-
آبي.. أنت لست معنا "Medemer"
أعدها في كتابه، دون أن يعي مداها البعيد، هذه الرؤية هي مضمون كتاب "آبي أحمد" الذي يحمل اسم"Medemer" ونشره عند الإعلان عن حزبه الجديد، وهو مصطلح باللغة الأمهرية معناه "معاً"، دونما حريات ابتلعها بجائزة بكى يومها السلام البشري على ضياع حقوقه ومبادئه التي رماها العالم البائس بجائزة "نوبل"، أثبت "آبي أحمد" فشلها كمنظمة عالمية، في إدارة الحياة الأثيوبية التي شحنها "آبي أحمد" وأمثاله على أسس عرقية في 10 ولايات إقليمية، بأفكار جشعة التي لا ترى في أفعالها إلا هلاكاً محتوماً، وكأنه في ذلك مُقلداً "رامز جلال" في برامجه الذي يشاهده العالم دون قراءة رسائلها القاتلة للخير وصراعه مع الشر الذي نحياه في صراع منظومة أثيوبية لا تهتم بأرواح 115 مليون نسمة من شعبها الأصيل، وإرث النجاشي ورفاقه ممن راعوا الله في بلدانهم قبل الإسلام، لنجد حتى عُلماء الدين مُسيسين دونما تفكير برب العالمين، متطاولين على أزهر الكنانة وخير أجناد الأرض، وهم يرون بأعينهم ارتكاب عمليات قتل جماعي وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وإذا تتبعت أيها القارئ متمعناً في تحركات وأفاعيل آبي أحمد تجدها مثل ذخيرة للخطاب السياسي الموجه بلا تفكير، فمثلاً، تسرع كثيراً عام 2018 عندما دعا مجموعات مثل "جبهة تحرير أورومو" للعودة من المنفى دون الموافقة أولاً على شروط عودتهم، وخاصة المسلحين منهم، لتنهار معه البلاد في مفاوضات نزع سلاح الجبهة والاندماج في قوات الأمن بسبب عدم الثقة في مواقف "آبي أحمد"، وخذلانه لأكثر من 40 مليون أورمو، قبيلتهِ من ناحية اللغة أو من ناحية حزب الرخاء، وتعيينه "بيرتوكان ميديكسا" رئيساً لهيئة الانتخابات و"دانييل بيكيلي" الذي كان سابقاً رئيس قسم أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، لقيادة إصلاح اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان، وكلاهما تعرض للسجن في أعقاب الانتخابات البرلمانية الزائفة عام 2005، لترى اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان المرتبطة بالدولة صريحة في انتقادها للانتهاكات التي تجري في أوروميا، ليصرخ سكان غرب أوروميا لخدمة عفان أورومو: "نُقتل بسيف ذي حدين"، على يد جيش تحرير أورومو المتمرد وقوات الأمن الحكومية.. إضافة إلى تلك الفظائع التي تُرتكب في إقليم تيغراي الذي كان سبباً في وصول "آبي أحمد" للسلطة منقلباً عليهم بتهجيرهم وإدخال الجيش وطردهم خارج الحدود، دون أن يعي قوتهم، فهم اليوم قد طردوا جيشه وأعطوه درساً وقد يكونوا سبباً في اغتياله أو شنقه، كما حدث لانتهازيين كُثُر.
إن الأزمة العرقية بلغت حدّها الأقصى لدرجة أنّ الناس تموت وهي تقول لبعضها: "أنت لست معنا"، فقط وببساطة بنى "آبي أحمد" حزب الرخاء لفرض "حكم استبدادي"، نزع الثقة حتى مع ساسة قبيلته الأورومو الذين يفضلون نظاماً فدراليا أكثر لامركزية، لينقلب عليهم مثلما فعل مع وزير الدفاع السابق "ليما ميغيرسا".. فتقول رئيسة المؤتمر الفيدرالي الأورومي المعارض، ميريرا جودينا: "نظر كثير من الناس إلى آبي أحمد وكأنه مسيح جديد"، وبالطبع أدار آبي ظهره للوعود التي قطعها لشباب أوروميا وأنه بات أسير مشاعر التعاطف العرقي مع الأمهرة، وقد أدرك أنهم يُسيطرون على الثقافية والإعلام والثروة لذا لابد من مصاهرة للأيديولوجية الأمهرية، ليكون ذلك حساب جيل "كيو بي" من أبناء تلك القبيلة، والآن قد بات مصير آبي على المحك في ظل عدم مشاركة المعارضة للانتخابات وإلغائها في إقليم تيغراي الذي حقق مؤخراً متمرديه مكاسب ميدانية جديدة بعد استعادتهم مدينة ميكيلي، عاصمة الإقليم، ودخولهم بلدة شاير، على بعد حوالي 140 كم شمال غربي إثيوبيا، وطردهم القوات الحكومية واستعادوا العاصمة، التي ضجت بالفرحة والابتهاج، وخرج المواطنون إلى شوارعها يوم الثلاثاء للاحتفال بالانتصار بعد هجوم سريع، في حين تخلت القوات الإريترية عن دعم قوات "آبي"، ليُعلن هو وقف إطلاق نار بعد سقوط عاصمة تيغراي وفرار الحكومة التابعة له، لُتُعلن القوة الضارية للتيغراي: "علينا التأكد من أن العدو ليس لديه القدرة على تهديد أمن شعبنا بعد الآن، وإننا عازمون على طرد كل ما يسمى "بغزو الأعداء".
فماذا فعلت سياساته ونعراته السياسية الجوفاء؟ وقد بدت خيارات رئيس الوزراء آبي أحمد، قليلة، أمام مجتمعه والعالم، وقد أراني أراه هارباً أو في مقصلة العدالة مشنوقاً أو مغتالاً بنيران المقهورين والمشردين فالصدام آت لا محالة مع عدم وجود فرص كثيرة ليغير "آبي" مواقفه الداخلية أو الخارجية، خاصة مع مصر "الصدام جاي جاي".. ولكن هل سيكون حاداً أم من نوع آخر إذا استمرت إثيوبيا في اتخاذ قرارات استفزازية أُحادية؟.
فأي بلد ينعم بالسلام ويعيش في ظل حكم جيد يحقق تنمية اقتصادية ملموسة، ولكن ليس على تلك الشاكلة الهوجاء، في بلد يهرب شبابها من اقتتالها واستبدادية فرد فيها ليموتون خارج حدودهم على اليمن وعلى جنوب أفريقيا وعلى أوروبا وعلى الطريق، يُقابلهم أكثر من خمسة ملايين شخص بحاجة ماسة للمعونات الغذائية، و350 ألف شخص يواجهون خطر المجاعة.. فهل ذكر كتابه "معاً" حلولاً للمشاكل أو تنبأ بما ستؤول إليه إثيوبيا؟.
ليفانت - إبراهيم جلال فضلون ليفانت
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!