-
أمريكا والشرق الأوسط.. وتغيير المصالح الاستراتيجية
الخطوة التي أقدمت عليها إيران مؤخراً باحتجاز ناقلتي نفط ترفعان العلم اليوناني في مياه الخليج، لا شك أنها لم تكن المرة الأولى التي تقدم فيها "إيران على هذه الممارسات التي تشكل استمرار النظام الإيراني في انتهاكها للقانون الدولي وحرية الملاحة والأمن البحري.
دأبت إيران الإقدام على مثل هذه الممارسات منذ إلغاء الاتفاق النووي، ولا شك لن تكون الأخيرة طالما أنه لا يوجد بوادر تحرك لإعادة صياغة رؤية سياسية دولية أكثر توافقاً للتعامل مع مثل هذه الاستفزازات الإيرانية وسياسة "البلطجة" التي تمارسها إيران، والتي تستهدف زعزعة الأمن البحري، لكن يظل الموقف الأمريكي هو الأكثر إثارة للجدل، حيث تدور حوله الكثير من الإشارات التي تعكس، لا شك، وجود بوادر تغيير جذري في أولوية المصالح الأمريكية في مياه الخليج.
لعل المتابع لطريقة تعامل السياسة الأمريكية مع الاستفزازات الإيرانية التي تستهدف زعزعة استقرار الأمن البحري وعرقلة حرية الملاحة سوف يلاحظ أن السياسة الأمريكية تمر بمرحلة تغيير جذري، حيث لم تعد الاستراتيجية الأمريكية أكثر صلابة كما كانت منذ الانسحاب البريطاني من منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت الولايات المتحدة تبدي آنذاك اهتماماً قوياً لمسألة ضبط استقرار الأمن البحري وحرية الملاحة، وما ينطوي على ذلك من أبعاد استراتيجية تشمل مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، والحفاظ على تسهيل تصدير النفط، ومكافحة القرصنة والتي تصعد إيران من ممارستها بحق ناقلات النفط.
منذ عهد الرئيس باراك أوباما بدأت تتجه الاستراتيجية الأمريكية نحو تقليص دائرة اهتماماتها بمنطقة الشرق الأوسط، ربما كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب أكثر اختلافاً، لكن هذا الاختلاف لم يستمر طويلاً مع مجيء إدارة الرئيس جو بايدن الذي بدا واضحاً أنه يحمل نفس الاهتمامات والأولويات التي كانت تحملها إدارة الرئيس باراك أوباما، ولذلك فقد أصبحت الأولوية للاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط قائمة على أدوات السياسة البراغماتية والتي تتجنب الصدام مع إيران لتحقيق تقدم في الملف النووي، وبالتالي فهذه الاستراتيجية الأمريكية المتلهفة لتحقيق إنجاز سياسي فيما يتعلق بالملف النووي، أعطت إيران مساحة للمناورة وممارسة أعمالها الإرهابية لزعزعة استقرار الأمن البحري، وقلّصت من حجم ثقة دول الشرق الأوسط بالسياسة الأمريكية، ما جعل أمريكا تقف على هامش النظام الدولي الجديد.
يشهد العالم حالة متصاعدة من التنافس في ظل المتغيرات التي يشهدها النظام الدولي الذي يتجه للتفكك من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب في ظل بروز لاعبين جدد في الساحة السياسية والاقتصادية الدولية، مثال الاتحاد الروسي والصين، وكما أنه ما تزال منطقة الشرق الأوسط تحتفظ بمكانتها السياسية والاقتصادية والعسكرية كساحة للتنافس العالمي، وبلا شك فإن الاستراتيجية الأمريكية التي أظهرت مهادنة لإيران وانعكست آثارها على تقييد التحرك الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وجعلت الحسابات السياسية الأمريكية مقيدة بعدم التصادم مع إيران، حيث جعلت مركز اهتمام السياسة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط قائم على تحقيق إنجاز سياسي فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
ليفانت – خالد الزعتر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!