشيات ضد مواقع ميدانية لقوات الشرعية على جبهات مختلفة، ووصلت إلى أكثر من 8000 انتهاك للهدنة واستهدافات بالمسيرات وطلعات جوية واستهدافات بالمدفعية والقذائف، وبالمقابل يتنصل الحوثيون من دفع مستحقات ورواتب المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين كما كان متفقاً عليه منذ قرار الهدنة ونهب إيرادات موانئ الحُديدة ويرفضون تحويل إيرادات ميناء الحديدة للبنك المركزي في عدن لتقوم الحكومة بصرف تلك المرتبات بشكل منتظم وكذلك يتنصلون من مناقشة الخروقات العسكرية المستمرة للهدنة.

وتشير بعض المصادر إلى مطالب عديده أخرى يلوح بها الحوثيون كتقاسم إيرادات النفط والغاز مع الحكومة الشرعية وتشغيل الكهرباء في مناطق سيطرته عبر محطة مأرب برغم الجهود التي بذلها المجلس الرئاسي الممثل للشرعية اليمنية في سبيل محاولة إيجاد نقاط التقاء مع الحوثيين وتقديم العديد من التنازلات من أجل مصلحة اليمن، وهذا ما لمسه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حين أوضح قلق واشنطن إزاء تصرفات الحوثيين الأخيرة مشدداً على أهمية دعم المجتمع الدولي لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن بالرغم من تخلّف المليشيات الحوثية عن الوفاء بالتزاماتها. والمبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ أيضاً أشار إلى أن الميليشيات الحوثية مسؤولة عن عرقلة تمديد الهدنة الأممية في البلاد واستمرار سيناريوهات العودة للحرب من جديد مرة أخرى بفرضهم شروطاً تعجيزية، من بينها دفع رواتب مقاتليهم أولاً على نحو يعطل جهود استمرار الهدنة.

وعلى جانب آخر، فإن فشل لقاءات المندوب الأممي لليمن، هانس جروندبرغ، الأخيرة في عمان مع القيادات الحوثية مؤشر واضح لعدم جدية الحوثيين في استمرار الهدنة، وكذلك التهديدات الأخيرة التي وجهتها تلك الميليشيات باستهداف مطارات وموانئ وشركات النفط التابعة للدول الأجنبية، في خطوة تصعيدية لها دلالات واضحة من حيث ارتباط ذلك بما يحدث في طهران من احتجاجات وأوضاع تحرج النظام الإيراني بل تهدد بسقوطه، وبالتالي فإن تلك الأذرع تمارس الدور المنوط بها من استمرار الضغط وتهديد الأمن والسلم الدولي، وكذلك تهديد الممرات المائية ومصادر الطاقة العالمية.

ومما لا شك فيه أن الحوثيين يمارسون لعبة ابتزاز المجلس الرئاسي من خلال رفع سقف المطالب باستمرار لخدمة مصالحهم واستعادة قواهم في جبهات عديدة، ولذلك فإن الحلول المطروحة هي ضغط دولي أممي ممنهج من واشنطن والغرب على الحوثيين وفرض عقوبات موسعه تشمل القيادات الحوثية، وعلى من يدعمهم بالسلاح أيضاً، للبدء بهدنة أخرى يمكن الاستفادة منها في وضع حد لهذه الحرب، كما أن الغرب لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الصلف والتعنت وتهديد أمن الطاقة في ظل الظروف الحالية والحرب الروسية الأوكرانية وآثارها على أسعار النفط والطاقة، حيث جاء رد المبعوث الأميركي على تهديدات الحوثيين لشركات النفط والشحن التجاري بأنها غير مقبولة تماماً وقال إنه تبقى من مصلحة الأمن القومي الأمريكي مساعدة شركائنا الخليجيين في الدفاع عن أنفسهم من أي اعتداء خارجي وسنفعل ذلك في حال أتت الاعتداءات من اليمن.

وإن كانت تصريحات المسؤولين الأمريكيين الأخيرة حول قرار أوبك بخفض إنتاج النفط لا يتوافق مع هذه التصريحات، ولكن الواقع يقول بأن إنهاء وكف الحوثيين أصبح الآن ضرورة لهذه المنطقة ودولها لأنه يسعي لتخريب هذه المنطقة تنفيذاً لسياسات خارجية يطبقها، لذلك فإن القادم يتطلب تكاتف جهود المجتمع الدولية بصورة أكبر للوقوف أمام هذا الكيان العبثي.

 

ليفانت - سعد حامد

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!