الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الاقتصاد الصيني.. خطوات انعكاسية
إبراهيم جلال فضلون (1)

يرتدي الحزب الشيوعي الصيني (CCP)، ومُمثله الشيوعي شي جينبينغ ثوب "روبن هود"، في مواقف تنم على "التعملق"، بما يُسمى الازدهار المشترك في تقرير العمل الذي عرضه على مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الأخير، باستراتيجية المثل المصري "سرقة الكُحل من العين" لكن بالطريقة الشيوعية سرقة الأغنياء لتقديمها إلى الفقراء على غرار "روبن هود".

على الرغم من أن النموذج الاقتصادي للحزب الشيوعي الصيني لم يتح للآن سوى الخيارات السيئة للصينيين والعالم، لقاء زيادة حدة عدم المساواة، وارتفاع الديون المفاجئ، واستثمارات مهدورة، عكس الواقع لانزلاق الأسواق الصينية، خاصة العقارية، إلى كساد وسط أزمة سداد الديون، وعلى خلاف تضاعف نسبة  المليونيرات في الصين بحلول عام 2026، بإجمالي ثروات 20 مليارديراً صينياً نحو 502.5 مليار دولار، وفق موقع "سي أي أو وورد دوت بيز"، وإلا ما استغلت الصين فرص سقوط أو وقوع اضطرابات في دولة ما وأغرقتها بالديون وشراء موانئها خدمة لطريق الحرير المزعوم، ومؤخراً لماذا حجبت الحكومة بيانات النمو بالتزامن مع مؤتمر الحزب الشيوعي؟

أعتقد في الاقتصاد وعكسه، وأنا مع ذلك الرأي لدى هيرشمان، "أن كل نمو سريع هو نمو غير متوازن"، وهي اختلالات من الصعب التخلي عنها أو التوقف عنها في النموذج الشيوعي، ذلك أن نجاحه يعتمد على المجموعة المُسيطرة لاستمرار النموذج، دون وجود لأي معارضة داخلية وخارجية عنها.

فبدلاً من معالجة العجز الصيني، تحول بنموذجه بعد نحو أربعة عقود إلى إفراط كبير طبقاً للبنك الدولي، فمثلاً استثمرت الصين على امتداد عقد من الزمن ما يُقارب 40 إلى 50 % من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، وهو ما يُخالف قاعدة (النمو يعتمد على الاستثمار)، لذا لا يمكن للصين أن تستمر إلا إذا أوقفت ما بدأته، وإلا وقعت في فخ خفي، كما حدث للاتحاد السوفياتي والبرازيل في خمسينيات وستينيات القرن الماضي واليابان في سبيعينياته وثمانينياته، فازداد عبء دين الصين بسرعة البرق فيما يُطلقُ عليه "الاستثمار غير المُنتج"، ليتم محاولة حلها إلا منذ حوالي 20 عاماً مضت، لتبرز هنا مفارقات الاقتصاد "الاشتراكي" بالصين تمنح امتيازاً لأصحاب رأس المال، وتدفع بتشريعات وإصلاحات ضريبة الملكية إلى الأمام وتنفذ برامج تجريبية، وفق أهواء الحزب الشيوعي و"مهندس الإصلاح الصيني" دنغ شياو بينغ وتأسيسهُ فكرة "الرخاء المشترك" التي تتناقض وخطابات "شي"، حيث زادت نسبة ديون الصين الرسمية من 150% من الناتج المحلي الإجمالي إلى قرابة 280% منه، لتنفجر الفقاعة عالمياً، وفق منطق التنافس العقيم المحفوف بالمخاطر، مثلها مثل عدوتها الأمريكية. وهو ما أنتج ديناميكية متماثلة [خطوات انعكاسية]، بعيدة عن التعايش في صراع طويل، متدهور مع غزو الدين الصيني لـ"استعمار" العالم الثالث، ليُؤثر بالسلب عليها في عواقب وخيمة على البلاد والحزب الشيوعي والاقتصاد العالمي.

بلى، لم يكونا (مهاتير وجوليوس) الوحيدين اللذين استشعرا خطر "الفخ الصيني"، فقد صدحت أصوات هنا وهناك من الديون في بلدان القارة السوداء من أفارقة ملوا من قروض ثقيلة، لا يمكن سدادها، وهناك وسيراليون مثالاً للهمود والديون... فمحمد مهاتير الماليزي قد قالها لي كه تشاينغ بالصين: "لا نريد نسخة جديدة من الاستعمار".

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!