الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • مُواجهة روسيّة أمريكيّة جديدة، عنوانها “حظر الأسلحة على إيران”

مُواجهة روسيّة أمريكيّة جديدة، عنوانها “حظر الأسلحة على إيران”
إيران


لا يكاد الجانبان، الأمريكي الروسي، يتجاوزان تعارضاً في المصالح والأزمة السياسيّة حتّى تخرج لهما أزمة وصراع جديد، خاصة في الملف السوري والإيراني، إذ يحتدم التنافس بين واشنطن وموسكو لكسب النقاط وتثبيت المنجزات التي حقّقها كل منهما على الصعيد السوري خصوصاً، فيما يبقى الوضع الإيراني مترنّحاً، مع رغبة واشنطن في تشديد ومواصلة العقوبات عليها، ورغبة موسكو في رفعها بما يسمح للجانبين في تبادل أو بالأحرى تزويد موسكو لإيران بالسلاح. 


حيث وجّه مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، انتقاداً للولايات المتّحدة، أمس الثلاثاء/الثاني عشر من مايو، لمساعيها تمديد حظر الأسلحة على إيران، مشيراً أنّ الولايات المتّحدة لا تستطيع المطالبة بتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، لأنّها لم تعد عضواً في الاتّفاق النووي، قائلاً: “لا أرى سبباً لفرض حظر أسلحة على إيران من الناحية الفنية، لم يكن حتّى حظراً، بل حصة شراء معينة، ينتهي هذا القيد في الـ 18 من أكتوبر.. نقطة.. هذا واضح لنا”.


 


واستكمل المندوب الروسي: “قبل عامين، في 8 مايو 2018، أعلنت الولايات المتّحدة بفخر أنّها ستغادر خطّة العمل الشاملة المشتركة للبرنامج النووي الإيراني، وأغلقت الباب خلفها.. الآن تطرق هذا الباب قائلة: انتظروا، لقد نسينا أن نفعل شيئاً واحدا في الاتفاق.. دعونا نفعل ذلك ونغادر مرة أخرى.. هذا مضحك”.


إشارات أمريكية استباقاً للأحداث


وأتى الحديث الروسي عقب تصريحات عديدة لمسؤولين أمريكيين، استبقوا فيها ما قد يجري في أكتوبر القادم، فيما لو توافق الموقّعون على الاتّفاق النووي الإيراني، على رفع حظر الأسلحة عن طهران، ما قد يسمح لها بشراء أو بيع الأسلحة، حيث نبّه وزير الخارجيّة الأميركي، مايك بومبيو، في التاسع عشر من أبريل من انتهاء حظر بيع الأسلحة المفروض على إيران بعد 6 أشهر، معتبراً إيران بأنّها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم.


وذكر عبر حسابه في “تويتر”: “ينتهي حظر الأسلحة المفروض على إيران، أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، بعد 6 أشهر من اليوم، يجب على مجلس الأمن الدولي تمديد الحظر قبل تصاعد العنف الإيراني وبدء سباق تسلّح جديد في الشّرق الأوسط”، منبّهاً من أنّ “الوقت ينفد”، ومردفاً: “في العام الماضي، أطلقت إيران صواريخ باليستيّة على جيرانها، وزرعت ألغاماً واستولت على ناقلات النفط، وهرّبت الأسلحة إلى مناطق النزاع، وأسقطت طائرة ركاب مدنيّة، لا يمكننا المخاطرة بشراء إيران أسلحة أكثر تقدّماً ونقل ترسانتها إلى جهات فاعلة غير مسؤولة”.


 


ويدور الحديث الأمريكي الروسي هنا حول قيود على بيع وشراء الأسلحة الخاص بإيران، والتي أتت في إطار القرار الدولي رقم 2231، الذي صادق على الاتّفاق النووي، وترى الإدارة الامريكية أنّه في حال رفع القيود على ملف السلاح، فإن إيران ستلجأ من غير قيد إلى إيصال السلاح إلى التنظيمات التي تدعمها أكثر مما تفعل حالياً.


محاولة أمريكية للالتفاف على الاتّفاق النووي


ولأنّ الخروج من الاتّفاق النووي الذي توجّهت إليه الإدارة الأمريكية في العام 2018، حرم واشنطن من حقّها في مواصلة معاقبة إيران ضمن المجموعة الموقّعة للاتفاق، والتي تشمل إيران والدول الكبرى متمثّلة بالدول الخمس، دائمة العضويّة في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا المعروفة بمجموعة 5+1، والتي كانت تنصّ على تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران بشكل تدريجي. يبدو أنّ الأمريكيين باتوا يشعرون بأنّهم قد فقدوا أحد أوراق القوّة التي كانت قد تمكّنهم من معاقبة إيران في إطار دولي واسع.


وللالتفاف على تلك المعضلة، أفصحت صحيفة “نيويورك تايمز”، في السادس والعشرين من أبريل، عن أنّ وزير الخارجيّة الأمريكي، مايك بومبيو، يتحضّر لطرح خطة “جهنميّة” تلغي انسحاب واشنطن من الاتّفاق النووي مع طهران، كجزء من خطّة معقدة لزيادة الضغط على إيران، مشيرةً أنّ بومبيو وضع تلك الخطّة المعقدة كي تتمكن الولايات المتّحدة، بوصفها عضواً أساسياً موقعاً على الاتفاق النووي، من تمديد حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي، أو تفعيل “آليّة الزناد” (العقوبات التلقائيّة) لعودة عقوبات الأمم المتّحدة.


 


وبيّنت الصحيفة في تقرير لها، بأنّ بومبيو يتحضّر لمشروع قانون لهذا الغرض، يسمح للولايات المتّحدة بالبقاء عضواً في الاتفاق النووي مع إيران، مشددةً أنّ هذا المشروع يأتي باعتباره جزءاً من استراتيجيّة معقدة، لمضاعفة الضغط على مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة، لكي يطيل حظر الأسلحة الذي يفرضه على إيران أو يفرض عقوبات أكثر شدّة.


إيران مُصرّة على رفع الحظر عنها


أما طهران التي يعنيها الحظر بالدرجة الأولى، فيبدو أنّها متحمّسة جداً لرفعه عنها، وليست على استعداد بتاتاً لاستمراره عليها، إذ يبدو أنّه قد نال منها، لدرجة أنّ علي شمخاني، أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، قد اعتبر في الثالث من مايو، أنّ الاتفاق النووي مريض وسيتلاشى في حال تمديد حظر التسلّح “غير القانوني” على إيران.


وغرّد على “تويتر” بالقول: “الاتّفاق النووي مريض وسيموت إلى الأبد، في حال الالتفاف على القرار الأممي 2231 وتمديد حظر التسلّح غير القانوني على إيران”، مستكملاً: “فيروس الحظر هو أداة البيت الأبيض لمواصلة هيمنة أمريكا الآخذة في الأفول. في أيّ جهة تقف أوروبا، جهة حفظ ماء الوجه وتعزيز السياسة متعددة الجوانب، أم قبول الذلّ مجدداً ودعم السياسة الأحادية؟”، فيما نبّهت الحكومة الإيرانيّة من أنّ تمديد الحظر الأمريكي على شراء إيران السلاح “سيواجه بردّ قاسٍ”.


 


وعليه، من المتوقّع أن تشهد الفترة القادمة احتداماً أكبر بين موسكو وطهران إلى جانب بكين من جهة، وواشنطن بشكل خاص من جهة أخرى، حيث ستحاول الأخيرة ضمان تمديد حظر الأسلحة عن طهران قبل أكتوبر القادم، فيما ستكشف الأيام إمكانيّة واشنطن على فعل ذلك، في مواجهة الدب الروسي المتضرّر الآخر من الحظر، كونه لا يستطيع بيع الأسلحة إلى إيران بموجب ذلك الحظر.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة







 



كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!