الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • قانون "نوبك" لتقويض "أوبك".. واشنطن نحو مشروع محفوف بالمخاطر

قانون
أوبك

منذ إعلان الحظر النفطي في السبعينيات، لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967، توترت العلاقة بين "أوبك" وواشنطن، وسعت الأخيرة بجدية لتقليل قوة "أوبك" وسيطرتها على معادلات سوق الطاقة العالمية.

في عهد دونالد ترمب، صاغ المشرعون الأمريكيون مشروع قانون حمل عنوان "لا لاحتكار النفط"، أو "لا لأوبك".

وتتواصل الجهود تحت رئاسة جو بايدن، لإضعاف أوبك في سوق النفط. رغم تركيز بايدن والديمقراطيين على تحول الطاقة ومكافحة تغير المناخ وزيادة دور الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة الأميركية؛ فإن سياسات بايدن لن تكون ناجحة دون استقرار سوق النفط.

ويوم الخميس 5 مايو، أقرّت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون من شأنه أن يعرض الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركاءها للمساءلة بموجب قوانين مكافحة الاحتكار، وذلك لتنسيقها خفضاً في الإمدادات بما يرفع أسعار النفط العالمية.

وحسب المشرعون الأمريكيون، فإن مشروع قانون "لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصاراً باسم "نوبك"، يهدف إلى حماية المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة من الارتفاعات المتعمدة في أسعار البنزين وزيت التدفئة، لكن بعض المحللين يحذرون من أن تطبيقه قد يكون له بعض التداعيات الخطيرة غير المقصودة.

اقرأ أيضاً: العقود الآجلة للذهب والنفط ترتفع خلال الدورة الآسيوية

ومشروع القانون يهدف لإحياء قانون مكافحة الاحتكار لشيرمان، وهو قانون استُخدم منذ قرن كامل لتفكيك وحل إمبراطورية جون روكفلر النفطية.

فشلت العديد من المحاولات لسن قانون "نوبك" على مدى أكثر من 20 عاماً، لكن خلال العام الماضي، وافقت اللجنة القضائية بمجلس النواب على مشروع قانون مماثل.

يعود سبب فشل النسخ السابقة لمشروع القانون إلى مقاومة مجموعات داخل قطاع الطاقة في الولايات المتحدة مثل معهد البترول الأمريكي لهكذا مقترحات.

وما يزيد من احتمالية نجاح سن القانون هذه المرة، ارتفاع حدة الغضب في الفترة الأخيرة داخل الكونغرس من تزايد أسعار البنزين الذي أسهم في وصول التضخم إلى أعلى مستوياته في عقود.

كما أن معارضة "أوبك" لمطالب الولايات المتحدة وحلفائها بزيادة ضخ النفط بأكثر من الزيادة التدريجية التي تطبقها المنظمة، قد يزيد من فرص سن القانون، في ظل ارتفاع الأسعار الشديد مع خروج المستهلكين على مستوى العالم من قيود جائحة فيروس كورونا وغزو روسيا لأوكرانيا.

وقد تشهد روسيا، التي عادة ما تنتج نحو عشرة في المئة من النفط العالمي، انخفاضاً في إنتاج الخام بنسبة 17 في المئة هذا العام بسبب العقوبات الغربية.

قانون "نوبك" 

قُدّم مشروع قانون "نوبك"، من الحزبين الرئيسيين في أمريكا، وينص على إدخال تعديلات على قانون مكافحة الاحتكار الأمريكي، لإلغاء الحصانة السيادية التي تحمي "أوبك" وشركات النفط الوطنية في دولها الأعضاء من الدعاوى القضائية.

وإذا أصبح "نوبك" قانوناً سارياً، سيكون بمقدور المدعي العام الأمريكي مقاضاة "أوبك" أو أعضائها أمام المحاكم الاتحادية الأمريكية. كما سيمكنه كذلك مقاضاة منتجين آخرين متحالفين مع أوبك -مثل روسيا- يعملون مع المنظمة على خفض الإمدادات ضمن ما يعرف باسم مجموعة أوبك+. ولم يتضح كيف يمكن لمحكمة اتحادية تنفيذ أحكام قضائية لمكافحة الاحتكار على دولة أجنبية.

يتيح مشروع القانون "نوبك"، كما تم تحليله بعمق في الدراسات الغربية، الإعلان أنّ من غير القانوني فرض سقف مصطنع على إنتاج النفط أو تحديد الأسعار."oilprice"

ومنذ تأسيسها عام 1960 تم تفويض أوبك "لتنسيق وتوحيد السياسات البترولية" لجميع الدول الأعضاء، وبالتالي تحديد أسعار النفط بشكل فعال.

بالنظر إلى أن إنتاج الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" يمثل حوالي 40 في المئة من إنتاج النفط الخام في العالم، وحوالي 60 في المئة من إجمالي النفط المتداول دولياً من صادراتهم النفطية وما يزيد قليلاً عن 80 في المئة من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، كان تأثيرها على سوق النفط العالمية شبيهاً بالكارتل.

اقرأ أيضاً: أعضاء أوبك يتفقون على زيادة ضخ النفط في يونيو

في حال سُنّ قانون "نوبك"، فإنّه سوف يمنع بشكل كبير جميع الإجراءات أو التصريحات من "أوبك" على وجه التحديد، وأعضائها الرئيسيين. وسيشمل ذلك تخفيضات أو زيادات منسقة في إنتاج النفط وبيانات تتعلق بالمكان الذي تتوقع فيه المنظمة أو أي من أعضائها الرئيسيين، مستويات الإنتاج أو أسعار النفط في المستقبل.

كما أنه سيزيل على الفور الحصانة السيادية التي كانت موجودة في المحاكم الأمريكية لأوبك كمجموعة وللدول الأعضاء فيها. وهذا من شأنه أن يترك المملكة العربية السعودية عرضة للمقاضاة بموجب تشريعات مكافحة الاحتكار الأمريكية الحالية، حيث يقدر إجمالي مسؤوليتها بنحو 1 تريليون دولار أمريكي من الاستثمارات في الولايات المتحدة وحدها.

وأقرت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ أحدث نسخة من مشروع القانون، الخميس 5 مايو الحالي، بتأييد 17 عضواً مقابل رفض أربعة، يتعين إقراره من قِبل مجلسي الشيوخ والنواب، ثم يوقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً سارياً.

معارضة للقانون

أكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، اليوم الثلاثاء 10 مايو على وجوب تجنب أي فوضى بأسواق النفط مثل تلك التي تحدث بسوق الغاز.

وأشار المزروعي، إلى أن ارتفاع هوامش تكرير النفط وليس مجرد سعر الخام يرفع كُلف الوقود بالنسبة للمستهلكين مضيفاً أن الأرقام تظهر أن سوق النفط متوازنة. موضحاً أن "التقلب الشديد ليس بسبب العرض والطلب بل لأن البعض لا يريد شراء خامات معينة ويستغرق المتعاملون وقتاً للانتقال من سوق إلى أخرى"، في إشارة إلى جهود تجنب شراء الخام الروسي.

ولفت إلى أن (أوبك +) لا يمكنها تلبية كل الطلب العالمي من النفط، مؤكداً أن من غير الحكمة طرح قانون مثل "نوبك" حالياً.

وسبق أن هاجم الفريق "ضاحي خلفان"، نائب رئيس شرطة دبي، مشروع القانون الأمريكي "نوبك"، الاثنين 9 مايو،  وقال "خلفان" في تغريدة على تويتر، "إذا أصدرت أمريكاً قانوناً برفع الحصانة عن أموال الدول المنتجة للنفط لرفضها زيادة الإنتاج... فإن تلك حماقة ما بعدها حماقة"، مضيفا: "قانون معاقبة الدول المنتجة للنفط التي لا ترفع إنتاجها النفطي كما ترغب أمريكا قانون بلطجة".

وفي وقت سابق، قال كبير مستشاري وزير البترول السعودي السابق، محمد سالم سرور الصبان، إن قانون "نوبك" يعطي الصلاحيات لوزارة العدل الأمريكية في رفع قضايا ضد الدول المصدرة للنفط ذات السيادة، بحجة ممارستها للاحتكار، وقد يكون من بينها السعودية والإمارات، مشيراً إلى أنه لن تكون هنالك دول في "أوبك+" مستثناة من التقاضي.

تداعيات محتملة

من الممكن أن ترد دول أوبك بأشكال مختلفة، ففي عام  2019، هددت السعودية ببيع نفطها بعملات غير الدولار إذا ما أقرت واشنطن نسخة سابقة عن مشروع قانون "نوبك". "رويترز"

ومن شأن ذلك تقويض وضع الدولار كعملة احتياط رئيسية في العالم، مما يخفض من نفوذ واشنطن على التجارة العالمية ويضعف من قدرتها على فرض عقوبات على دول أخرى.

اقرأ أيضاً: حزمة عقوبات أوروبية قد تتضمن حظراً تدريجياً للنفط الروسي

وتبيع فنزويلا وإيران، اللتان تخضعان أيضاً لعقوبات أمريكية، معظم نفطهما بعملات أخرى لكنهما لم تبذلا سوى القليل من الجهد لتحدي هيمنة الدولار في سوق النفط.

لكن إذا انضمت السعودية، حليفة الولايات المتحدة منذ أمد طويل، إلى مجموعة بائعي النفط بغير الدولار فستكون تلك خطوة أهم بكثير ومن المرجح أن تكسب زخماً داخل هذا القطاع.

وقد تقرر المملكة كذلك شراء، ولو بعض أسلحتها من دول غير الولايات المتحدة، مما يضر بتجارة رائجة لشركات الدفاع الأمريكية.

وبالإضافة إلى ذلك يمكن للسعودية وغيرها من الدول المنتجة للنفط أن تقلص الاستثمارات الأميركية فيها، أو حتى أن ترفع أسعار بيع النفط للولايات المتحدة مما يقوض الهدف الأساسي لسن القانون.

وأشار محللون إلى أنّ سن القانون، قد يُواجه بخطوات مماثلة ضد الولايات المتحدة لخفضها إمدادات منتجات زراعية لدعم الزراعة المحلية على سبيل المثال.

منذ البداية عارض معهد البترول الأميركي، وهو أكبر تكتل في قطاع صناعة النفط في الولايات المتحدة، مشروع قانون نوبك، قائلاً إنه قد يضر بمنتجي النفط والغاز في الداخل.

وتتلخص مخاوف القطاع بأنّ مشروع قانون "نوبك" قد يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة إنتاج أوبك عن حاجة السوق مما قد يخفض الأسعار بدرجة تجد معها شركات الطاقة الأمريكية صعوبة في تعزيز الإنتاج.

تسيطر السعودية على 10 بالمئة من إنتاج النفط العالمي، مما يضعها على قدم المساواة تقريباً مع منافستيها الرئيسيتين وهما الولايات المتحدة وروسيا. وتحمل شركتها النفطية أرامكو السعودية لقب أكبر مصدر للنفط في العالم بمبيعات قيمتها 356 مليار دولار العام الماضي.

ومنظمة أوبك هي منظّمة عالمية، تضم إحدى عشرة دولة تعتمد على صادراتها النفطية اعتماداً كبيراً لتحقيق مدخولها، ويسعى أعضاءها على زيادة عائداتهم من بيع النّفط في السّوق العالمية.

ليفانت نيوز_ خاص

إعداد وتحرير: عبير صارم

 

 
 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!