الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
أردوغان وعقدة الانتقام من الكرد كيفما كان
علي ميراني

د. علي ميراني

برفسور مساعد/ استاذ التاريخ الحديث والمعاصر.

شنّت الدولة التركية في التاسع من شهر تشرين الأول الحالي – كما كان متوقعاً - حربها المزعومة ضد الكرد بإعلان من الرئيس رجب طيب أردوغان، والذي نشر على حسابه في تويتر نصّ إعلان الحرب بقوله: "القوات المسلّحة التركية بالتعاون مع الجيش الوطني السوري، تطلق عملية نبع السلام في شمالي سوريا لتطهير المنطقة من منظمتي بي كي كي و اي بي جي وداعش الإرهابيتين. هدفنا القضاء على الممرّ الإرهابي المراد تشكيله على حدودنا الجنوبية لإحلال السلام والأمان في المنطقة".


لقد دأبت تركيا تحت زعامة أردوغان (المأخوذ حتى الثمالة بسيرة سلاطين الدولة العثمانية البؤساء) على التذرّع بمحاربة قوات سوريا الديمقراطية، والتي بحسب رأيها باتت تشكّل خطراً محدقاً على حدودها الجنوبية، لمسافةٍ تقدّر بـ( 450 كم)، ولتأكيد إعلان الحرب على الكرد لم تدّخر الطائرات التركية والقصف المدفعي جهداً لإصابة المدن الكردية الحدودية، بل إنّ القرى الحدودية لم تسلم هي الأخرى من القصف الهمجي، بدءاً من قرية عين ديوار على نهر دجلة شرقاً، وحتى كوباني في أقصى غرب منطقة شرق الفرات، مروراً بمدن كردية عدة منها: ديريك، قامشلو، درباسيه، سري كانيه، كرى سبي، وكوباني)، وكانت من نتائجها السيئة ارتقاء عدد من الأهالي ومقاتلي قسد، وتدمير العديد من البيوت، فضلاً عن عمليات النزوح التي طالت العديد من المدن بسبب شدّة القصف الكارثي..


لماذا هذا التوقيت الحربي التركي تحديداً؟


1- أراد أردوغان الاستعجال بتنفيذ تهديداته، درءاً لحدوث أي تغيير جذري في رأي الرئيس ترمب، والمعروف عنه سرعة تبديل آرائه، أكثر من عارضةٍ اعتادت تغيير فساتينها بين العرض والآخر.

2- رغبة أردوغان المبطّنة في الخروج من أزمة حزبه الحالية، لاسيما أن تفويضاً شعبياً قد منح له عبر البرلمان التركي الحالي.

3- النكوص الذي تشهده الأحزاب الكردية في غرب كردستان، من جهة الاختلاف حتى حول أساسيات الحركة التحررية الكردية، الأمر الذي وفّر لأردوغان الفرصة لإيجاد موطئ قدم له.

4- إدراك أردوغان أن المعارضة المسلحة السورية الملتزمة بأوامره، يسرّها أن تكون جزءاً من عمليات النهب والسلب في المناطق الكردية، مع العلم أنه سيستخدمها كدروع بشرية لحماية قواته البرية فحسب.

هل يصدق أردغان في مزاعمه بخصوص العمليات العسكرية لجيشه في شمال سوريا؟


هناك دلائل كافية تفند مزاعم أردوغان ومنها:


1- إن كان هدف أردوغان صحيحاً في إرجاع المهاجرين السوريين إلى مناطقهم، لِمَ لمْ يفعل ذلك منذ عام 2016، بعد احتلاله للجرابلس وحتى الباب في حلب؟

2- تشير تصريحات أردوغان الواضحة والمتعدّدة أنه ضدّ أي وجود كردي فاعل في المنطقة، واتهام الكرد بأنهم بصدد تشكيل دولة مستقلة في شمال سوريا، وهذا ينفي مزاعمه بشنّ الحرب على فصيل بعينه.

3- لمَ لمْ نسمع صراخ تركيا حول تهديد أمنها، عندما كانت داعش هي جارة تركيا الجنوبية لمدّة من الزمن في الرقة وغيرها؟

4- متى كان الهجوم على الأوطان (نبعاً للسلام) كما سمى أردوغان عملياته العسكرية، والمدنيون هم أول من يقعون ضحايا لهكذا عمليات عسكرية مدمّرة؟


ما الذي يجب فعله للتخفيف من غلواء أردوغان وقواته:


1- الضغط على تركيا من قبل القوى الكبرى لإنهاء قصفها الكارثي ضد العزل.

2- وجوب دخول الأمم المتحدة على الخط، على الأقل لأداء واجبها الإنساني تجاه الأهالي الذين وجدوا أنفسهم في العراء فجأة.

3- ضرورة تضافر جهود الدول العربية ( مصر، الإمارات، والسعودية) لمدّ يد المساعدة لأبناء المنطقة.

4- إفهام التحالف الدولي والعالم الحر أن أردوغان بعملياته المدمّرة هذه إنما يرسل طوق النجاة لإحياء تنظيم داعش الإرهابي، والذي سيكون أول المستفيدين من توقيتها المأساوي.

يبدو أن الرئيس التركي مستعجل لحلول عام 2023، ليعلن للعالم أن الميثاق الملي التركي باق، وأن مدناً وحواضر جارة لتركيا قد عادت مجدداً اليها بعد قرن من العزلة والحرمان، بجهود رئيس يرى نفسه سلطاناً فاتحاً مؤيداً من قبل تنظيم الأخوان المسلمين العالمي، أكثر مما هو رئيس له مهام تشريفية وتكليفية لإدارة دولة موبوءة بالكثير من المشكلات والإخفاقات.


 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!