الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة

إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة
سامي خاطر

عاشت منطقة الشرق الأوسط محنة شديدة وحالة من الاضطراب بسبب نظام الشاه الملقب في حينها بشرطي المنطقة حيث كان أداةً بيد الغرب الإمبريالي، وكما هو الحال اليوم كانت المنطقة بحاجة إلى تغيير في إيران يلبي طموح الشعب الإيراني وينهي حالة الابتزاز والتهديد والاضطراب.

وقد حملت الثورة الوطنية الإيرانية التي أطاحت بدكتاتورية الشاه آمالا عريضة للشعب الإيراني والمنطقة إلا أن الغرب قد بدد الآمال بفرضه خميني وجنوده كبديل للشاه، وقد استبعد خميني جميع التيارات السياسية مستحوذا على السلطة بعد أن وعد الجميع بما فيهم الماركسيين بحق المشاركة السياسية لكنه غدر وأخلف الوعد وغدر بأقرب المقربين إليه، وبعد أن استتب الأمر سياسياً للنظام الإيراني الحالي القائم على نظرية ولاية الفقيه الذ يمنح أعلى سلطة في الدولة إلى رجل دين يُفترض أنه فقيهٌ عالمٌ عادل لكن الواقع غير ذلك تماماً حيث يتلحف الملالي الحاكمين في إيران برداء الدين كوسيلة من أجل البقاء في الحكم، ويعارض الغالبية العظمى من الإيرانيين من كافة الأوساط والفئات نظام الملالي وسياساتهم الشمولية والقمعية، وأصبح نظام الملالي أسوأ خلف لسلف سيئ وأثار الحروب ودعم الإرهاب ونشر الفوضى في المنطقة، وتمدد وتوسع بدول المنطقة مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان، وتدخل في شؤون دول منطقة الخليج ويسعى اليوم إلى تهديد أمن الأردن وزعزعة الاستقرار فيه كما فعل بباقي الدول، ويتدخل في شؤون الدول من خلال دعم الجماعات المسلحة ونشر الأيديولوجية المتطرفة بالإضافة إلى أن برنامج الملالي النووي يثير مخاوف العديد من الدول في المنطقة وخارجها.

ونظراً لعدم شرعيته يعتمد نظام ولاية الفقيه على القمع والإرهاب الإعدامات والتعسف لفرض سلطته على الشعب الإيراني ويمارس انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، مثل الاعتقالات التعسفية، والإعدامات السياسية، وحجب الحريات الأساسية، وعليه يُعدُّ إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وإنهاء حقبة قمعية ودكتاتورية استبدادية عاشتها الدولة الإيرانية وانتقلت منها إلى العالم الخارجي كنمطية حكم موالية كما هو الحال في بعض الدول العربية الموالية لملالي الظلام في إيران.

ومن ثم، فإن إسقاط هذا النظام الفاشي سيؤدي إلى:

  • تحسين حقوق الإنسان في إيران، وتعزيز الحريات الأساسية.
  • الحد من تدخلات إيران في شؤون الدول المجاورة، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
  • توسيع فرص التعاون بين إيران ودول المنطقة، وتعزيز السلام والتنمية فيها.

وهناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى أن إسقاط نظام ولاية الفقيه أصبح ممكناً، كما أن هناك معارضة داخلية متنامية ضد النظام، وضغوط دولية متزايدة عليه نتيجة لنهجه العدواني الاحتيالي.

مؤشرات إمكانية إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران

هناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى إمكانية إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران، منها:

المعارضة الداخلية المتنامية ضد النظام: هناك قطاعات واسعة ومتنوعة في المجتمع الإيراني تعارض النظام حتى من داخل المنتفعين منه وتطالب بتغييره، وقد ازدادت هذه المعارضة في السنوات الأخيرة خاصة بعد اندلاع الاحتجاجات الواسعة في عام 2019.

الضغوط الدولية المتزايدة على إيران: يتعرض النظام الإيراني لضغوط دولية متزايدة بسبب برنامجه النووي، ونشر ودعم الإرهاب والتدخل في شؤون الدول المجاورة، والإعدامات وانتهاكات لحقوق الإنسان، وقد أدت هذه الضغوط إلى تقويض موقف النظام وجعله أكثر ضعفاً.

التغيرات الإقليمية والدولية: شهدت المنطقة العربية والدولية تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة أدت إلى تراجع النفوذ الإيراني وقد ساهم ذلك في إضعاف النظام وجعل تغييره فرضية أكثر إلحاحاً.

وبشكل عام فإن إمكانية إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران مجرد مسألة وقت باتت في عداد العامل الزمني أي قاب قوسين أو أدنى، وتعتمد على مجموعة من العوامل المحلية والإقليمية والدولية، ومع ذلك فإن المؤشرات الحالية تشير إلى أن إمكانية حدوث ذلك قد أصبحت أكبر من أي وقت مضى.

بعض التفاصيل حول هذه المؤشرات: المقاومة الداخلية المتنامية ضد النظام

تتكون المعارضة الداخلية ضد نظام ولاية الفقيه من مجموعة متنوعة من القوى الشعبية والاجتماعية من كافة الشرائح والفئات، وأهم القوى المؤثرة في هذا الوسط هي وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق وما لعبته من دور كبير بدأ بكسر عنصر الخوف من المواجهة لدى الشباب وباقي الفئات بسبب آلة البطش الحكومية وتمارس هذه الوحدات اليوم نشاطات تؤرق النظام وقواه القمعية، وقد ازدادت هذه المعارضة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد اندلاع الاحتجاجات الواسعة في 2019 و2022 و2023، وقد كانت هذه الاحتجاجات الأكبر والأشرس في إيران منذ ثورة عام 1979 وشارك فيها الملايين من الإيرانيين من مختلف الطبقات الاجتماعية، وطالب المشاركون في الاحتجاجات بإسقاط النظام، ورغم أن النظام تمكن من قمع هذه الاحتجاجات إلا أنها كانت بمثابة علامة بارزة على قوة المقاومة الإيرانية المعارضة الرافضة للنظام، وقد أظهرت هذه الاحتجاجات أن النظام فقد شرعيته الشعبية، وأن قطاعات واسعة في المجتمع الإيراني ترفض حكم النظام.

الضغوط الدولية المتزايدة على إيران

يتعرض ملالي إيران لضغوط دولية متزايدة بسبب برنامجهم النووي والتسليحي وتدخلاتهم في شؤون الدول المجاورة وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، وقد أدّت هذه الضغوط إلى تقويض موقف نظام الملالي وجعله أكثر ضعفاً، وشملت هذه الضغوط فرض عقوبات اقتصادية على ملالي إيران وعزلهم سياسياً، ومساعٍ إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وأدّت هذه الضغوط إلى معاناة الاقتصاد الإيراني وزيادة حدة الاستياء الشعبي من النظام.

التغيرات الإقليمية والدولية

شهدت بالإضافة إلى التحولات الكبيرة في السنوات الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية والدولية وهو ما أدى إلى تراجع النفوذ الإيراني هناك تراجع أيضاً لأهمية إيران في المنطقة بسبب نهج نظام الملالي المتطرف خاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، كما أن تغيرات النظام الدولي وتراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة قد أضعفا موقف إيران وقد ساهم ذلك بدوره في إضعاف النظام وجعله أكثر عرضة للتغيير.

وبالإضافة إلى هذه المؤشرات، هناك أيضاً بعض العوامل التي قد تسهم في إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران، مثل:

  • الاستمرار في الضغوط الدولية على النظام الإيراني وتعزيز عزلته.
  • استمرار الاحتجاجات الداخلية ضد النظام، وزيادة الدعم الشعبي للمعارضة.
  • حدوث أزمة داخلية كبيرة في إيران مثل الأزمة الاقتصادية الحادة، والصراعات الذئاب داخل النظام.

ونظراً لهذه العوامل فإنه في ظل ما يتعرض له الشعب الإيراني من قمع واضطهاد وقتل ورعب وفقر وغلاء وسوء معيشة بات من المُلح جدا إسقاط نظام ولاية الفقيه في إيران إقامة دولة ديمقراطية غير نووية تؤمن بالمساواة وتلبي حقوق الجميع تحت مظلة المواطنة، وسوف يكون لذلك آثار إيجابية على المنطقة وسيؤدي ذلك إلى تحقيق السلام والهدوء في المنطقة.

العوامل التي قد تساهم في إسقاط نظام ولاية الفقيه:

  • استمرار الاحتجاجات الشعبية في إيران.
  • تراجع الدعم الشعبي للنظام.
  • الوقوف إلى جانب المقاومة الإيرانية ومحورها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بوصفها البديل الديمقراطي الأوحد لنظام الملالي.
  • ضعف الاقتصاد الإيراني، وارتفاع معدل التضخم وتوحش الغلاء.
  • زيادة الضغط الدولي على نظام الملالي.
  • دور المجتمع الدولي في ترويض نظام الملالي

يلعب المجتمع الدولي دوراً مهماً في ترويض النظام الإيراني، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات منها:

العقوبات الاقتصادية: فرض المجتمع الدولي عقوبات اقتصادية على النظام الإيراني منذ سنوات، بهدف ترويضه تحت شعار الضغط عليه للتراجع عن سياساته الإقليمية العدوانية وتقييد قدراته النووية، وقد نجحت هذه العقوبات في تحقيق بعض النجاحات التي أدت إلى إضعاف الاقتصاد الإيراني وخنق الشعب من جهة، ودفع النظام إلى التراجع عن بعض خطواته من جهة أخرى.

الضغوط الدبلوماسية: يمارس المجتمع الدولي ضغوطًا دبلوماسية على النظام الإيراني، من خلال مجموعة من الإجراءات، منها:

  • الرفض الدولي لبرنامج إيران النووي، ومطالبة النظام الإيراني بوقفه.
  • الضغط على النظام الإيراني لوقف دعمه للإرهاب دعمه لفصائل لبنانية وفلسطينية.
  • دعم الحركات الديمقراطية في الدول العربية بهدف الحد من نفوذ النظام الإيراني في المنطقة.

التعاون الأمني: يتعاون المجتمع الدولي مع بعض الدول العربية بهدف تعزيز أمنها واستقرارها ومواجهة تهديدات النظام الإيراني، وقد أدى هذا التعاون إلى تحقيق بعض النجاحات حيث تمكنت القوات العراقية من طرد تنظيم داعش من مناطق واسعة في العراق، وتمكنت القوات الإماراتية من إحباط العديد من هجمات النظام الإيراني على أراضيها.

وعلى الرغم من هذه المساعي إلا أن دور المجتمع الدولي في ترويض النظام الإيراني لا يزال محدوداً، وذلك لعدة أسباب منها:

الانقسامات في المجتمع الدولي: لا يوجد إجماع بين الدول الغربية حول كيفية التعامل مع النظام الإيراني حيث تعارض بعض الدول مثل روسيا والصين؛ فرض العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني.

النفوذ الإيراني في المنطقة: يتمتع النظام الإيراني بنفوذ كبير في بعض الدول العربية، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين، مما يصعب على المجتمع الدولي ممارسة الضغط عليه. وهنا يكون دعم المقاومة الإيرانية وانتفاضة الشعب الإيراني هو الحل الشرعي الأمثل.

تعنت نظام الملالي: يرفض نظام الملالي التراجع عن سياساته الإقليمية والعالمية ونهجه السياسي الداخلي.

وإذا صدق المجتمع الدولي في توجهاته بخصوص نظام الملالي والكف عن سياسة الكيل بمكيالين ونهج المهادنة والاسترضاء فإن ذلك سيساهم في تحقيق مطالب الشعب الإيراني وسيدفع نحو التغيير من خلال إسقاط النظام الإيراني وقيام دولة ديمقراطية تتعاون على بناء الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

من المهم أن تدرك القوى الإقليمية والعالمية أن التصدي لنظام الملالي يخدم مصالحها إذ سيؤدي إلى استقرار المنطقة وتعزيز الأمن والسلام في الشرق الأوسط والعالم.

وشاء من شاء وأبى من أبى التغيير في إيران قادم وإن طال أجله.. ومن أطاح بالشاه سيُطيح بالملالي.. وإن غداً لناظره قريب.

ليفانت - د. سامي خاطر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!