الوضع المظلم
السبت ٢٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • من سليماني إلى فخري.. نحيب الاغتيالات الحاسمة يتعالى بإيران

من سليماني إلى فخري.. نحيب الاغتيالات الحاسمة يتعالى بإيران
من سليماني إلى فخري


كانت بداية العام غير مبشرة بالنسبة لإيران، عندما بدأته الإدارة الأمريكية باغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، في الثالث من يناير، نتيجة ضربة جوية بطائرة مسيّرة استهدفت منطقة قريبة من مطار بغداد، برفقة قادة مليشيات الحشد الشعبي، وعلى رأسهم أبو مهدي المهندس، نائب القائد العام للمليشيا العراقية التابعة لإيران.


ولليوم، يتحدّث رجالات ولاية الفقيه، عن الانتقام لمقتل سليماني، الذي نفذت لأجله إيران عملية قصف يمكن وصفها بالخلبية، إذ كانت جعجعة بلا طحين، ولم ترقَ لمستوى العنجهية العسكرية الإيرانية، التي لطالما تتباهى بصواريخها وقدراتها على تدمير قواعد الأعداء خلال أيام وربما ساعات. 


ولم يكد لطهران أن تثأر لقتل عامود تمددها الخارجي والمتملك الرئيس للمليشيات المسلحة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، حتى اختتم العام، وربما يشهد مزيداً، باغتيال آخر قد لا يقل شئناً عن الأول، عندما طال هذه المرة واحداً من رجال البرنامج النووي الإيراني.



إيران لا تتوانى عن الاستفزاز


فإيران، ومع قرب الانتخابات الأمريكية، بدأت ترى نهاية النفق في منظورها، وعليه باشرت برفع مستوى التحدّي للغرب وواشنطن والإدارة الدولية من خلفهما، عبر التأكيد على مواصلة مشاريعها النووية، وهو ما أشارت إليه الوكالة الدوليّة للطاقة الذرية، في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي، عندما أكدت أنّ إيران بدأت ببناء منشأة لتجميع أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض بالقرب من موقع المنشأة السابقة في نطنز التي وقع فيها انفجار، في يوليو الماضي، وقال حينها الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، في حديث لوكالة “أسوشيتد برس”: “قد بدؤوا، لكن الأعمال لم تنجز، وهذه عملية طويلة”، مشيراً كذلك إلى أنّ إيران تواصل زيادة حجم اليورانيوم المخصّب الموجود لديها، دون أن يكفي لصناعة سلاح نووي.


اقرأ أيضاً: إيران تشّمت بهزيمة ترامب.. مُتنفسةً الصُعداء بقدوم بايدن


فيما صدّق البرلمان الإيراني، في الثاني من نوفمبر الجاري، على مشروع قانون يلزم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بتخصيب اليورانيوم بمستوى 20% وبكمية 120 كغ سنوياً، في محطة فوردو النووية، تحت اسم “قانون الإجراءات الاستراتيجية لإلغاء العقوبات الأمريكية”، بهدف إجبار الولايات المتحدة على إلغاء العقوبات على إيران، وقد حصل على غالبية الأصوات في البرلمان، 196 صوتاً لموافقين، و6 أصوات لمعارضين، و4 امتنعوا عن التصويت.


بينما زعم الناطق باسم الخارجية الإيرانية، خطيب زادة، في التاسع من نوفمبر، أنّه “لا يمكن التفاوض من جديد حول الاتفاق النووي، وهذا الموقف لا يتغير بتغير الأفراد في واشنطن”، مدعياً أنّ “الاتفاق النووي متعلق بالماضي، ولا يمكن إعادة فتحه والتفاوض عليه من قبل أياً كان”، وأنّ “الاتفاق النووي ملف مغلق، والحديث عن إعادة فتحه والتفاوض حوله أمر ساذج”.


كما لم ينسَ زادة إلقاء اللوم على واشنطن في الأضرار التي لحقت ببلادها نتيجة العقوبات فقال: “أمريكا انتهكت القرار 2231، وانسحبت من الاتفاق النووي، وهي مسؤولة عن الخسائر التي لحقت بإيران، وعليها أن تتحمل مسؤولية انتهاكها القانون الدولي وسلوكها ضد إيران”، و”سنتخذ قراراتنا بعد تسلم الحكومة الجديدة في واشنطن لمسؤولياتها”.


الطاقة الذرية تشتكي من إيران


ولأنّ إيران اعتبرت هزيمة ترامب انتصاراً ضمنياً لها، تلاحقت خطوات التصعيد على اعتبار أنّ الرئيس الأمريكي المهزوم لن يكون قادراً ربما على إلحاق أضرار أكثر بها، فكشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الحادي عشر من نوفمبر، عن أنّ طهران تواصل خرق الاتفاق النووي، إذ عمدت إلى تركيب أول سلسلة من أجهزة الطرد المركزي المتطوّرة في محطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في نطنز.


اقرأ أيضاً: مسؤول بالبرلمان المصري لـليفانت: أردوغان لن يرحل سلمياً.. وأنقرة عاصمة للإرهاب


وأفصحت الوكالة ضمن تقرير، أنّ مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب وصل إلى 24429 كغ، في 2 نوفمبر، مقابل 21054 كغ في شهر أغسطس الماضي، فيما الاتفاق النووي ينصّ على حدّ أقصى يصل إلى 2028 كغ، لافتةً الى أنّ السلطات الإيرانية نقلت مجموعةً من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة IR-2M من محطة فوق الأرض في نطنز إلى تحت الأرض.


ونوّهت أيضاً إلى أنّ إيران ما تزال تعمل على تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 4.5٪، فيما الحد الأقصى هو 3.67٪، وفي السياق، دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران إلى تقديم توضيحات حيال موقع نووي يثير الشبهات، مشيرةً أنّ المعلومات التي تلقتها حوله من طهران تفتقر للمصداقية من الناحية التقنية، كما أبدت الوكالة ضمن بيان، أسفها لما سمته بـ”الوقت الضائع”، مطالبة بتقديم تفسيرات كاملة وسريعة من طهران بخصوص وجود يورانيوم معالج في موقع غير معلن، ولفتت مصادر دبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية “أ.ف.ب” إلى أنّ الموقع يقع في منطقة تورقوز آباد في طهران.


إشارات سلبية من طهران


وبالتوازي، زعم الناطق باسم منظمة الطاقة النووية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في الرابع والعشرين من نوفمبر، أنّ لدى المنظمة القدرة اللازمة لزيادة تخصيب اليورانيوم وتصنيع مفاعل نووي، مدعياً أنّه في حال قررت إيران تعزيز إنتاج الأجهزة المتطورة وزيادة السعة الإنتاجية ونسبة التخصيب لتلبية احتياجات البلاد، فإن المنظمة قادرة على تنفيذ ذلك.


اقرأ أيضاً: إسرائيل متخوّفة من تساهل بايدن مع إيران.. والحلّ: حلف إقليمي


في الوقت الذي قال فيه مدير مكتب الرئيس الإيراني، محمود واعظي، بخصوص جاهزية طهران للعودة عن الإجراءات الخمسة التي اتخذتها في خفض الالتزامات النووية فيما لو رجعت الدول الأخرى إلى الالتزام بتعهداتها، إنّ “المفاوضات حول الاتفاق النووي جرت في إطار مراحل، إلا أنّ ما حدث هو أنّ الدول الأخرى لم تفِ بالتزاماتها، لذا فإنّ شرطنا الأهم هو احترام الالتزامات من قبل جميع الدول في إطار الاتفاق”، مختتماً بالقول أنّه لن تكون هناك مفاوضات جديدة حول الاتفاق النووي إذ إنّ المفاوضات بشأنه جرت وانتهت.


إيران لم تترك خيارات


مواقف متعنتة يبدو معها أنّ طهران لم تترك خياراً آخر سوى اللجوء إلى قصقصة أجنحة البرنامج النووي الإيراني، والتي تمت يوم الجمعة، عبر اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زادة، رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا لدى وزارة الدفاع الإيرانية.


اقرأ أيضاً: بايدن رئيساً فـ(عندما تشاء أمريكا.. ترامب لا يشاء)


وأياً كانت الجهة التي نفذت الاغتيال، سواء تل أبيب، أو اشنطن أو غيرها، يمكن التدليل من التراجع الذي أصاب نفوذ إيران نسبياً مع مقتل قاسم سليماني، بأنّ الأمر ذاته قد يصيب البرنامج النووي الإيراني، فرغم وجود قادة عسكريين آخرين غير سليماني، وعلماء نوويين آخرين غير فخري، إلا أنّ من اختار أن يغتال هؤلاء تحديداً، لم يخترهم عن عبث دون أدنى شك، والأكيد أنّه كان يدرك، أنّ عدم وجود هؤلاء ليس كوجودهم، وأنّ غيابهم سيصنع الفرق، أياً كان حجم ذلك الفرق، وأياً كانت قدرة طهران على سدّها لاحقاً.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!