الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل وقفت السلطة الفلسطينية في صف الأسد؟
كمال اللبواني

تتوارد الأخبار عن تراجع صحة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أبي مازن، مما يطرح موضوعاً، ماذا بعد أبي مازن؟ لقد تسلم أبو مازن قيادة المرحلة بعد موت عرفات في مشافي باريس.

وفي مرحلة صعبة جداً من انقسام حماس وانهيار اتفاق أوسلو وإعادة احتلال الجيش الإسرائيلي للضفة الغربية بحركة غير متوقعة عندما اندلعت الانتفاضة الثالثة المسلحة، وقضى عباس معظم مرحلته من دون تحقيق أي تقدم على صعيد القضية الفلسطينية، بينما عندما اندلعت الثورة السورية كان عليه أن يتخذ موقفاً تجاه الشعب السوري الذي طالما أيّد ثورته ونصر قضيته، وضد النظام الذي طالما تآمر عليه، بل حاربه وحاول السيطرة على قراره، بل كان مسؤولاً عن مجازر بشعة حصلت ضد الشعب الفلسطيني تشبهها تلك المجازر التي ارتكبت ضد الشعب السوري.

كان من الطبيعي أن تكون ثورة الشعب السوري هي الحليف الطبيعي لثورة الشعب الفلسطيني، خاصة وأن معاناة الفلسطينيين في سوريا وخارجها من النظام كانت هي ذاتها معاناة الشعب السوري منه، لكن الذي حصل هو أنّ حلفاء النظام هم حلفاء السلطة الفلسطينية، أقصد الروس والدول العربية، وعدو النظام هو ذات عدو السلطة الفلسطينية، أقصد إسرائيل والدول الغربية، لم يكن من السهل على السلطة أن تتخلى عن حلفائها في ظروفها الصعبة، ولم يكن بمقدورها تجاهل معاناة الشعب الشقيق، لذلك وقفت في حيرة حاولت السير مع الدول العربية في طريق مساعدة الشعب، وكانت متحمسة والأكثر خبرة، لكنها سرعان ما أقصيت بتعليمات إسرائيلية وعربية لهدف مشترك هو منع الثورة السورية من الانتصار عربياً، ومنع الشعب السوري من الالتحام بالثورة الفلسطينية، وحدث ذات الشيء مع حماس، حليفة إيران التي تدعم النظام، لقد عانى الشعب الفلسطيني التناقض الصارخ بين ضميره الذي يحترق على معاناة أخوته والظروف الدولية التي تفرض نفسها عليه، إن كان من طرف السلطة في رام الله أو حماس في غزة.

لكن كلا الطرفين لم يقاتلا إلى جانب الثورة ولا إلى جانب النظام، من قاتل مع النظام هم فقط جيش التحرير الفلسطيني وهو تابع للجيش السوري وليس للسلطة، وجماعة الصاعقة وأحمد جبريل، العميل للنظام السوري والخائن للقضية وللشعب الفلسطيني، بينما قاتل عامة الفلسطينيين مع أخوتهم السوريين وتهجروا معهم.

أبو مازن، وتحديداً سلطته، لم تساعد النظام السوري ضد شعبه، ولم تقف ضد ثورة الشعب، والشعب الفلسطيني بعمومه كان إلى جانب الشعب السوري، وعلت بعض الأصوات التي تمجّد إيران في غزة والأردن ولبنان والضفة، لكنها محدودة وغالبها مأجورة، واستنكر الشعب الفلسطيني على العموم ما فعله النظام السوري بشعبه، وقامت إسرائيل باستهداف الوجود الإيراني في سوريا، وهي الدولة الوحيدة التي تدخلت ليس لضرب الثورة السورية، وهذا ما دفع بعض الفلسطينيين لتأييد النظام السوري حباً بإيران ظناً أنها عدو عدوه، لكن الفاهمين للسياسة استطاعوا بسهولة التمييز بين الأخ الحليف الاستراتيجي، ويبن تلاقي المصالح المؤقت والمشروط.

تبقى فلسطين هي الجزء الجنوبي من بلاد الشام، ويبقى الشعب الفلسطيني هو الشقيق السيامي للشعب السوري، وتبقى قضية الحرية هي قضية الشعوب العربية كلها، ومهما تغيرت مواقع اللاعبين على لوحة الشطرنج تبقى ألوانها ثابتة، فالأبيض لا يصبح أسود.

 

ليفانت - كمال اللبواني

 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!