الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
نظام الملالي يحبو إلى إفريقيا والمغرب العربي
محمد الموسوي  

من البديهي أن تكون هناك علاقات بين الدول، ومن البديهي أن تكون تلك العلاقات وفق قواعد وثوابت رصينة وقواسم ورؤى وأهداف مشتركة بين البلدين، وفي حالة دولة كـ الجمهورية الإسلامية الموريتانية ونظام كنظام الملالي أين هي القواعد والثوابت والقواسم المشتركة التي ستجمع هكذا نظام بدولة تم اختيارعاصمتها كعاصمة للثقافة الإسلامية ولها وفيها ما يؤهلها لذلك بجدارة؟

يدرك نظام الملالي بما هو عليه من حال كم حجم الفوارق بينه وبين الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي رأت تجارب الملالي في السودان والمغرب والسنغال ونيجيريا وسيراليون وغانا وغيرها من الدول الإفريقية والعربية، وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه فماذا سيقدم ويعطي نظام الملالي لموريتانيا في هذه الظروف وفي أحسن الظروف؟ وما الذي قدمه لدول وشعوب تربط بينه وبينها عوامل اللغة والتراث والدين والمذهب والتاريخ والجغرافيا كجارته جمهورية آذربايجان وقد ساعد أرمينيا في حربها ضد آذربايجان في حين وقفت تركيا العلمانية مع آذربايجان وقبرص ومسلمي البلقان وغيرهم؟

سعى نظام الملالي إلى بناء وفتح علاقات مع الجمهورية الإسلامية الموريتانية بدءاً من تنسيقات ثم بزيارة وزير الثقافة والإرشاد في سلطان حكم الملالي الجمهورية الإسلامية الموريتانية يرافقه وفد مختص كبير على درجة عالية من الثقافة والرشد والوعي.. على شاكلة حالة الفكر الوعي والثقافة التي رأيتموها وترونها في إيران منذ 44 سنة وتجري صورها اليوم في الشوارع والسجون وتحت مقاصل الإعدامات وتنتشر تبعاتها الاجتماعية بكل مكان في إيران تلك الثقافة التي قتلت أكثر من سبعين طفلاً والمئات من النساء والأطفال، والحال نفسه في لبنان والعراق وسوريا واليمن والخليج وإفريقيا، ووصولاً إلى زيارة وزير خارجية النظام وشخصيات رفيعة المستوى، ولا بد أن يكون من بينها من هم من الحرس والمخابرات، وأخطر ما في هذا الباب الذي يريد الملالي فتحه في موريتانيا هو أمران: الأول، خلق حالة من الفتنة والعداء بين الأشقاء والجيران  التاريخيين في المغرب والسنغال، والأمر الثاني بدء مرحلة من العبث الفكري والسياسي والعقائدي وتجارة المخدرات في موريتانيا، ولا بد أن ينتهي كلا الأمرين بما لا تُحمد عقباه وهذا ما لا نرتضيه لأشقائنا على الإطلاق، خاصة وأننا أول من اكتوى بنار الملالي وفتنتهم.

وزارة الثقافة الإرشاد في نظام الملالي

ما لا يعرفه الكثيرون عن هذه الوزارة أنها المسؤولة عن تنفيذ برامج ومخططات النظام في الداخل والخارج بالتعاون مع وزارة المخابرات ومنظمة استخبارات حرس خامنئي، ومعولاً من معاول الهدم الديني ونشر العنصرية المذهبية بغطاء الدين ومحبة آل البيت الأطهار ولم يصدر عن هذه الوزارة إلى اليوم ما يخدم الشعب الإيراني أو يخدم المسلمين ويوحد صفوفهم ويعلي شأنهم بل لم يكن منها سوى زرع الفرقة والفتنة وتشويه الدين وآل بيت النبوة الطيبين الطاهرين وسيرتهم، وكيف لوزارة كهذه لا يمكن لها أن تكون بمستوى المؤسسة في ظل نظام بوليسي استبدادي يفتقد إلى مفهوم الدولة والمؤسسة ولا أن يسمح لها سوى أن تكون إحدى الأدوات المسخّرة بيد أجهزته الأمنية من أجل تنفيذ مخططاته التوسعيّة، وها هو العراق، البلد الثري صاحب الاقتصاد العملاق والقدرات التي لا مثيل لها بالعالم العربي يئنّ ألماً وفقراً واضطراباً بسبب تدخلات الملالي من خلال هذه الوزارة والحرس واستخباراته ووزارة مخابرات الملالي، أحد أركان الدولة العميقة في إيران.

وزيرا ثقافة وخارجية الملالي في موريتانيا

لم يكتفِ نظام الملالي بما فعله في جيرانه من العرب من كوارث وصلت إلى العمل على نشر المخدرات بتوسع في أوساط المجتمعات العربية وإغراقها بشتّى أنواع المخدرات التي وصلت للمدارس والسجون وكل مكان في المجتمع، وفي دولة كالعراق وصلت المخدرات إلى أيدي البنات الأطفال في المدارس الابتدائية بالمناطق الشيعية، بالإضافة إلى محاولة العبث في مناهج التعليم بالدولة العراقية التي ساعد نظام الملالي على تفتيتها والقضاء على قادتها وكوادرها وكفاءاتها لكي يخلو العراق للرعاع من ذيوله التابعين، وقد جعل العراق عبارة عن مجموعة من مراكز القوى المتناحرة على السلطة والمكاسب السياسية والاقتصادية، وما زال يسعى إلى طمس الهوية العربية للعراق، لم يكتفوا بالعراق فهدموا سوريا ولبنان واليمن، وماذا فعل لهم الأردن حتى يسعوا إلى إغراقه بالمخدرات ويدخل الحكومة الأردنية في حالة حرب كاملة لمكافحة المخدرات وحماية الحدود والأمن؟ وفي الوقت ذاته يتشدّق هذا النظام وينادي برغبته الجدية في فتح صفحات جديدة للصلح والسلام مع العرب، وبعد هذا كله ماذا يريد الملالي من موريتانيا في أقاصي بلدان العرب وقد فشلوا في الجوار بسبب طباعهم العدائية وسيفشلوا عاجلاً بسبب عدم شفافية توجهاتهم. ماذا يريدون بعد أن فشلوا في علاقاتهم مع المغرب الجارة؟ هل سيبدل الملالي جلودهم أم يبدلون طباعهم التي نشؤوا وتبرمجوا عليها؟ هل يريدون تطويق المغرب وكسره؟ هل يريدون جعل موريتانيا ساحة لصراعاتهم ومركزاً لانطلاق مخططاتهم بعد أن فشلت استخباراتهم في صنع ذلك بالمغرب؟ هل يسعى الملالي، خاصة بعد تعاظم الانتفاضة الوطنية الإيرانية، إلى كسر طوق العزلة المفروضة عليهم انطلاقاً من نواكشوط، عاصمة الثقافة الإسلامية الغنية بالتراث الإسلامي، الذي لا يسمح للملالي ببيع خداعهم وبضاعتهم المزيفة فيها، وزيارتين على التوالي تتبعهما زيارات أخرى وتنسيقات؟

 المؤلم والمحزن أن الملالي المفلسين الذين يعانون من عزلة قاتلة وأزمات داخلية توشك أن تقبرهم وتأتي بأجلهم يحاورن العرب على أنهم كيان ذو شأن وأنهم سند وشركاء مهمين للعرب ومستعدين لبيعهم السلاح والقدرات المختلفة وليس كياناً متهالكاً لا يملك سوى بضاعة تالفة ولغة محتالة وغدٍ بائس ومصير مؤلم ومحرج على الصعيدين الداخلي والخارجي.

لِمَ لم يتم اختيار قم أو طهران كعاصمة للثقافة الإسلامية بدلاً من نواكشوط، بلغة البيع والشراء؟ ماذا لدى الملالي ليبيعونه في موريتانيا؟ وهل كانت الوفود المرافقة لوزيري ثقافة وخارجية النظام وفوداً مهنية ذات اختصاص أم أمنيةً ومن جماعة الحرس والمخابرات ومن مكتب خامنئي؟

إخواننا وأشقاؤنا في موريتانيا لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة وما زال أمامكم الوقت لتصحيح المسار مع الملالي. إخواننا وأشقاؤنا العرب اعتبروا لما جرى ويجري في العراق قبل غيره، العراق الذي هدموه وجعلوه يدفع جزءاً كبيراً من ضريبة الحرب والدمار في سوريا والتسبب في تشريد أهلها وانعدام فرص الحياة فيها، ولنعلم ونتأكد أنه لا خير يُرجى من وراء نظام الملالي في طهران ولا خير فيه. نسأل الله لنا ولكم النجاة.

ليفانت - د. محمد الموسوي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!