-
التطبيع وحماس.. ما هو حرام على العرب حلال على تركيا
-
في التاسع من مارس الجاري، أصدرت حماس بياناً خجولاً حول تطبيع تركيا مع إسرائيل، دون أن تتجرأ حتى، على ذكر اسم تركيا أو رئيسها أردوغان
في منتصف أغسطس من العام 2020، أي عقب توقيع اتفاق التطبيع بين دولة الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل، كتب المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن تغريدة على "تويتر"، قال فيها إن "التاريخ لن ينسى من يخون الشعب الفلسطيني ويبيع القضية الفلسطينية"، وأن "سياساتهم البائسة لن تردع الذين يؤمنون بالعدالة والحرية، بل ستمنحهم القوة فقط"، زاعماً أن تركيا سـ"تواصل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني".
اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون والنظام السوري.. مصالح مشتركة في الهندسة الديموغرافية
مواقفٌ دفعت الرئيس الأسبق للاستخبارات بالمملكة العربية السعودية، الأمير بندر بن سلطان، للتعجب من الغضب التركي في ظل العلاقات الواضحة والوطيدة بين تل أبيب وأنقرة، وطرح وقتها، على تركيا التي هددت بسحب سفيرها من الإمارات، بعد اتفاق السلام مع إسرائيل، استفساراً، فقال، "هل طلب قادة حماس الهاربون، الذين وجهوا الشكر إلى تركيا من أردوغان، أن يُطرد السفير الإسرائيلي في أنقرة، باعتبار أن ذلك أقرب أو سحب السفير التركي من تل أبيب”، مردفاً أن هؤلاء الأشخاص هم أحد الأسباب الرئيسية في ضياع القضية الفلسطينية.
حرام على العرب
أما حركة حماس الإخوانية، فطالت هجماتها كل الأطراف العربية الساعية للسلام وترسيخ الاستقرار بالمنطقة، فدانت نهاية أكتوبر 2020، قرار الحكومة السودانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على غرار الإمارات والبحرين، وقالت في بيان: "نعبر عن إدانتنا وغضبنا واشمئزازنا من هذا التطبيع المشين والمهين الذي لا يليق بالسودان، شعباً وتاريخاً ومكانة ودوراً كدولة عمق داعمة لفلسطين وقضيتها ومقاومتها"، ولم تكتف بسيل الشتائم ذاك، بل دعت الشعب السوداني إلى رفض "اتفاق العار".
وتكرر الهجوم الإخواني في 10 ديسمبر العام 2020، حين اعتبرت حركة "حماس" اتفاق تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل "خطيئة سياسية"، وفي 21 ديسمبر 2020، قالت حماس إن الإمارات اصطفت إلى جانب إسرائيل "ضد الحقوق الفلسطينية"، وكتب المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في تغريدة: "التصريحات التي تصدر خلال زيارات بعض المسؤولين الإماراتيين للاحتلال تجاوزت الحدود، وهي تؤكد الانخراط الإماراتي إلى جانب الاحتلال ضد الحقوق الفلسطينية، ومصالح شعوب المنطقة"، وزعم أن ذلك السلوك "يعكس الدعم الإماراتي اللامحدود للاستيطان والاحتلال".
اقرأ أيضاً: مصر.. تصنيف الإخوان تنظيماً إرهابياً للمرة الخامسة
فيما ادعى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل "يعد خطيئة وسلوكاً مضراً بمصالح الأمة وأمنها، ويمثل خطراً على القضية الفلسطينية وطعنة في ظهر شعبنا وأمتنا".
وفي نهاية سبتمبر 2021، قال حازم قاسم، الناطق باسم حركة "حماس"، إن "استقبال النظام البحريني وزير خارجية الاحتلال لافتتاح سفارة صهيونية بالمنامة جريمة قومية ضد مصالح الأمة"، ودعا "كل القوى الحية في الأمة أن تعلي صوتها الرافض للتطبيع مع الاحتلال الذي لا يخدم إلا المصالح الصهيونية وروايته الاستعمارية".
كما اعتبرت "حماس" في منتصف ديسمبر 2021، زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إلى الإمارات، "انحداراً قومياً وأخلاقياً، وتخلياً عن فلسطين، ومشاركة لإسرائيل في العدوان على شعبنا ومقدساتنا"، وقال إسماعيل رضوان، القيادي في "حماس"، "إن التطبيع المتسارع لحكومة الإمارات وخطواتها لتعزيز علاقاتها المختلفة مع المحتل الغاصب، يمثل طعنة غادرة لشعبنا، وخيانة للقضية والأمة، ولن يعطي الشرعية للاحتلال على أرض فلسطين"، على حد ذكره.
حلال على تركيا
لكن الحماسة القوية لـ "حماس"، وتشدقها بالشعارات على الدول العربية، تحولت لحركة خائبة ومسلوبة الإرادة مع تركيا، فالعرب كما يبدو في نظر حماس، لا يحق لهم البحث عن مصالحهم أو ممارسة فنون السياسة، وفقط تركيا من لها كل الحق في البحث عن مصالحها و"ممارسة السياسة"، هذا عدى عن تبرير لا يظهر إلا عندما تحشر تركيا وإخوانها في الزاوية، وهي أن تركيا ليست عربية، وبالتالي لا يمكن لومها كما هو الحال مع العرب، أما في حال كان الموقف في صالح سيطرة تركيا وتوسع نفوذها، تتحول تركيا فوراً إلى دولة مسلمة وراعية لجميع المسلمين، لا فرق لديها بينهم، إن كانوا عرباً أم عجماً!
وبالصدد، صدرت منذ بداية العام 2021، إشارات تؤكد توجه تركيا نحو التطبيع مع إسرائيل، دون أن يصدر عن حركة حماس أو تنظيمات الإخوان على اختلاف مسمياتها، أي مواقف مُنبهة ومُحذرة للسلطات التركية، من "الانجرار إلى التطبيع"، كما كانوا يصرحون على الدوام، وقد أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في منتصف يناير 2021، إلى أن إسرائيل تشترط على أنقرة إغلاق مكتب حركة "حماس" بإسطنبول، ووقف أنشطة الأسرى المحررين المرتبطين بـ"كتائب القسام"، لإعادة العلاقات كاملة بين البلدين.
اقرأ أيضاً: شبح الحرب يلوح مجدداً في ليبيا.. لماذا يحشد الإخوان لصراع مسلّح؟
لتتحول الإشارات إلى ضوء أخضر تركي، بانتظار الرضى الإسرائيلي، إذ أوردت نهاية مارس 2021، صحيفة "يسرائيل هايوم" عن مسؤول تركي كبير ذكره، إن الحكومة التركية جاهزة لإرسال سفير إلى تل أبيب، بمجرد أن تلتزم الحكومة الإسرائيلية بالرد بالمثل في نفس الوقت، في تأكيد صريح على أن إسرائيل من لا يقبل بالتطبيع، حتى تحصل على ما تريد من تركيا، والأكيد أن "رأس حماس" في تركيا، المطلب الأول لاستعادة "العلاقة الحميمة" التي لطالما جمعت الجانبين، في السر والعلن، وقد أكدت الصحيفة الإسرائيلية أن وجود مسؤولين كبار في حركة "حماس" على الأراضي التركية، هو نقطة الخلاف الرئيسية.
تركيا الساعية للتطبيع
منتصف يوليو 2021، قال متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، إن تركيا وإسرائيل اتفقتا على العمل من أجل تحسين علاقتهما المتوترة، وذلك بعد اتصال هاتفي نادر بين رئيسي البلدين، حيث اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتصوغ لتهنئته على توليه المنصب آنذاك، ولم يمر وقت طويل، حتى كشف أردوغان، منتصف يناير الماضي، عن محادثات مع نظيره الإسرائيلي، متوقعاً أن يزور الرئيس الإسرائيلي، أنقرة.
استرضاءٌ اعتبرته وسائل إعلام إسرائيلية "فرصة لتحريك العلاقات من جمودها بين البلدين"، فيما كانت لا تزال حماس نائمة في عسل علاقتها مع تركيا، رغم أن أي إجراء مماثل من أي بلد عربي، لم تكن لتفوته دون البروز بدور المحامي عن القضية الفلسطينية.
اقرأ أيضاً: حمد بن جاسم يعلن وفاة جماعة الإخوان
بينما ذكرت صحيفة "حرييت" التركية، منتصف فبراير الماضي، بأن أنقرة تدير منذ عام ونصف العام، قناة محادثات سرية مع مجموعة دول في المنطقة، من ضمنها إسرائيل، "لربما بهدف إيجاد موطن جديد لحركة حماس"، ووفق التقرير، فإن "المفاوضات الأشد كثافة كانت مع إسرائيل، التي تريد أن يتم طرد نشطاء حماس"، ونوه التقرير إلى أن أنقرة أعلمت "حماس" بأن "أصحاب المناصب العسكرية في حركة حماس لن يمكثوا في تركيا"، وأنها "لن توفر مساعدات عسكرية للحركة"، زاعماً أن أنشطة "حماس" السياسية في تركيا ستتواصل.
وفي التاسع من مارس الجاري، وبالتوازي مع وصول إسحق هرتسوغ، الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة، ضمن زيارة هي الأولى لرئيس إسرائيلي منذ 15 عاماً، أصدرت حماس أخيراً، بياناً خجولاً حول تطبيع تركيا مع إسرائيل، متحدثةً عن زيارة رئيس إسرائيل لـ"دول في المنطقة"، دون أن تتجرأ حتى، على ذكر اسم تركيا أو رئيسها أردوغان.. وكان لسان حال حماس والإخوان يقول، بأن التطبيع حرام على العرب، حلال على تركيا وإسرائيل!
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!