-
الجزيرة القطرية..الاحتيال عبر الكلمة والصورة وتسويق الإرهاب
ليفانت - خاص
https://youtu.be/O3zeZ_9ewbE
غير أنّ القناة الوليدة التي التي اعتمدت على التقنيات الحديثة، والكوادر الإعلامية المدربة، خاصة وأنها قامت على أنقاض قناة بي بي سي العربية، سرعان ما استغلّت توق المواطن العربي إلى الخروج من القالب التقليدي للإعلام العربي، الذي يولي الجانب الأكبر من الأهمية للأخبار المحلية، والطبقة الحاكمة في البلد، وعملت على توجيه الرأي العام وحشد التأييد للتنظيمات المتطرفة، من خلال العزف على وتر المظلومية الإسلامية، مستغلّة تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا على الضفة الأخرى من العالم. هذا النمط من التجييش الإعلامي أدى إلى التأسيس لخطاب إعلامي ديماغوجي، يعتمد على الإبهار البصري والبرامج الإخبارية الحوارية، التقليدية منها والإشكالية، وبدعوى منح هامش الحرية للرأي وللرأي الآخر حيث بدأ تسويق هذا الفكر المتشدّد في صفوف الشباب العربي.
محطّات كثيرة يستطيع المرء التوقف عندها، في معرض الحديث عن الغزل بين الفكر المتطرّف وقناة الجزيرة، سيما وأن إطلاق القناة تزامن مع تنامي نفوذ تنظيم القاعدة، وهي التي منحت كبار شخصيات هذا التنظيم مساحة واسعة لعرض أفكارهم التي أفردت لها لقاءات حصرية، أدارها محاورون إشكاليون، وهم الذين يتمتعون -على ما يبدو- بمصداقية عالية لدى التنظيم، سيما وأنهم في الغالب ليسوا من إعلامييي الصف الأول في القناة!
ولم يقف الأمر عند الحوارات بل تعدّاه إلى نشر مقاطع حية، لعمليات التفجير والمعارك التي تخوضها هذه التنظيمات، وصولاً إلى نشر تسجيلات مصوّرة لهذه التنظيمات تتحدث عن عمليات التصفية والإعدام وتقديمها للمشاهد العربي، والغربي من خلال الجزيرة الإنكليزية، ما أدّى إلى تعميم هذا الفكر ليشمل المسلمين كافة.
وفي إطار دعمها اللامتناهي لحركة حماس، قامت الجزيرة بالتسويق لفكرة تصفية المدنيين، تحت مسمى عمليات (استشهادية)، لتصبح فيما بعد وسيلة جديدة لتهديد المدنيين، ولتصبح بعدها سلاح حرب متداول لدى جميع التنظيمات، دون المبالاة بعقابيل هذا النوع من الفكر الراديكالي وتبعاته على السلم الأهلي، ودون الفرز بين أنواع الضحايا، حيث تساوى الطفل مع العسكري.
في التقرير التالي، تعرض ليفانت لبعض التقاط الراديكالية المفصلية التي عملت الجزيرة على شرعنتها، من خلال التجييش الإعلامي، وتلميع صورة التنظيمات المتطرفة والشخصيات القيادية فيها، مع تسليط الضوء على شهادات بعض الأكاديميين والشخصيات الرسمية حول رؤيتها لمشروع قناة الجزيرة ودورها في نشر الفكر التكفيري.
منذ البدايات..لماذا الجزيرة؟
تأسست شبكة الجزيرة عام 1996، بعد توقف بث قناة بي بي سي الناطقة بالعربية، واستقطاب وجوهها الإعلامية بعد أن باتوا بلا عمل، فانطلقت القناة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، وكانت مدّة البث لا تتجاوز ال 6 ساعات في العام الأول، ثم ازدادت المدة لتصبح 12 ساعة، وفي عام 1999 بدأت بثها المتواصل لمدة 24 ساعة يومياً وبشكل مجاني.
تشير التسريبات الصحفية إلى أنّ القناة مموّلة بشكل كامل من قبل أمير قطر وقتها حمد بن خليفة، وأن سياساتها التحريرية يرسمها كلّ من الديوان الأميري وجهاز الاستخبارات القطري، وأنّ هذا التدخّل الأمني يطال صناعة التقارير والبرامج السياسية.
وفي هذا السياق كشف الإعلامي "يسري فودة"، والذي تعاون سابقاً مع قناة الجزيرة، عن تدخّل الأمير القطري السابق حمد بن خليفة في آلية عمل القناة، لدرجة أنّه سارع إلى تلبية طلب تنظيم القاعدة ودفع مبلغ مالي ضخم، للحصول على روابة التنظيم ونشرها على أوسع نطاق. ويوضح "فودة" في كتابه الذي يحمل عنوان: "في طريق الأذى: من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش" أنه التقى الأمير القطري في أحد المطاعم في لندن، حيث أبدى رغبته في الحصول على أشرطته التي تمّ تصويرها مع تنظيم القاعدة إبان أحداث 11 سيبتمبر.
منبر لتنظيم القاعدة!
بعد اعترافات منفذى تفجير العليا فى عام 1995 التى بثها التليفزيون السعودى، وأقروا خلالها بتأثرهم بنشرات المتطرف أبى محمد المقدسى، سارعت الجزيرة باستضافته عبر مذيعها ياسر أبو هلالة صاحب الميول المتطرفة، وقدّمه على أنه صاحب فكر معتدل، رغم كونه أحد أبرز منظري الإرهاب فى المنطقة العربية، وأحد الزعامات التكفيرية التى استند تنظيم القاعدة لأطروحاتها، تم سجنه فى الأردن عدة مرات نظير أنشطته المشبوهه، وارتباطه بعلاقة مع حركة طالبان الإرهابية، وعلى صلة وثيقة بالإرهابى أبى مصعب الزرقاوى، لذلك صنفته مراكز تكفير أمريكية بأنه الشخص الأخطر فى العالم.
وتطور الأمر بعد أحداث أيلول عام 2001، فباتت شاشة الجزيرة القطرية، تصدّر من على شاشاتها فتاوى القتل والإعدامات خارج القانون، كما تفتى بجواز العمليات الإنتحارية التى يذهب ضحاياها آلاف الأبرياء من المدنيين سنوياً، مثلما بثت فتاوى رسائل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن من قبل، عندما شد مراسلها تيسير علوني الرحال إلى جبال تورا بورا بأفغانستان، للظفر بلقاء حصرى مع زعيم التنظيم الإرهابى، يبارك فيه العمليات التفجيرية التى راح ضحيتها مدنيين كثر.
الجزيرة في مذكرات بن لادن
لم تكن الجزيرة مجرد عين لزعيم القاعدة على أحداث المنطقة، فهي "صاحبة السبق والكلمة". وكانت قناة الجزيرة قد نشرت خطابات لـ"بن لادن"، وقدمته إلى العالم العربي تلفزيونياً للمرة الأولى عبر لقاء خاص من مخبئه في أفغانستان في 1998.
في السياق ذاته، تضمّنت مذكّرات زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والتي خطّها بيده، إشارات عدّة إلى إعجابه بأداء قناة الجزيرة، بل ووصلت ثقته بحجم مصداقيته لديها، بأن أسدى إليها ببعض النصائح.
في ملاحظاته على أداء "الجزيرة" وتقاريرها الإخبارية، أثنى بن لادن على تقارير الصحافي السوداني فوزي بشرى التي تخلط الخطابة والتعبئة السياسية بالتحريض على الحكام العرب، وعرض بالملاحظة الناقدة أحياناً والمؤيدة في أخرى، لما يرد في مداخلات بعض ضيوفها، ومنهم الفلسطيني البريطاني عبد الباري عطوان، واللبناني الأميركي وليد فارس.
كما أشار بن لادن إلى الدور الجوهري الذي تلعبه "الجزيرة"، حتى وإن "بدا كلام مراسل الجزيرة (في الأردن) تحريضياً"، فهو "كلام جيد" عن ضرورة إسقاط الحكام العرب، مؤكداً "البديهي أن يتم إسقاط النظام، والجزيرة تعمل على هدم جميع الأنظمة".
ويبلغ اعتقاد بن لادن بتأثيره على "الجزيرة" حد النصيحة التحريرية، بالقول "الجزيرة عرضت صوراً صعبة ومروّعة. يجب لفت انتباه المشاهدين قبل عرض تلك الصورة صاحبة التأثير".
الزرقاوي والعمليات الجهادية في العراق
فى غزو العراق، ساهمت قناة الجزيرة القطرية فى وصم أي مقاومة مشروعة أو حركة تحرير بمصطلح الإرهاب، من خلال حصر تغطية مشاهد المقاومة فى المتطرفين وتضخيم وجودهم وإعطائهم الزخم الذى يهمّش كل اعتدال، فكانت فى العراق على سبيل المثال الوسيلة الإعلامية الحصرية لنقل بيانات جماعات التكفير، ولعل هذا السبب الذى جعل من أبى مصعب الزرقاوى يتخذها وسيلة لتمرير الرسائل ومخاطبة الجمهور.
واستكمالاً لدورها المشبوه، لعب الجزيرة أيضاً دورا كبيراً خلال حرب العراق لتغييب عقول الشباب العربى، عبر بث مقاطع فيديو مفبركة لبطولات وهمية لتنظيم القاعدة، والهدف منها تشجيع الشباب العربى على القتال فى حروب مدمّرة واستنزاف طاقاتهم فيما يضرّ ولا ينفع.
منبر لقيادات حماس وحزب الله..وتصدير ثقافة الموت
عملت الجزيرة على استصدار فتاوى من قبل رجال دين متشدّدين، كالقرضاوي الذي منحته منبراً دائماً على شاشتها، أفتى من خلاله بشرعية العمليات الجهادية، فأفتى بسفك دم المدنيين، أياً يكن دورهم، حيث أطلقت مصطلح "العمليات الاستشهادية" التي كانت تتمّ داخل الأراضي المحتلة، كما منحت قيادات حماس مساحة على شاشتها لنشر هذه الأفكار التي أطلقوا عليها مصطلح "الجهاد ضد المحتل"، ولكنهم أغفلوا أن الجهاد لا يشمل النساء والأطفال، وأن كل الوصايا تجمع على حرمة قطع الشجرة في حالة الحرب، فكيف بإزهاق روح إنسان؟!
كما استنفرت قناة الجزيرة في حرب تموز 2006 لترويج رواية حزب الله، بل وساهمت في منحه قاعدة شعبية عريضة، من خلال ظهوره المتكرّر على شاشتها، ووصولها إلى تصوير الأنفاق التي حفرها حزب الله سواء في جنوب لبنان أو في قطاع غزة حيث قام بتغطيتها غسان بن جدو، والذي استقال من الجزيرة لاحقاً، وأسس قناة الميادين.
سوريا..قيادات داعش والنصرة
أفرد تلفزيون الجزيرة مساحات واسعة لاستضافة قيادات التنظيمات المتطرفة، حيث قدّم دعماً إعلامياً كبيراً للتنظيمات الإرهابية، من خلال نشر بياناتها وموادها الإعلامية، إذ دأبت القناة على بث مقابلات ورسائل قادة تنظيم القاعدة، إضافة إلى عقد الحوارات مع قادة هذه التنظيمات، مثل حوارها مع أبي محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، جناح القاعدة في سوريا، في سبتمبر 2016، فضلاً عن استضافتها لبعض رموز هذه التنظيمات، مثل عبدالله المحيسني، مشرّع جبهة النصرة، الذي تمت استضافته في نوفمبر 2016، عقب ظهوره في تسجيل مصور وهو يبارك أحد الأشخاص وهو في طريقة لتنفيذ عملية انتحارية.
ولم تكتفِ «الجزيرة» بإستضافة الإرهابيين، ولكنها أصبحت تعتمد على المواقع الإخبارية والحسابات التابعة لهم عبر السوشيال ميديا، كمصدر للأخبار والتعامل معها كمصادر موثوق بها، مثل وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش.
وقد استعانت لتنفيذ هذه المهام، بمذيعين لهم تاريخ إشكالي، وعرفوا بانتمائهم لتنظيم الأخوان المسلمين، بل إنهم من ذوي الباع الطويل في هذا التنظيم، من أمثال أحمد موفق زيدان، أحمد منصور، وليس انتهاء بتيسير علوني والذي سبق له ان سجل لقاء مصوراُ مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وهو ذاته الذي التقى الجولاني عام 2013.
مصر وفضيحة تجنيد متطرفين
قام محمد فهمي، وهو مدير سابق لمكتب قناة الجزيرة في القاهرة، بمقاضاة الشبكة بسبب ما يصفه بالإهمال وخرق العقد الموقع مع القناة بعد أن أمضى أكثر من 400 يوم في أحد السجون المصرية بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية. وروى فهمي كيف أنه اكتشف تطرّف الجزيرة وتعيينها بعض الشباب المصري من غير الصحفيين في عملية جمع الأخبار المتعلقة بمصر.
كما كشف فهمي عن أنه تمّ الاتصال بأعداد كبيرة من الطلاب والمتعاطفين مع الإخوان المسلمين، الذين كانوا يحصلون على ما يتراوح بين 200 و 300 دولار مقابل مشاهد التقطوها لقناة الجزيرة، مشيراً إلى أن هذه الممارسات كانت تحدث من وراء ظهره كمدير لمكتب الجزيرة الإنجليزي، كما أن اعترافات الشبان زجّت به في السجن.
في السياق ذاته، أضاف فهمي: «في كثير من الأحيان نحكم على الجزيرة بما نراه على الشاشة، ولكن الكثير من الأمور التي تثير غضب المسؤولين الأمنيين تحدث في عملية جمع الأخبار، وهذا لا يتعلق بحرية الصحافة، والمسألة تدور حول شبكة تسببت بوفاة بعض الشبان الذين تسمّمت عقولهم من الأفكار التي حشدتها هذه الشبكة في عقولهم». ويمضي فهمي إلى القول إن قناة الجزيرة استخدمته بحجج زائفة بعدم إبلاغه بعلاقات الشبان بالجماعات الإرهابية.
دعم الحوثيين لزعزعة الاستقرار في السعودية
قال وزير الإعلام السعودي عواد العواد، خلال اجتماع وزرار العرب عام 2017 إن جهود مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تحقق هدفها، فيما هناك من يرعى ويغذي الإرهاب معرضاً أمن المنطقة للخطر.
وشدد العواد على ضرورة وقف قطر لدعم الإرهاب، مسمياً قناة "الجزيرة" كأداة قطرية لشق الصف العربي، مما يتطلب وقفة جادة لمنعها من ذلك.
يضاف إلى ذلك أن قناة الجزيرة قدّمت الكثير من الدعم للحوثيين، على الرغم من الحرب الدائرة في اليمن بين قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبينهم، بهدف تحرير اليمن ودعم الشرعية وحفظ استقرار وأمن اليمن وشعبه.
كما أنها ساهمت في تسويق رواياتهم، والترويج لأكاذيب الحوثيين ومنحها منبراً إعلامياً، كل ذلك سعياً منها لضرب الاستقرار في منطقة الخليج العربي، لصالح إيران وخططها الرامية إلى خلط جميع الأوراق في المنطقة العربية بأكملها.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!