الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الانتقال ما بين بلد التوحش الأسدي والتأسيس لدولة الحريات المُصانة

الانتقال ما بين بلد التوحش الأسدي والتأسيس لدولة الحريات المُصانة
أحمد منصور 

تُشير آراءٌ من شخصياتٍ سوريةٍ محترمةٍ إلى ضرورة مُتابعة مُتظاهري الداخل ومُعاقبتهم، واصفين إياهم بـ"التيار الثالث" المُدعم من النظام أو جهاتٍ مُعاديةٍ لانتصار الثورة.  لكن هذا الرأي يُمثّل خطأً جسيماً، إذ يُعدّ حق التظاهر والتعبير عن الرأي حقاً مُكفولاً.  يُلاحظ أن توجيه مثل هذه الاتهامات الخطيرة يتطلب أدلةً دامغة تُقدّم إلى القضاء، لا إلى جهاتٍ أخرى، خاصةً في ظلّ الظروف الدقيقة والحساسة التي تمرّ بها سوريا، خشيةً من إلحاق الضرر بالأبرياء.

 ووفق هذه المقدمة وبحسب وجهة نظري التي أتبناها كما هناك سوريون اتبادل معهم التوافق حول وجهة النظر هذه حيث يتوجب ألاّ يتبنّى أبناء الثورة الطبيعية والمعارضة السياسية التقليدية والجديدة فكرة احتكار القرار لصالح أفراد أو أيّ جهة سياسية أو اجتماعية أو عسكرية. إنّ هدف الثورة هو بناء دولة ديمقراطية،  الأولوية فيها حماية وضمان حرية الرأي والتعبير، وحق المشاركة في صنع القرارات المصيرية، وحق القبول والاعتراض،  والتوافق على عقد اجتماعي جديد. والتوجه نحو بناء دولة الدستور والقانون والأقتصاد الحديث والاستثمار الصناعي والتجاري التنموي ومشاريع التنمية المستدامة.

لقد عانينا جميعاً، أيها الأصدقاء، خلال السنوات الأربعة عشر الماضية،  بل إنّ هناك من عانى أكثر منا،  منهم الشهداء الذين سقطوا ضحايا إرهاب النظام الأسدي وداعش والقاعدة، ومنهم من قضى تحت وطأة التعذيب والظلم والخوف في سجون الدولة الموحشة.  لقد ضحّى الجميع بجسده وحياته ومستقبله وأعماله وأرضه من أجل حرية سوريا،  كما هناك الفئة الأكثر مظلومية ألا وهي الأم السوري والأطفال السوريون الذين فقدوا أحباءهم في حربٍ فُرضت عليهم.  فهل بعد كل هذه المعاناة،  يُريد أحدٌ أن يرى معاناة أيّ طرف سوري آخر!؟.

 ألا نريد معالجة جراح بعضنا البعض وفق مصالحة وطنية سورية أخوية؟  أرى أنّ من الضروري تبنّي مفهوم بناء دولة القانون والمواطنة وفقاً لمبادئ العدالة الانتقالية التصالحية، لا الانتقامية، والعدالة التسامحية، لا الثأرية،  ليكون في ذلك بداية تأأسيس للهوية الوطنية السورية،  أنه مشروع وطني عمل عليه الأجداد ولكنه واجه تحديات جمة عصفت في تلك الفترات، و كما نعمل عليه جميعاً اليوم بطريقة عفوية دون دعوة من أحد،  هذا من أجل بناء دولة سورية حديثة.  ولا يعني هذا إعفاء رموز النظام من المحاسبة، بل يجب محاكمتهم،  ومحاسبة جميع المسؤولين عن الكوارث التي لحقت بالشعب السوري وسوريا، التي أصبحت نموذجاً للدول الفاشلة.

شعارنا: إعادة بناء ما دمره تفكير التوحش الأسدي بقلوبنا المتسامحة وعقولنا المستنيرة.  سوريا دولة وطنية، دولة الحقوق والحريات، تحترم حقوق الإنسان، وتصون الحريات العامة، وتضمن حق التعبير والإعلام والصحافة، وحرية الاختيار، والمشاركة الفعّالة في صنع القرار والمصير الوطني، للأفراد والجماعات.

أحمد منصور-ليفانت

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!