-
الآن حصحص الحق.. تقول إيميلات هيلاري كلنتون
أفرجت وزارة الخارجية الأمريكية، عن عدد من رسائل البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، «هيلاري كلينتون»، أثناء ولاية الرئيس السابق «باراك أوباما»، والتي كانت ترسلها أو تتلقّى الردود عليها، ويجري تبادل النقاش من خلالها حول العديد من الأمور السياسية المهمة التي كانت طي الكتمان. هيلاري كلنتون
وكشفت «الإيميلات» العديد من الخفايا والأسرار والمؤامرات التي كانت تحاك ضد الدول العربية، ومنها خطط لإثارة الفوضى والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط. ولعل أهم ما كشفته الوثائق الجديدة هو دور «الإخوان المسلمين» بالتآمر على المنطقة، برعاية قطرية تركية، ودعم أمريكي يبدو أنّه هو الجديد المفاجئ لكثير من المراقبين.
وهنا يحضر السؤال المهم الذي مفاده: ما الذي أوصل الإخوان إلى المركب الأمريكي، حتى تكون لهم تلك المقبولية عند إدارة الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»؟.
الأمر يتعلّق بنشأة «اللوبي الإخواني» في أمريكا، وتدرُّجه عبر السنين، حتى صار له حضور لافت وتأثير مهم، في بعض القرارات الأمريكية. يستغرب البعض عند الحديث عن التواجد الإخواني في «واشنطن» وغيرها من الولايات الأمريكية، لكن المؤكد أنّ هناك لوبياً إسلاموياً بدأ عمله هناك منذ زمن بعيد، بل ونجح في تمرير سياسات محددة. هيلاري كلنتون
بدأت الحكاية مع هجرة عدد من كوادر «الإخوان المسلمين» من بلدانهم في «الشرق الأوسط»، عموماً، و«مصر والسعودية وفلسطين والأردن»، خصوصاً، إلى المدن الأمريكية.
ففي ستينات وسبعينات القرن الماضي، نشطت حركة هجرة كوادر الإخوان باتجاه أمريكا وأوربا، على خلفية صراعاتهم مع مجتمعاتهم، وترافق ذلك مع ذروة «الحرب الباردة»، بين أمريكا والاتحاد السوفييتي، ومع نشاط «الفكر الشيوعي» الذي كان يشكّل مصدر قلق وإزعاج للولايات المتحدة.
فظهر أنّ كوادر الإخوان يمكن أن يشكلوا «عامل مواجهة» للتمدّد الشيوعي في أجزاء مختلفة من العالم، فنال الإخوان شيئاً من الثقة عند أوساط قيادية في «الخارجية والأمن والدفاع».
ثم جاءت مرحلة «الحرب الأفغانية» في ثمانينات القرن الماضي، والتي امتدّت قرابة العشر سنوات، وكان للإخوان دور بارز في إدارة عمليات الدعم المالي واللوجستي المقدم من أمريكا للجهاديين، ودور مهم في تجييش الشباب المتحمسين للقتال في أفغانستان من شتّى أنحاء العالم، وهو الدور الذي عزّز علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالإخوان المسلمين، الذين حرصوا على تقديم أنفسهم للأمريكان، كممثلين للإسلام المعتدل، فوصل الأمر إلى حدّ أن يصبح الإخوان المصدر الأول للمعلومات والاستشارات التي تحتاجها أمريكا عن منطقة الشرق الأوسط.
وفي مطلع التسعينات بدأ «اللوبي الإيراني» بالظهور في «الردهات الأمريكية» بهدف تجميل صورة إيران في الغرب، وتشويه صورة العرب عند صانع القرار الأمريكي، في تلك المرحلة كانت إيران تلعب «اللعبة المزدوجة»، حيث عزّزت صلاتها بجماعات القاعدة الإرهابية وأشرفت على عملية دمج جماعة «الجهاد المصري» و«تنظيم القاعدة» بمسمى «الجبهة العالمية لمحاربة اليهود والنصارى»، كما موَّلت عمليات إرهابية ودعمتها بالخطط والتدريب، وفي الوقت ذاته، كان «اللوبي الإيراني» يتحدّث وراء الحدود عن إيران اللائقة، أن تكون جزءاً من المجموعة الدولية، بخلاف السعودية التي تصدِّر العناصر الإرهابية، على حدّ زعمهم.
تسابق لوبي إيران مع لوبي الإخوان على أعتاب «البيت الأبيض» ليبيض كل منهم صفحته أمام «العم سام»، لكن المدهش في الأمر أنّ الإخوان كانوا حريصين على نفي شبهة الطائفية عنهم، وذلك بإظهار الاحترام للإيرانيين حتى لو تهجَّم هؤلاء على «السُنَّة العرب»، متهمين إياهم بالإرهاب، ليرد الإخوان بقولهم: «ليس جميع السُنَّة بل السعودية وحدها». ليلتقي الفريقان على حقد واحد هو الذي صاغ العلاقة بين الطرفين.
وكما فعل اللوبي الإيراني في تجميل صورته، فعل كذلك لوبي الإخوان بإبعاد شبهة دعمهم للإرهاب، ففي الوقت الذي مارس الإخوان دوراً واضحاً بدعم «تنظيم القاعدة»، حرصوا على تقديم أنفسهم كحالة محترمة تمثّل «النهج المعتدل» للإسلام، حتى وصل بهم الأمر إلى تقصُّد إصدار البيانات المستنكرة للعمليات الإرهابية التي نفذتها «القاعدة».
لكن الدور الأكبر للإخوان المسلمين كان عندما داهمت «ثورات الربيع العربي» المنطقة العربية، والتي تزامنت مع الفترة الرئاسية الأولى لأوباما، فقال الإخوان فيما بينهم: «تلك ضربتنا»، فزادوا من نشاطهم وعززوا من وجودهم على مقربة من البيت الأبيض، يشرحون للإعلام والباحثين والمسؤولين مواقفهم من الأحداث التي رافقت الثورات الشعبية، وكل همِّهم إقناع الأمريكان بصلاحيتهم لاستلام السلطة، في مصر وتونس وليبيا وسوريا، وأنّهم البديل الذي يمكن أن تطمئنّ له أمريكا، «فهم أصحاب الأيادي البيضاء في محاربة الشيوعية، وهم أصحاب النهج المعتدل، وهم بعيدون عن الطائفية، وهم رافضون للإرهاب».
لكن الأهم من ذلك والأكثر إدهاشاً، هو إظهار استعدادهم للسلام مع إسرائيل، وقد طرحوا هذا صراحة، لكن بسرية مطبقة، خشية الفضيحة، حيث يقدّمون أنفسهم للمنطقة العربية والإسلامية كأعداء حقيقيين لإسرائيل.
وفي حديثهم لمستشاري أوباما، كانوا يكررون فكرة “أنّ اتفاقيات السلام السابقة كانت منقوصة لأنّها حدثت بين إسرائيل وبين زعماء عرب، لا يمثّلون شعوبهم، فلم تنضج عملية التطبيع الشعبي المنشودة، بينما هم -أعني الإخوان- يضمنون سلاماً مستداماً لما يمثلونه من قبول شعبي” أثبتته لاحقاً صناديق الاقتراع المدعومة بالمال القطري.
تلقّف أوباما طروحات الإخوان بحماسة غريبة، توهُّماً منه بأنّه سيحلّ مشكلات العالم عن طريق الإخوان المسلمين، ودخل معهم في تفاهمات لا تخلو من المحرمات، بما فيها دعم القاعدة وداعش، والتنسيق مع إيران وحلفائها في العراق، لتدخل المنطقة في فوضى شديدة التعقيد كان يصعب على «جهابذة السياسة» فك طلاسمها، إلى أن تفجرت «إيميلات هيلاري كلنتون»، فباحت ببعض أسرارها. هيلاري كلنتون
ليفانت – عبد الناصر الحسين ليفانت
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!