-
إضراب القضاة في الجزائر ... مطالب مهنية أم ورقة سياسية قبل إنتخابات الرئاسة؟!
تعيش الجزائر وضعاً سياسياً مشحوناً ، يسوده توتر كبير بين السلطة الحالية وجهاز القضاء ،عقب دخول القضاة في إضراب مفتوح على خلفية قرارات وزير العدل بلقاسم زغماتي ، بنقل حوالي ثلاثة آلاف قاض .
وفشلت كل المساعي للحد من الوضع الراهن وإقناع نقابة القضاة للتخلي عن خيار الإضراب والعودة للعمل بحجة أن الجزائر يمر بمرحلة حساسة ومقبلة على إنتخابات رئاسية تحدد مصير البلاد .
ولم يثمر اجتماع عقد بين مسؤولين ساميين بوزارة العدل وممثلين عن نقابة القضاة، في إيجاد أرضية للتفاهم من أجل إقناع النقابة بوقف قرار الإضراب المفتوح والعودة للعمل خوفاً من تأزم الوضع وتسييس القضية وإستغلالها من قبل خصون السلطة والمناووئين لها .
وباتت قضية إضراب القضاة بالجزائر تأخذ منحى آخر من خلال إستعمالها ورقة سياسية للضغط على السلطة قبل شهر واحد من إجراء إنتخابات الرئاسة ،خصوصاً من بعض الشخصيات المعارضة والمناوئة للحكومة الحالية .
ولم يفوّت وزير الاتصال والدبلوماسي الأسبق، عبد العزيز رحابي، الفرصة للتعليق على على إضراب القضاة حيث قال : “إن القضاة أمام فرصة لا تُعوض للحسم نهائياً في إشكالية الفصل بين العدالة والسلطة التنفيذية “البوتفليقية” التي وظّفت العدالة في السياسة لتوفير الحصانة للفاسدين”.
وكتب رحابي في منشور على صفحته الرسمية عبر الفايسبوك، تحت عنوان ” انتفاضة القضاة ضد هيمنة السلطة التنفيذية على العدالة…”، معبّراً عن مساندته لاحتجاجات القضاة، مؤكداً بأنه “في المسار المهني للقضاة، كان الاضراب متوقعاً”.
واعتبر الوزير الأسبق الإضراب “منعرجاً حاسماً في مواكبة الحراك الشعبي المبارك، الذي ينادي دون انقطاع بتحرير العدالة كشرط مسبق لإرساء دولة القانون”.
و انتقد أيضاً رحابي قرار اجراء الحركة السنوية للقضاة أسابيع قليلة قبل تاريخ الانتخابات الرئاسية التي إعتبرها غير معقولة ، مشدّدا بالقول ”لا يعقل أن تقفز الإدارة على سلطة المجلس الأعلى للقضاء، وتنظّم حركة تمس نصف تعداد سلك القضاة، شهراً ونصف قبل انتخاب القاضي الأول للبلاد، ودون مراعاة حتى لظروفهم الأسرية وتمدرس أطفالهم”.
ودعا الوزير الأسبق القوى السياسية بالبلاد للتضامن مع المطالب الشرعية للقضاة وتثمين استعدادهم للحوار، معتبراً أن ”معركتهم من أجل استقلالية القاضي ستحكم بشكل كبير مستقبل الطموح الجماعي في بناء دولة القانون”.
ويتخوف مراقبون للشأن السياسي بالجزائر من إحتقان الصراع بين وزارة العدل ونقابة القضاة وإنعكاساته على الوضع السياسي للبلاد وإستغلال بعض الجيهات في تأجيجه، وحذّرت من تداعياته السلبية على موعد انتخابات الرئاسة المقبلة.
ويتساءل ملاحظون في أي سياق يندرج إضراب القضاة ولماذا أختير له هذا الوقت بالذات والجزائر مقبلة على إنتخابات رئاسية تعتبر مخرجاً هاماً من الأزمة السياسية .
وفي وقت دعا فيه بيان جديد للنقابة الجزائرية للقضاة جميع القضاة المنظويين تحت لوائها إلى "القيام بالمهام الموكلة لهم بموجب قانون الانتخابات بصفة كاملة"، لكن هناك تخوفات من هاجس المقاطعة خصوصاً بعد بروز غضب شديد من بعضهم بعد نشر وسائل إعلام جزائرية بأن بعض القضاة هددوا بمقاطعة انتخابات الرئاسة في حال عدم تجميد حركة التحويلات الأخيرة.
ويقول المحلل السياسي "علي ربيح" بأن "إضراب القضاة جاء في وقت حساس جداً تمر فيه البلاد وعلى مقربة من الإنتخابات السياسية"، وبالرغم من أنه يعتبر بأن القاضي له الحق في المطالبة بتحسين ظروفه المهنية والإجتماعية لكن حسبه الحركة الإحتجاجية للقضاة أمر خطير للغاية يمكن أن يصل لقطاعات أخرى يمكنها أن تحذوا حذو القضاة .
ويضيف قائلاً " نحن اليوم أمام مشهد جد مشحون ومضطرب ، لذا اعتقد بأن مسألة الصلاحيات وتدخل السلطة والوصايات واستقلال جهاز العدالة ليس وقته الآن، ونحن على بعد شهر واحد من أجراء انتخابات رئاسية، فكل ما يجري لا يمكن أن نبعده عن المشهد السياسي".
ويعتبر المحلل السياسي بأن تحرك القضاة في هذا الوقت بالذات أمر خطيرجداً بإمكانه أن يؤثر على المشهد السياسي، ويقول: "القضاة هم جزء من المنظومة السابقة وفي العديد من المحطات، ومن حق القاضي أن يطلب بفصل السلطات وتحقيق مطالبه الاجتماعية لكن ليس بهذه الكيفية" مضيفاً: "نحن أمام انسداد وأمر خطير، وهذه الحركة الإحتجاجية من قبل القضاة ممنوعة قانوناً".
ويطرح "علي ربيج" حلولاً لإنهاء أزمة القضاة وذلك بفتح قنوات الحوار وقال: "على وزراة العدل أن تجمّد أو توقف أ وتؤجل تطبيق حركة القضاة وعلى كل الأطراف أن ينضموا لطاولة الحوار" لكن استوصي خيراً في وزارة العل ومجلس الأعلى والقضاة ونحن على أبواب الانتخابات أن يتوصلا لحول مستعجلة لكي لا تتأزم الأوضاع .
ويعتبر فاروق قسنطيني الرئيس السابق للجنة الاستشارية لحقوق الإنسان بالجزائر أن القضاة "وضعوا أنفسهم والبلاد في وضعية خطرة"، ويقول بأن إضرابهم غير شرعي وغير قانوني من شأنه المساس وتعكير الجو السياسي خصوصاً وأن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية مصيرية.
وإعترف فاروق قسنطيني في حيثه لصحيفة ليفانت بخطورة إضراب القضاة على مستقبل البلاد المقبلة على انتخابات رئاسية مصيرية وتأثير ذلك على العملية الانتخابية، بإعتبار أن للقضاة دوراً مهماً في مراقبة الانتخابات، وإن استمر إضرابهم سيحث خللاً كبيرا ويهدد موعد انتخابات الرئاسة، وهو ما يضع حسبه الجزائر في وضع خطر وغير مسبوق.
ولم يستبعد قسنطيني أن تلجأ وزارة العدل وبشكل قانوني إلى معاقبة القضاة المضربين وإقصائهم من المهنة في حالة استمرار مقاطعتهم للعمل ومواصلة الإضراب الذي وصفه بـ"الخطأ المشين " .
وقال قستطيني "إن كان من حق القضاة الدفاع عن حقوقهم والاستقلالية، لكن وفق ما يقتضيه القانون". مضيفاً: "القانون يمنع الإضراب على القضاة والتحريض عليه".
ويقول قسنطيني أن حل الأزمة الحالية التي تسبب فيها القضاة لا تكون إلا بالحوار بين الطرفين أي وزارة العدل ونقابة القضاة مع ضرورة تنازل كل طرف "ماام أت نصلحة البلاد تقتضي أن لا يكون في القضية لاغالب ولا مغلوب" على حد قوله .
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!