الوضع المظلم
الجمعة ٠٤ / أكتوبر / ٢٠٢٤
Logo
(94) ملك يحلم وحفيد يُحقق 
إبراهيم جلال فضلون (1)

أُحُبك يا بلادي.. نسمع صداها في كل مكان، وفي أبيات الشاعر محمود سامي البارودي "حنينًا وشوقاً"، لنا فيها إرثاً هائلاً نتذكرهُ في عامنا الرابع والتسعون من تاريخ الأمجاد السعودية قائلاً:

 

  •                سمعتُ صوتك منساباً إلى أُذني          حتى أهاج بصدري كامن الشجن
  •                حفظت حبك رغم البعد يا أملى       وصنت ذكرك في سرى وفى علني

     

أُمة بطل.. أنصفته كلمات الحق والقوى التأريخية، فنجد أقدم من دوّن تاريخ الدولة السعودية بتوسع هو بوركهارت، فنص في إشاراته العامة لابن سعود وأنه «عائلة ابن سعود، المؤسس السياسي للدولة السعودية الأولى»، بل ونجد لفظ السعوديين في كتابات دومنجو باديا الإسباني عام 1221هـ -1807م، وبإنصافٍ كتب خير الدين الزركلي عنهم بقليل فقد كتب في مؤلفه، يقول: "الكرم من سجايا العرب المحمودة قديماً وحديثاً، والملك عبدالعزيز اشتهر بالجود في عهدي: ضيق ذات اليد، وإقبال دنيا النفط على خزائنه. كان يعطي ويتلذذ بالعطاء، وأخباره في هذا كثيرة. أنشأ الدولة، ودوّخ أعداءه ومنافسيه، وأدخل في بلاده أنواع الإصلاح، واشتهر بما انفرد به من الكرم. وذلك كله قبل أن يدر النفط فيضه، وقبل أن يكون له ولمملكته من الثروة ما ينهض به وبأعماله. ولما تدفق النفط أكمل ما بدأ".. ووصفه المؤرخ الصيني البروفيسور يانغ يان هونغ الذي قال عنه : " لقد كان الملك عبدالعزيز أحد العباقرة الذين قدموا لأممهم وأوطانهم خدمات جليلة بجهودهم الجبارة التي لا تعرف الكلل أو الملل، وأثروا في تطور المجتمعات البشرية وتقدمها نحو الغاية المنشودة، وسجلوا مآثر عظيمة في السجل التاريخي المفعم بالأمجاد الخالدة".


السعوديون: هناك كتابات وتدوينات أرّخت حياة «السعوديين» كانتماء لدولة واحدة، مُتسعاً في النطاقين المحلي والإقليمي حتى وجدنا بعض الكتابات تسمي «الطائفة السعوديين» أو «السعوديون» وهنا نجد الدولة السعودية الأولى، وقبل أن يتممها الملك عبد العزيز بمُسماها المحبب حالياً لقلوبنا وللأبد «المملكة العربية السعودية» عام 1351هـ - 1932م. فشهد محمود أبو الفتح بقلمه: "ليس ابن سعود من أعظم رجال القرن العشرين فحسب، بل هو من أعظم رجال التاريخ كله"، ورأه الأديب والمفكر والشاعر المصري عباس محمود العقاد قائلاً عن الملك عبد العزيز كبطل للأمة يمتلك قدرة على البناء والتحديث على أسس عصرية: "ابن سعود، من أولئك الزعماء الذين يراهُم المتفرسون المُتوسمون فلا يحارون في أسباب زعامتهم ولا يجدون أنفسهم مضطرين أن يسألوا لماذا كان هؤلاء زعماء، لأن الإيمان باستحقاق هؤلاء لمنزلة الزعامة في أقوامهم أسهل كثيراً من الشك في ذلك الاستحقاق"، ومن العقاد لشهادة الكاتب والأديب العربي أمين الريحاني يقول: "لقد قابلت أمراء العرب كلهم، فما وجدت فيهم أكبر من هذا الرجل، إن الرجل فيه أكبر من السلطان، ومهما قيل في ابن سعود فهو رجل قبل كل شيء، رجل كبير القلب والنفس والوجدان، عربي تجسمت فيه فضائل العرب إلى حد يندر في غير الملوك الذين زينتْ آثارهم شعرنا وتاريخنا، رجل صافي الذهن والوجدان، خلو من الادعاء والتصلف، خلو من التظاهر الكاذب". 


امبراطورية سعود: وصف الدكتور فون دايزل النمساوي الذي زار المملكة عام 1926م الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بالنابغة، مستشهدًا بالقول: إذا عرفتم أن ابن سعود نجح في تأليف امبراطورية تفوق مساحتها مجموع مساحات ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، معًا بعد أن كان زعيمًا لا يقود في بادئ الأمر سوى عدد من الرجال تمكن بمساعدتهم من استرداد الرياض عاصمة أجداده، لم يداخلكم الشك في أن هذا الرجل الذي يعمل هذا يحق له أن يسمى "نابغة". بالفعل هو كذلك فبعد أن مضى 72 عامًا هجريًا على وفاة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود –رحمه الله– ومازالت ذاكرة الوطن تختزل تفاصيل شخصية هذا القائد الملهم جيلاً بعد جيل، جاعلاً من الرياض امتدادًا تاريخيًا لمسيرة الآباء والأجداد، مواجهًا تحديات الحياة بالجزيرة العربية التي كانت ترزح قبل أكثر من تسعة عقود تحت وطأة التناحر، والخوف، والهلع، والشتات وشظف العيش، لتبدأ المملكة العربية السعودية دولة متأصلة تتمتع بالأمن والاطمئنان والخيرات الوفيرة، ويقف لها العالم احترامًا وتقديرًا.


أُمة عبدالعزيز: ومضى على ذلك النهج من بعده أنجاله الملوك البررة، متأثراً عبدالعزيز كثيرًا بشخصيّة والده الإمام عبدالرحمن الفيصل ووالدته الأميرة سارة السديري التي كانت من أكمل النساء عقلاً وتدبيرًا – رحمهم الله –، وكان محبًا لإخوته (خالد، فيصل، فهد، محمد، نورة)، لكن علاقته بالأميرة نورة – رحمها الله - كانت أكثر حميمية، واحتلت مكانة كبيرة في نفسه – رحمهما الله -، حتى أنه ينتخي بها بالقول: "أنا أخو نورة أنا أخو الأنوار"، ويحرص على زيارتها يوميًا في منزلها.. ولتُبهر شخصية الملك عبدالعزيز الكثير من المفكرين والمؤرخين في العالم، كما أبهرهم بن ملم الإنسانية والحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وعراب الرؤية المجيدة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد – حفظهما الله- تلك الرؤية التي أوقفت قلوب الأعادي وأرعدت معتقداتهم وجيوشهم، حاصدة في كافة المناشط والمجالات أولى المؤشرات والتصنيفات العالمية، حتى صارت الان كبرى دول العالم ومحط أنظارها في جذب كبار الشركات العالمية والمستثمرين ممن يتكالبون على مناطقها واجدين الخير بعد إصلاحات جمة قامت بها الحكومة الرشيدة، ليكون ولي العهد مواطناً جمع بين الأجداد والأباء والعصرنة الحاضرة للأجيال الصناعية والفكرية التي ستولد مخلدين ذكراه وذكرى وطن عاش ليحلم ويُحقق.


ملك وحفيد.. ذكرتني السياسات الحكيمة للمملكة الآن بما رسخه المؤسس لدعائم الدولة، وعدم الالتفات لأعداء النجاح متابعاً حفيده مسيرته لصلاح بلاده، فقد ذكر الزركلي بعض ممن عارضوه على الاحتفال بمرور خمسين عاماً على فتح الرياض 21 يوليو 1950، ليكون لمواقفه أثر وتوفيق، وهداية للمسترشدين. (كتاب الوجيز الصفحات: 197 - 198 - 199).. وها هو ذا محمد بن سلمان شهد له العالم بإنجازات جعلت المملكة في مقدمة المؤشرات الدولية، وصاحب أكبر ألقاب وأوسمة وتكريمات، منذ اختياره بمجلة "فوربس" 2017م، ومنحته - بصفته رئيسًا لمجلس إدارة مركز الملك سلمان للشباب - جائزة شخصية العام القيادية لدعم رواد الأعمال لعام 2013،  وجاء ضمن قائمة "رائد التغيير العالمي"، ومن بين خمسين شخصية مُؤثرة في العالم، بحسب القائمة السنوية التي تصدرها مجلة بلومبيرغ، وكذلك مجلة السياسة الخارجية الأميركية فورين بوليسي، لأهم مائة مفكِّر في العالم لعام 2015، ومنحته مجلة تايم الأمريكية، لقب "شخصية عام 2017"، وحلّ في المركز الثامن عالميًا والأول عربيًا، ضمن قائمة مجلة فوربس الأمريكية، لأقوى 75 شخصية عالمية لعام 2018. وفي 3 مارس 2021، منحته جامعة الدول العربية، شهادة تقدير درع العمل العربي التنموي، وغيرها من الدول العربية الشقيقة التي يعمل ولي العهد لجعلها (أوربا الجديدة)، ليخلق حقائق "جيوسياسية و"جيو استراتيجية" عميقة تمهد لكثير من الاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي، وتأسيس نماذج تنموية وسلمية، رأيناها في الردع السعودي للإرهاب والفاسدين، ومد يد السلام لإيران التي أرهبت مليشياتها المنطقة في دولنا العربية وأبار النفط.. وكذلك شفافيتها في القضية الفلسطينية وعملية التطبيع التي يدعيها البعض، فالمملكة دولة ذات مكانة وريادة لا تتاجر بقضايا العرب وحقوقهم.. حفظها الله تحلم وتُحقق!

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون  

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!