الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • هجوم أربيل.. اللعب المُستتر لمليشيات طهران قد يرتدّ عليها

هجوم أربيل.. اللعب المُستتر لمليشيات طهران قد يرتدّ عليها
الهجوم على أربيل

"أربيل تعيش الذعر، خوفاً من تكرار الهجمات الصاروخية" و"شاهد.. استهداف قواعد أميركية في أربيل"، عنوانان يبدوان قاسيين، وفي إطار التبرير والتشجيع على المزيد بحق عاصمة إقليم كُردستان العراق، وضعتهما قناة "العالم" الإيرانية، ضمن الأخبار التي تناولت قصفاً طال العاصمة الكُردية، لتكشف عملياً عن الجهات التي تدعم مثل تلك الهجمات.


لماذا أربيل؟


وبالتأكيد، إنّ المتابعين والمواطنين العاديين في أربيل يتساءلون حول أهداف الهجوم، الذي لم تشهد العاصمة الكُردية مثيلاً له، حتى في أحداث استيلاء مليشيات الحشد الشعبي على كركوك، من يد قوات البيشمركة، في أكتوبر العام 2017، عندما وقعت مواجهات عسكرية بين الطرفين، أسفرت عن سيطرة مليشيات الحشد على المدينة ذات التواجد الكُردي الكبير.


اقرأ أيضاً: الانقلاب الأبيض يفضح ترامب.. وأمريكا تنتصر على عدوّها الداخلي


أما الآن، فيبدو أنّ الاحتمال الأكبر لما يحصل، هو محاولة المليشيات المُدارة من طهران، بعث رسالة إلى واشنطن، مفادها أن لا مكان آمن لكم ضمن العراق، وذلك مع توارد الترجيحات والتنبؤات بين الفينة والأخرى، باحتمالات نقل السفارة الأمريكية من بغداد إلى أربيل، ليكون الاستهداف اختصاراً لما قد تقدم عليه المليشيات المُدارة من طهران، لو أرادات العبث بأمن المنطقة، وهو أمر ليس بغريب على من قصف عشرات المرات، المنطقة الخضراء في بغداد.


إقليم كردستان يقرر إيقاف الفعاليات الدينية والدراسة بسبب كورونا


تهديدات سابقة للأمريكيين


ويمكن إعادة الهجوم على العاصمة الكُردية "أربيل"، إلى تصريحات سابقة لمتزعمي المليشيات الموالية لطهران، ففي نهاية أكتوبر 2020، قال الأمين العام لمليشيا "النجباء" في العراق، أكرم الكعبي، إنّ لغة الحوار غير نافعة مع الأمريكيين، وما حدث معهم فيما مضى، كان مفرقعات بسيطة، (في إشارة منه إلى القصف المتكرر للمنطقة الخضراء ببغداد)، مستكملاً: "أعطينا الأمريكان فرصاً كثيرة ولكن لغتهم المتعجرفة لم تتغير ابداً، وفصائل المقاومة ستنزل بقوة لمواجهة الأمريكان إذا لم يسحبوا قواتهم المحتلة من العراق"، زاعماً أنّ "ضربات المقاومة باتت موجعة لهم" مضيفاً: "نسعى لتخليص العراق من الهيمنة الاقتصادية التي ستؤدي لدمار العراق، كما أنّ إخراج المحتل الأميركي لم يعد مطلباً للمقاومة الإسلامية وحدها، بل أصبح على نطاق أوسع في العراق".


اقرأ أيضاً: كُلّ مَن يُعارض أردوغان (إرهابي).. مُثقفاً أكان أم أمياً


وجاءت تهديدات الكعبي حينها، استكمالاً لتهديدات سابقة أطلقتها، في الحادي عشر من أكتوبر، "كتائب حزب الله" العراقية، وقالت فيها إنّ ما تسميها بـ"فصائل المقاومة"، قد وافقت على ما سمته بـ"الـهدنة المشروطة" في الهجمات على القوات الأمريكية في البلاد، حين ذكر الناطق باسم "كتائب حزب الله"، محمد محيي، في حديث لوكالة "رويترز"، بأنّ ما تسمى بـ"فصائل المقاومة"، "ستستخدم كل الأسلحة المتاحة لديها" إذا لم يحترم الأمريكيون قرار مجلس النواب الذي يطلب منهم سحب قواتها، منبهاً من أن إطلاق صواريخ الكاتيوشا على القوات والبعثات الدبلوماسية الأمريكية كانت بمثابة رسالة إلى واشنطن وقد تليها هجمات أشد.


اقرأ أيضاً: إيران وبايدن.. ومُعضلة مَن يتنازل أولاً


وعقبها، عادت عمليات الاستهداف إلى نشاطها، ففي العاشر من ديسمبر 2020، كشفت مليشيا "سرية قاصم الجبارين"، عن مسؤوليتها حيال استهداف شاحنتين لقوات التحالف على الطريق الدولي في السماوة، وأيضاً في ناحية اللطيفية ببغداد، بينما هدّدت من جهتها مليشيا "أصحاب الكهف" بتكثيف الهجمات على مقرّ السفارة الأميركية في العاصمة العراقية، وفي السياق، أوردت تلك الحسابات عن مليشيا تسمى "قوات ذو الفقار"، توعدها قاعدة التوحيد الثالثة داخل مقر السفارة الأميركية في بغداد "بليالي شتاء ساخنة جداً"، على حدّ وصفها، فيما حذّرت مليشيا "أصحاب الكهف"، القواعد الأميركية "من العديد إلى الظفرة إلى عين الأسد إلى علي السالم إلى الحرير، بأنّها أهداف مشروعة، عقب ما اعتبرتها "فشل الحكومة من الاستفادة من الفرصة الممنوحة من قبل الفصائل"، وفق قولها.


مليشيا مجهولة تتبنّى الهجوم


وفي استخفاف منها بعقول الناس، تطلق المليشيات المدعومة من طهران مسميات مجهولة، قد تستخدم لمرة واحدة لا أكثر، بغية استهداف الأمن والاستقرار في المناطق التي تعتبرها مناوئة لنفوذها، لكن دون أن تتجرّأ على الإعلان رسمياً عن الجهات التي تتبع لها، مكتفية باعتبار نفسها مما تسميها بـ"فصائل المقاومة" المدعومة إيرانياً، وهو ما حصل هذه المرة أيضاً، إذ أعلنت مليشيا تطلق على نفسها اسم "سرايا أولياء الدم" مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنّها استهدفت "الاحتلال الأميركي" في العراق.


اقرأ أيضاً: مُستصعبةً مُقاطعة ماضيها.. قطر تتهرّب من استحقاقات بيان العلا


وتابعت في بيان، أنّه "في تمام الساعة التاسعة و15 دقيقة من مساء اليوم (الاثنين)، تمكن رجالكم في سرايا أولياء الدم من القيام بعملية نوعية ضد الاحتلال الأميركي في شمالنا الحبيب، حيث اقتربنا من قاعدة الاحتلال (الحرير) في أربيل بمسافة 7 كم، وتمكنا من توجيه ضربة قاصمة قوامها 24 صاروخاً، أصابت أهدافها بدقة، بعد أن فشلت منظومة CRAM وقذائف الاحتلال من اعتراضها، مما أدّى إلى أضرار جسيمة بآليات ومخازن وطائرات الاحتلال وسقوط العديد من الإصابات في صفوف عناصرهم المحتلة".


ردود فعل قوية على الهجوم


الهجوم الإرهابي الذي طال بجانب القاعدة الأمريكية، أحياءً سكنية آهلة بالمدنيين العزل بأربيل، وأصيب على إثرها عدد منهم بإصابات بليغة، أثار ردود فعل غاصبة من إقليم كردستان، التي دعا رئيسها نيجيرفان بارزاني، مجلس الأمن والأمم المتحدة، إلى أخذ مخاطر الهجوم الصاروخي على أربيل بجدية، مطالباً بالعمل على إنهاء التهديدات لشعب كردستان من خلال "حثّ الحكومة العراقية على تطبيق الدستور العراقي"، فيما وجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة مع الجهات المختصة في إقليم كردستان العراق.


وأممياً، ندّدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس، بالهجوم الصاروخي، بينما قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنّ الولايات المتحدة "غاضبة"، وأضاف في بيان "تواصلت مع رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور برزاني لمناقشة الواقعة والتعهد بدعمنا لجميع الجهود المبذولة للتحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها"، وهو ما ذهب إليه السفير البريطاني لدى العراق، ستيفن هيكي، الذي أدان بشدة بالهجوم، داعياً لمحاسبة المسؤولين عنه، قائلاً: "سندعم رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، ورئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في التحقيق في الهجوم".


اقرأ أيضاً: أنقرة تفشل في تقمّص دور الضحيّة.. وتستذئب مجدّداً بالمتوسط


أما عربياً، فقد أدانت العديد من الدول العربية والمنظمات الإسلامية الهجوم، ومنها منظمة التعاون الإسلامي، البرلمان العربي، جمهورية مصر، دولة الكويت، مملكة البحرين، المملكة الأردنية الهاشمية، مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بجانب جهات عراقية من ضمنها رئيس الوزراء العراقي الأسبق، رئيس ائتلاف "الوطنية"، إياد علاوي، ورئيس الجمهورية الحالي، الرئيس برهم صالح.


ردود فعل تؤكد أنّ ما كانت تسعى له المليشيا التابعة لطهران قد ذهب أدراج الرياح، فما كانت تسعى له من ترهيب للسلطات المحلية في الإقليم وسكانه، ارتد عليها تعاضداً دولياً وعربياً، وهو ما قد يدفع بالتحالف لزيادة تواجد قواته وعتاده العسكري، لحماية البقعة الأكثر أمناً في العراق، والتي يبدو أنّ مليشيات طهران تسعى إلى تلويثها بالخوف والدم، كما فعلت في باقي أرجاء العراق.. وربما أيضاً يُغير الهجوم تعاطي الإدارة الأمريكية مع كامل الملف الإيراني.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!