الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • من اليونان إلى السودان.. الرياض وجهاً لوجه مع أنقرة (1)

من اليونان إلى السودان.. الرياض وجهاً لوجه مع أنقرة (1)
السعودية وتركيا

جلّيٌ ما تسعى إليه السلطات التركية منذ نهاية العام 2020، وبداية العام 2021، وغريب ما تتوقعه سلطات أنقرة من أنّ خصومها يمتلكون ذاكرة السمك، لينسوا بعد حين غرة، أو بعد جملة من الكلام المعسول، سنوات وسنوات من العداء والعدوانيّة التي غذتها أنقرة بحق مجموعة من القوى العربية الهامة، وعلى رأسها السعودية ومصر، وأودت بالأوضاع إلى ما هي عليه اليوم في سوريا وليبيا.


فأنقرة، تتوقع -كما يبدو- أنّ الدول العربية المحورية تنتظر إشارة منها، تقول فيها بأنّها لم تعد تعاديهم، وأنّها لا تملك مشاريع توسعية في دولهم، حتى يصدق العرب ويتقاطروا لكسب الودّ التركي.. قبل أن يتأكد لها بأنّ الخيال شيء والواقع شيء آخر، فلا مصر ولا السعودية، ولا أي دولة عربية أخرى هرولت، بل وضعت مصر شروطها، وعلى رأسها قصقصة أجنحة تنظيمات الإخوان المسلمين، بجانب الحديث عن الوضع في ليبيا وسوريا، في الوقت الذي يطالب فيه الليبيون والسوريون، القاهرة بعدم مصالحة أنقرة قبل انسحابها الكامل من أراضي البلدين، والكف عن إذكاء نار التفرقة والعنصرية والطائفية فيهما.  


تحالفات جديدة مع اليونان


أما في السعودية، فقد كان هناك حديث آخر بالمملكة، إذ دخلت الدول العربية، ومنها السعودية، في تحالفات جديدة، كما في الإمارات مع إسرائيل، والسعودية ومصر مع اليونان وقبرص، ومن خلفهما فرنسا، والجناح الأوروبي المناوئ للمطامع التركية في شرق المتوسط، وهو ما تكلل بتعاون عسكري كبير بين السعودية واليونان، إذ قالت تقارير إعلامية يونانية، في الثامن من يناير الماضي، إنّ الرياض تنوي بعث طائرات "F 15" إلى قاعدة "سودا" العسكرية في جزيرة كريت اليونانية، وهو ما أشعل قلقاً في أنقرة، عكسته حينها ردود فعل وسائل الإعلام المحلية.


اقرأ أيضاً: زيارة الحريري لـ أربيل.. نار تكوي وجدان الكُرد السوريين


حيث ذكرت صحيفة "غريك سيتي تايمز" اليونانية، أنّ الأخبار عن "تمارين عسكرية مشتركة بين اليونان والسعودية في المستقبل القريب أدّى إلى استنفار وسائل الإعلام التركية" التي تحدّثت إحداها، وهي صحيفة "هابرلر"، عن "تهديد لتركيا" ولفتت إلى أنّ طائرات "F 15" السعودية ستُستَعمل من طرف الطيارين اليونانيين.


وعلى النقيض، أوردت صحيفة "زمان" التركية المعارضة، أنّ اليونان تجهد لضم المملكة العربية السعودية إلى حلفها، وذلك بعدما استطاعت إشراك كل من الإمارات العربية ومصر وفرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل".


العثمانية الجديدة - تركيا


قطر تدخل على خط الواسطة


تلك التقارير وربما غيرها، دفعت الجانب التركي للبحث عن منفذ إلى الجانب السعودي، فظنت أنّ الدوحة قد تكون مقصدها، إذ أبدى المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، مطلق القحطاني، في الثاني عشر من يناير، جاهزية بلاده للوساطة بين تركيا والسعودية لحلّ التوتر القائم بين علاقاتهما.


اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون وشراكة النظام بالدم السوري.. لعشر سنوات


وقال القحطاني حينها: "هذا يرجع إلى مبدأ الموافقة كمبدأ أساسي في العلاقات الدولية"، مضيفاً: "إذا رأت هاتان الدولتان (السعودية وتركيا) أن يكون لدولة قطر دور في هذه الوساطة، فمن الممكن القيام بذلك"، وأردف بالقول: "من مصلحة الجميع أن تكون هناك علاقات ودية بين هذه الدول، خاصة بين دول أساسية ورئيسية، مثل السعودية وتركيا وإيران"، زاعماً أنّ "قطر لعبت دوراً دبلوماسياً كبيراً" بين الولايات المتحدة وتركيا لتهدئة التوترات التي وقعت بين البلدين.


محاولات بائسة تعيد أنقرة للمربع الأول


لكن تلك المقترحات ومحاولات التوسط لتركيا لدى الرياض، لم تجلب شيئاً يذكر، لتعود أنقرة إلى تكليم الجراح، من بوابة الإساءة إلى الدور السعودي في اليمن، إذ دوّن ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في التاسع عشر من يناير، مقالاً عن الحرب في اليمن، وذكر أقطاي، تحت عنوان "هل من الصعب جداً إنهاء الحرب في اليمن؟"، أنّ عاصفة الحزم التي أطلقتها السعودية ضد انقلاب الحوثيين في اليمن، وانضمت إليهما، وفق تعبيره، "كل من البحرين ومصر كذلك"، تدنو من إتمام عامها السادس، "إلا أنّه مع مضي 6 سنوات نجد أنّ الحرب الأهلية في اليمن ازدادت تعقيداً وباتت أكثر صعوبة".


اقرأ أيضاً: التوبة التركية لمصر.. ومهمة القاهرة التاريخية في ليبيا وسوريا (2)


وأردف أنّ أزمة الحرب أفرزت "أزمات طائلة قاسية مثل التهجير القسري، وكذلك نقص أو انعدام مقومات الحياة الأساسية، مثل المياه النظيفة والغذاء والصحة، وما نجم عن ذلك من كوليرا وأوبئة وأمراض، وليس من الغريب أن تصف الأمم المتحدة مأساة الجوع والمرض في اليمن، بأنّها أكبر كارثة إنسانيّة في العالم".


تركيا لا تنشر إلا النور


وربما سيظنّ من يقرأ مقال أقطاي، أنّ أنقرة متخصصة بنشر النور أينما حلّت، مُتجاهلاً أنّ النتائج التي يزعمها في اليمن، هي ذاتها الناتجة عن تدخلات بلاده العسكرية في شمال سوريا، والتي هجرت مئات الآلاف السوريين، والخاصة الكُرد منهم، من عفرين ورأس العين إضافة لتهجير أهالي تل أبيض، بجانب محاربة المنطقة بملف المياه، وتتريكها معلمياً ولغوياً وثقافياً، وتوفيرها حاضنة ملائمة للمتطرفين والمرتزقة الذين باتوا ورقة تركية الرابحة في حروبها وغزواتها بسوريا وليبيا وأرمينيا.


اقرأ أيضاً: من وثيقة الإخوة لمسبار الأمل وحقوق الإنسان.. الإمارات ترنو للمستقبل


ليس ذلك فحسب، بل وضع أقطاي كامل اللوم على قوات التحالف العربي، بالإشارة إلى أنّ ما وصفها بمعلومات دقيقة من ميدان المعركة "تؤكد على أنّ القوات اليمنية الشرعية كلما حاولت التصدّي بنفسها لجماعة الحوثي، لا تجد عائقاً أمامها سوى قوات التحالف ذاتها، لا أحد آخر"، غير متوانٍ عن توجيه الاتهام لدول التحالف العربي بأنها تريد إطالة أمد الحرب في اليمن "بشكل مقصود ومتعمد"، مستفسراً عما وراء ذلك، على الرغم من أنّ "بإمكانهم إنهاء هذه الحرب بسهولة" (وفق زعمه).


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!