-
إيران تواصل مهارتها بصناعة مليشيات اللادولة في العراق بثلاثٍ جديدة!
خاص ليفانت
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
فجر الثالث من يناير العام 2020، تاريخٌ لا يبدو أنّ طهران ستنساه سريعاً، كونه كان محطّة من محطّات تمريغ أنفها بالوحل (وفق خصومها)، وليلة قصقصة الأجنحة التي نمت وتمدّدت أكثر مما يجب ومما تسمح به القوى العالميّة، حيث تمّت تصفية الجنرال قاسم سليماني قائد لواء القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، إلى جانب أبو مهدي المهندس، نائب رئيس مليشيات الحشد الشعبي في العراق، وذلك على أرض العراق.
تلك الأرض التي لم تهدأ عليها النار منذ 17 عاماً، ولا قبلها بطبيعة الحال إبّان حكم “صدّام حسين”، ولم تغب عنها رائحة الدم، التي تتجدّد كلّ حين وحين بذريعة وحجّة يختلقها المتصارعون على حكم العراق والاستفراد بخيراته، تارة باسم الدين وتارة باسم الطائفة، وهي كما يبدو لا تخدم إلّا أجندات خارجيّة، خاصة من الجارة الشرقيّة “إيران”، التي تسعى لتحويل بغداد إلى حديقة خلفيّة تتزوّد منها بالدماء التي تسفك هنا وهناك خدمة لأجنداتها التوسعية.
عناصر تنتمي لميليشيات رئيسة موالية لإيران
ولأنّ الحال كذلك، ليس غريباً أن تتصدّر المشهد بين الفينة والأخرى أسماء جديدة لمليشيات تكون مجهولة حتّى يكشف مموّلها، إن كان بالأدلة والإثبات أو بالإعلان الصريح من قبلها، أو من خلال استنتاج الجهة التي تستفيد من عملياتها، وهو الحال مع ثلاث تشكيلات عسكريّة جديدة ظهرت مؤخراً في العراق، وتسمّى بـ”عصبة الثائرين” و”أصحاب الكهف” و”قبضة المهدي”، والتي تتلخّص مهامها في استهداف قواعد عسكريّة عراقيّة تضمّ عناصر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة في العراق.
فتلك المليشيات حديثة العهد من حيث التسمية، والتي ظهرت بعد تصاعد حدّة التوتر بين الولايات المتّحدة وإيران على خلفيّة مقتل قاسم سليماني، هي وفقاً لمسؤول استخباراتي رفيع المستوى تحدّث لموقع “الحرّة” في السابع عشر من أبريل، تعتمد على عناصر كانوا ينتمون لميليشيات رئيسة موالية لإيران في العراق، وهي كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وحركة النجباء، حيث يؤكّد المسؤول، رافضاً الكشف عن هويته، أنّ اعتماد هذا التكتيك الجديد من قبل الجماعات المسلحة يهدف لتجنّب الردّ الانتقامي من قبل القوّات الأميركية في حال تمّ قصف القواعد التي تضمّ عناصر من قوّات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة في العراق.
المليشيات الجديدة أداة لمُواجهة الرفض الشعبي العراقي لإيران
وفي إطار مهمّتها التي عرضها المسؤول الأمريكي، كانت قد خرجت “عصبة الثائرين” في الثامن عشر من مارس، متوعدةً الجيش الأميركي في العراق، وذلك بعد أيام من هجوم معسكري التاجي وبسمايه قرب بغداد، في مقطع فيديو ثانٍ لها خلال أسبوع، معلنةً تبنّيها هجوماً على معسكري التاجي وبسمايه، ومهدّدةً في الوقت نفسه باستهداف القوّات الأميركية، باستخدام المنصّات الصاروخيّة التي بحوزتها، حيث ظهر ملثّم في الفيديو حاملاً بندقية، وهو يطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين عسكريين، مغادرة الأراضي العراقيّة.
وجاء ذلك عقب بيان أوّل كانت نشرته سابقاً، وتبنّت فيه الهجوم على معسكر التاجي يوم 11 مارس، الذي أسفر عن مقتل جنديين أميركيين، ومجنّدة بريطانية، وإصابة آخرين من قوّات التحالف الدولي، حيث أوضح البيان أنّ العمليّة جاءت ردّاً على اغتيال قيادات الحشد الشعبي، ومن أبرزهم أبو مهدي المهندس، وفي السياق، تطرّق الكاتب التونسي “الحبيب الأسود” في صحيفة العرب، في الواحد والعشرين من مارس، إلى المليشيات الجديدة في العراق، وقال إنّ التنظيم الجديد يطرح الكثير من الأسئلة لعلّ أبرزها، هل هو نتاج تحوّل أو تطوّر لجين الإرهاب الإيراني في العراق؟.
وأوضح الأسود أنّ الفرضيّة الأولى تقول إنّ الميليشيات الشيعية العراقية المتشدّدة المرتبطة بإيران مثل حزب الله وعصائب أهل الحق وحركة النجباء وفيلق بدر، هي التي تقف وراء تشكيل “عصبة الثائرين”، وتزويدها بالسلاح والمسلحين لتنأى بنفسها عن نتائج العمليات المعادية للحضور الأميركي، خصوصاً وأنّها تعتبر جزءاً من النظام الطائفي القائم سواء من حيث الحضور الحكومي والبرلماني، أو من خلال ميليشيات الحشد الشعبي التي لا تحظى فقط بالاعتراف الرسمي، ولكن كذلك بالتمويلات المجزية والغطاء السياسي والقانوني والدمج في أجهزة الدولة على شاكلة ما يحظى به الحرس الثوري في إيران.
متابعاً: “إنّه في كل الحالات لا يمكن فصل (عصبة الثائرين) عن مشروع إيران الهادف بالأساس إلى وضع اليد على العراق، رغم الرفض الشعبي المتزايد الذي عبّرت عنه المناطق الشيعية في ثورتها ضدّ الطائفيّة والفساد ونظام الحكم القائم والميليشيات المرتبطة بنظام الملالي، وقد لا يكون مستبعداً أنّ هذه العصبة التي تقول إنّها تقاوم الاحتلال الأميركي، هي التي نفّذت سلسلة الاغتيالات ضدّ الناشطين من الثوّار الحقيقيين خلال الفترة الماضية، وهي التي قد تباغت الجميع باغتيالات سياسية، فكل شيء جائز، ففايروس الإرهاب الإيراني لديه القدرة على التحوّل والتطوّر الجيني بما يساعده على اختراق النسيج الاجتماعي اعتماداً على خلاياه النشطة، وخاصة في الدول التي يراهن على تبعيتها لمشروعه”.
إيران أسّسته بغرض استهداف مواقع أمريكية
وفي الصدد، كشف مصدر أمني لصيحفة القدس العربي في السابع من أبريل، أنّ إيران أسّست مليشيا “عصبة الثائرين” بغرض استهداف مواقع أمريكية، ووفق المصدر الذي رفض الكشف عن هويته أيضاً، أنّ التنظيم بدأ بتطويع المئات من الشبان الشيعة وإخضاعهم لتدريبات عسكرية قاسية، ومناورات تحاكي هجمات على مقرّات أمريكية واختطاف جنود عسكريين، وذلك في بلدة جرف الصخر شمال مدينة بابل الخاضعة لسيطرة كتائب حزب الله، استعداداً لاستهداف المصالح والقواعد الأمريكية التي يتمركز فيها الجنود الأمريكيون في العراق.
وتابع: “هم يخطّطون أيضاً لشنّ هجمات منسّقة تستهدف الشركات النفطية العاملة في جنوب العراق، وكذلك تطال مصالح لدول خليجيّة، والحرس الثوري الإيراني جهّز قوّة عصبة الثائرين بعشرات الطائرات المسيّرة المتطوّرة، فضلاً عن طائرات مراقبة مهمتها جمع المعلومات الاستخباراتيّة جوّاً، وتحديد المواقع والأماكن المراد استهدافها”، والتنظيم الجديد يعمل على شكل خلايا ضارية تصيب الأهداف المنتخبة بدقّة، وقد خرج من رحم كتائب حزب الله، والهدف من تأسيسه هو إحداث نوع من التمويه لإبعاد التتبع والملاحقة والاستهداف لقادة وعناصر الحزب في العراق من قبل القوات الأمريكية. حسب مصدر “القدس العربي”.
وهو ما ذهب إليه تقرير صادر عن “مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجيّة”، في السابع عشر من أبريل، والذي قال إنّ “عصبة الثائرين”، هي إحدى الميليشيات العراقيّة الشيعية الدائرة في فلك الحرس الثوري الإيراني، منوّهة إلى أنّه ورغم قلّة المعلومات عنه، إلّا أنّ شعارها يشبه شعار الحركات المدعومة من إيران، كحزب الله اللبناني وفاطميون الأفغانية، وزينبيون الباكستانيّة، وحركات أخرى في الحشد الشعبي العراقي، متابعاً بأن مراقبين آخرين يعتقدون أنّ “عصبة الثائرين” ما هم إلّا حركة عصائب أهل الحق، وقد أسّسها علي شمخاني (الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني) وربطها به شخصياً، كما تموَّل الحركة من إيران من أجل استهداف القوّات الأميركية في العراق.
ولا يختلف حال باقي المليشيات المستحدثة عن حال “عصبة الثائرين”، فمليشيا “أصحاب الكهف”، هي كذلك ميليشيا عراقية شيعية جديدة وُلدت مؤخراً، بيرقها يحمل صورتين للإمام الخميني والمرشد الأعلى خامنئي، وشعارها الدعوة إلى “المقاومة الإسلاميّة في العراق”، وهو الحال نفسه مع مليشيا “قبصة المهدي”، التي شعارها “اقتلوهم حتى لا تكون فتنة”، في تحريف فظيع ومذهل للآية القرآنية ((وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة)). وفقاً لـ”مركزالروابط”.
وعليه، يبدو أنّ طهران مصرّة على مواصلة هوايتها في صناعة المليشيات الطائفيّة التي أذاقت العراق مرارة الحروب والنزاعات الاهليّة على مدار سنوات طويلة، حتّى أضحى الدم جزءاً من الحياة اليومية للعراقيين، لكنّهم سأموا منها بكل تأكيد، ويبقى التعويل عليهم في التصدّي لمن يسعى لمنع إرساء عوامل الاستقرار في بلادهم، وإبقائها غارقة في الدماء العبثيّة، في خدمة التوسّع الملالي الفارسي، الساعي لحكم المنطقة بذريعة الطائفة.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!