الوضع المظلم
الخميس ١٩ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • يا لبساطة تعقيدها !!  الضربة الصاروخية الإيرانية  

  • ماهذه الضربة التي يخبر بها العدو عدوه ، وما هذه الصواريخ التي لا تريد أن تقتل أحداً ؟!
يا لبساطة تعقيدها !!  الضربة الصاروخية الإيرانية  
 الضربة الصاروخية الإيرانية  

هذا العالم يتقدم في كل شيء ، لم يكن مواطن القرن السابق مضطراً لإرهاق نفسه في تمحيص سلوكيات و عمليات كهذه في سعيه لفهمها .. لعلها بعض طبائع حروب هذا القرن ، في زمن حروب الـ HD  تغدو صناعة المشهد عمليةً حربية ..

حتى ماقبل ساعات من إطلاق تلك الصواريخ ، كان الحرس الثوري في أشد مواقف ضعفه ، مجبراً على فعل شيء ..
فمنذ "سقوط طائرة الرئاسة الإيرانية" إلى اغتيال هنية على أراضيها ثم اغتيال حسن نصر الله ..
كان واضحاً بأن إيران تعاني من تهتكٍ عنيفٍ في ساريةِ لواء محور المقاومة ، الذي ترفعه وتقوده . 
حيث أنها أوشكت على خسارة أهم أذرعها في المنطقة "حزب الله" ، وهو الذي وجهت حاضنته الاتهامات علانية لإيران في بيع الحزب والتخلي عنه ، إثر مجزرة الاغتيالات التي فتكت بجميع قادته .

ودون أن تنتقل الحرب لأراضيها ، تتعرض إيران لخسائر استراتيجية فادحة منذ بداية حرب الوجود الإسرائيلية بعد الطوفان الذي - فاجأ - إيران ، وهي من أنفقت الكثير مادياً و سياسياً على رعاية هذه الأدوات ودعم المحور ، باعتباره استثماراً استراتيجياً لم تتح لها فرصة جني أرباحه حتى الآن ، فلا هي فرضت نفسها دولة نووية ولا اطمأنت لترسيخ نفوذها في الدول التي تسيطر اليوم عليها.

وفي الثاني من إطلالة تشرين الأول بعد عام الطوفان ..
أرسلت إيران الجريحة للعالم و إسرائيل صرختها عبر مئتي صاروخ " بالستي و فرط صوتي " من النوع المربك سريع الوصول إلى إسرائيل ..
فهلموا نتأمل تلك الرسالة ، التي قرأها مرتاباً المواطن العربي ما بين مهلل أو مستهزئ بضربةٍ غير معدةٍ للتدمير..

في ظهيرة ذاك اليوم وقبيل تزيين مساء الشرق الأوسط والعربي بالقناديل الصاروخية ، أبلغت الحكومة الإيرانية بالحدث  أصحاب الشأن في المنطقة مباشرة أو عبر وسيط ، بداية من الرئيس الروسي الذي أبلغ الإسرائيلي وماسواه ..
فلماذا تبلغ إيران عن ضربتها ؟!
في مطلع التبليغ هي توضح للحليف بأنها سترسل مقذوفات كبيرة الحجم تعبر السماء ، فلا داعي لجزع رادارات الأصدقاء واستنفار منظومات دفاعهم ، فعرفت عن هوية مقذوفاتها وفق مقتضيات وبروتوكولات حكم الأجواء..
أما الشطر الأهم من معنى الإبلاغ المسبق ، هو تحديد ماهية وتوصيف الضربة بكونها مجرد عملية محدودة لا يراد بها المباغتة والتدمير، وأنها تعبير مرسل ، له بداية و نهاية يتوقف عندها بانتظار جواب الخصم إسرائيل . ويؤكد التبليغ المسبق للمعنيين بأن العملية ليست إعلانَ حرب. 
فيأخذ هذا القصف شكله العملياتي كمناورة حقيقية بالذخيرة الحية ، تُخضِع إيرانُ بها الدفاعاتَ الجويةَ الإسرائيلية لاختبار علني ومباشر.. 
رسالة حربية وليس حرباً ، وهو الأمر عينه الذي تلتزم به الدبلوماسية الإيرانية في إعلانها المتكرر سعيها لتجنب الحرب الشاملة ، وبالطبع لأنها تختار الحرب بالوكالة عبر أذرعها و دماء أبناء شعوب مستغلة و مضللة بمختلف أصناف مخدراتها الطائفية أو العضوية..

تمت الضربة واكتمل نجاح المشهد الذي أخرجه الحرس الثوري ، فأظهر قدرة إيران على الوصول بصواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية فعلاً ، بمشهدٍ استعراضي ، أضاءَ لليلةٍ بؤس أفئدة الفلسطينيين والعرب الذين يعانون وينزفون جراء الغطرسة الإسرائيلية في المنطقة . هذه الصواريخ كانت محرجة ومؤثرة بالنسبة لإسرائيل فقد أثبتت بها إيران قدرتها على الإيذاء وبأنها خصم ذو مخالب وأنياب .
ومن شطر هذه الرسالة المقروء علناً ، تريد إيران من اسرائيل تقبل الضربة كرد على سابقات إسرائيل ضدها ، وتطلب راجيةً منها التوقف أيضاً عند هذا الحد ، وهذا أحد المعاني اللغوية لمفهوم الردع الدفاعي .
فهل حملت رسالة إيران في طياتها مايدفع إسرائيل حقاً للقبول بطلب إيران .. هل كان فيها القدر الكافي لإخافة نتنياهو ؟!

يبقى الجزء المشفر من تلك الرسالة معلوما ما بين الطرفين المتحاربين وحدهم وقد تبادلوه ضمن تفاصيل تلك الضربة من حيث عدد أنواع الصواريخ وسرعتها وأهدافها و وزنها أو نوع  حمولاتها  .. وموقعها من الإعراب نهايةً ضمن جملة الترسانة الحربية للخصم ، هي أسرارهم التي لن تعلن والتي تحكم مستقبل الأحداث حقاً وليس ظاهر مانراه في هذا المشهد المثير ..
ما تزال من وجهة نظري الحرب التي تخوضها إسرائيل وجودية .. لا تراجع فيها أو مجال للمساومة و قد تموضع الحرس الثوري الآن ضمن قائمة الأخطار التي ينبغي على إسرائيل إزالتها دون شك .


ليفانت: أوس نمر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!