الوضع المظلم
الإثنين ٣٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
نتنياهو الجزار وقط القرار
إبراهيم جلال فضلون (1)

إن التطورات في الشرق الأوسط وتحديداً داخل قطاع غزة ولبنان مصيرية بالنسبة إلى المنطقة كلها، في توقيتها ومضمونها، إذ قتل الاحتلال كافة الفرص والمبادرات التي أطلقتها الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية والعربية، للدخول في هدنة تدوم 21 يوماً تنتهي بتسوية سياسية، لكن كالعادة في خيانتها ونقض عهودها، أتت ضربة قاضية نفذتها إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله وعدد من قادة الحزب، بعد اغتيال هنية في إيران، تبعها بأسابيع اغتيال نصر الله الذي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين في تهديد ووعيد متبادل، وأن الجيش الإسرائيلي يعمل على "تغيير ميزان القوى في الشمال" من خلال إزالة صواريخ "حزب الله"، في الوقت الذي كانت صحف لبنانية وعالمية تتحدث عن أن باريس تعمل جاهدة وخلال جلسة مجلس الأمن الطارئة لإيجاد صيغة، تنص على الالتزام بالقرارات الدولية (القرار 1701 في لبنان والقرار 2735 في غزة) بحيث يمكن الوصول إلى صيغة ترضي طرفي القتال، ذلك أن "حزب الله" يشترط لوقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية وقفاً لإطلاق النار في غزة. 

لقد (فَجَرَ واغتر) الرجل والكينست جميعاً عندما قال في بيان مصور من غرفة قيادة تحت الأرض لسلاح الجو الإسرائيلي في تل أبيب "بالنسبة إلى أولئك الذين لم يفهموا بعد، أريد توضيح سياسة إسرائيل. نحن لا ننتظر التهديد نحن نتوقعه في كل مكان وفي كل مسرح وفي أي وقت". مختتماً: "لقد بدأنا للتو عملية تغيير الشرق الأوسط".. ليستغل الموقف قادة إسرائيل وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي لاستمرار العمليات الهجومية بصورة متعاظمة وتسريع وتيرتها وتعزيزها، وعدم منح الحزب فرصة لالتقاط أنفاسه.. لينتشي نيتنياهوا وقادته باغتياله، مرتعداً كأي إسرائيلي كما قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن "إحدى أعظم أصول الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، التي صاغها ورعاها وأصبحت السمة المميزة هي السخرية من خصومة في خطاباته، لكن شيئا ما تغير"، بالفعل فإن حوالي 70% من الرسائل المنقولة في خطابات نصرالله لا تتعلق بالمحتوى نفسه، بل تتعلق بلغة جسده، ونبرة صوته، وتعابير وجهه، وحديثه بنصف ابتسامة ساخرة تمنح مستمعيه الشعور بأن لديه خدعة أخرى في جعبته.

إنها حرب مفتوحة الجبهات لا هوادة فيها ولا شرف لقوانين البشرية والحروب. سلاحها فقط الخيانة والضرب بلا رحمة ولا هوادة... لا سقف ولا خطوط حمراء كما في غزة. فلم تكن تهديدات قادة إسرائيل عبثية فقد استطاعت على مدى عام تقريباً أن تستنزف الحزب بجبهة المُشاغلة، وأعدت "فخاً" لإرهاق الحزب، وربما يمكن اعتبار أن الحرب على لبنان بدأت فعلاً منذ "واقعة البيجر" والتي أصابت أكثر من 4 آلاف قيادي وعنصر من "حزب الله"... وسط ضعف التماسك السياسي الداخلي اللبناني وتحكم إيران من خلال حزب الله في سياساته، نتيجة التنوع الطائفي، بل ويمتلك الحزب بنية صاروخية منتشرة داخل الأنفاق تحت سلاسل الجبال اللبنانية، وإن وجدت مشتركات بين الحرب في غزة والحرب مع لبنان مثل عقيدة العداء لإسرائيل والأهداف والتشابه في أساليب القتال (مع فارق القدرات)، لكنها تحمل كثيراً من الفوارق، إلا أن سياق المعركة يبدو أكثر مناسباً لإسرائيل من حيث تراجع فرص وأمل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزة واتباع سياسات شراء الوقت التي ينتهجها نتنياهو، لتصدير بعض المسكنات للمجتمع الإسرائيلي والترويج لفكرة تحقيق نصر قاطع وحاسم في لبنان، بغارة جوية كان هدفها اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصرالله بمقر قيادة الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.

 والسؤال من سيخلفهُ؟.. فشخصية حسن نصرالله تمثل تحدياً كبيراً لـ"حزب الله" لأسباب عدة تتعلق بدوره القيادي وقدراته الخطابية والرمزية. كما أن قدرته على توجيه وتعبئة الجمهور لا ترتبط فقط بموقعه القيادي ولكن أيضاً بشخصيته وخطبه الإعلامية. وليس سهلاً على الحزب إيجاد قائد لديه نفس الكاريزما والقدرة على الوصول إلى القاعدة الشعبية، فأي خليفة له سيحتاج إلى أعوام من الخبرة القيادية في هذا المجال، ولم يعد فقط زعيماً سياسياً أو عسكرياً بل أضحى رمزاً دينياً وشخصية محورية في "محور المقاومة"، يتجاوز تأثيره حدود لبنان لدول الجوار، وبالتالي فأي خليفة له يجب أن يحظى بالمستوى نفسه من الثقة والدعم من إيران لضمان استمرار هذا التعاون الحساس.

وأخيراً إن "نقطة التحول هي المرحلة الراحلة في اللعبة، بعد اغتيال حسن نصر الله وهنية، حيث لا عودة إلى الوراء، لذلك تحتاج إسرائيل، من ناحية، إلى إظهار أنها لا تستسلم، وهنا فلتقف إسرائيل وحلفائها لأن نصر الله لم يعد قادراً على الهرب، ومن ناحية أخرى، سيكون من الجيد أن نقدم له سببا للموت، دون أن يعلموا أن المقاومة ليست حسن نصر الله بل كل حُر في سوريا ولبنان واليمن وأي أرض يحتلها الاحتلال.

لفيانت: إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!